يوم الجمعة الماضى ساهمت الظروف فى ترتيب زيارة لمنطقة الحسين لأداء صلاة الجمعة وأيضا صلاة الجنازة على أحد رواد النقد الفنى زميلنا المرحوم زكى مصطفي.. وكانت المرة الثانية لى الزيارة لمنطقة الحسين وخان الخليلى مرورا بشارع الأزهر خلال خمسة أشهر.. وكانت المرة السابقة مرافقاً لأوائل الثانوية العامة خلال الجولة التى نظمتها لهم هيئة التنشيط السياحى من خلال البرنامج الذى تعده جريدة الجمهورية للأوائل..
والزيارة السابقة كانت يوم أحد.. وكانت معظم المحلات والبازارات مغلقة فلم أشعر بما شعرت به يوم الجمعة.. والفارق كبير.. جميع المحلات مفتوحة .. وكلها دون استثناء تفرش بضائعها خارج المحل.. على الرغم من ضيق الشارع.. والمحلات على الجانبين..لتصبح المنطقة المخصصة للمشاة أوالراغبين فى الشراء لا تتجاوز المترين.. مما يصعب معه السير فى الشوارع.. حتى سور مسجد سيدنا الحسين لم يسلم من الباعة الجائلين الذين افترشوا السور والرصيف ونهرالشارع.. ليكتظ الشارع بالبشر المشاة.. إلى جانب الباعة الجائلين.. والمشاة فى الاتجاهين الذين يجدون صعوبة بالغة فى السير.. وكل هذا يدفعك للتفكير فى سكان المنطقة او الزوار.. ماذا سيحدث لاى منهم لو تعرض لوعكة صحية ويحتاج نقلة إلى أحد المستشفيات بسرعة لإنقاذه وإسعافه.. حتى لو كانت مستشفى الحسين الجامعى التى لا تبعد أكثر من 500 متر من منطقة الخان.. ولماذا سمحنا لاصحاب المحلات بافتراش بضائعهم فى نهر الطريق.. لأجدنى أجيب على الفور أنه لو التزم اصحاب المحلات والبازارات ولم يعرضوا بضاعتهم فى نهر الطريق.. فسيأتى الباعة الجائلون ويحتلون نهر الطريق ويفترشون بضاعتهم.. وأعتقد أن هذا كان الدافع الأكبر لأصحاب المحلات والبازارات لفرش بضاعتهم خارج محلاتهم.. وهذا نموذج موجود فى نطاق القاهرة الكبري..فتجد هذا النموذج فى وسط القاهرة ومنطقة روكسي.. والعديد من الأماكن الأخري.. وربما هذا النموذج تكرر فى مختلف المحافظات.. أن ظاهرة افتراش الشوارع واحتلال الأرصفة من الباعة الجائلين أو أصحاب المحلات أصبحت ظاهرة سلبية.. واستمرارها ربما يصعب من حلها بصفة مؤقتة.. أو الوصول إلى حل نهائى لها.. ولنا فى منطقة وسط القاهرة وما شهدته عمليات إزالة الباعة الجائلين.. واستعادة الأرصفة تجارب عديدة.. وهناك شوارع عديدة فى وسط القاهرة تشعر انها أصبحت ملكية خاصة للباعة الجائلين.. وعلى سبيل المثال ولا الحصر شارع 26 يوليو خلف مبنى وزارة الخارجية وصولا الى شارع الجلاء والمنطقة أسفل كوبرى 6 أكتوبر عند محطة جمال عبدالناصر» أو صيدلية الإسعاف «.. ومعظم شارع وسط القاهرة.. وهذا ايضا لاحظته الاسبوع الماضى عندما كنت فى الطريق لشارع خيرت بعابدين عندما خرجت من مترو الانفاق فى محطة سعد زغلول.. لأجد نفسى داخل سوق يبيع كل شيء من خضراوات وملابس وأحذية وخلافه.. ولفت نظرى أن الشارع الذى يحتوى على العديد من العمارات السكنية.. تغيرت ملامحه ليصبح سوقا.. وأن عدداً كبيراً من الباعة الجائلين قد انتهوا من عملهم اليومي.. ولكنهم لم يصطحبوا بضائعهم معهم.. ولكنهم قاموا بتغطية « الفرشة « الخاصة بهم بأكياس من البلاستيك وتم تحزيمها بالحبال.. وكأنهم اغلقوا محلاتهم وعادوا الى منازلهم.. دون مراعاة لسكان الشارع..
ودار تفكيرى فيما كان يمكن أن يكون موقفى إذا عدت من عملى لأجد الشارع الذى أقطن به وقد تحول الى سوق.. وعلى أن أبحث عن مكان خارج الشارع الذى اقطن به لركن سيارتي.. وعلى أن أحمل ما اصطحبه من مشتروات من مدخل الشارع الى المنزل.. لأن الباعة الجائلين الذين يسيطرون على الشارع لم يتركوا لنا فرصة المشي.. فما بالك دخول سيارتنا الى الشارع.. وهو نفس الامر لو كنت عائدا من السفر ومعك بعض الحقائب.. ووصل تفكيرى أيضا الى حالات الطوارئ مثل اندلاع حريق لا قدر الله.. أو تعرض احد السكان لوعكة صحية وحاجته لنقله الى أحد المستشفيات.. كيف سيكون التصرف.. واعتقد ان بداية هذه الازمة بدأت صغيرة من خلال فرش أحد الباعة الجائلين ثم الثانى والثالث حتى تم الاستحواذ على الشارع بأكمله..فى غفلة من الحي.. والآن أصبحنا امام مشكلة كبيرة تحتاج سنوات لحلها..والمشكلة ليست فى الحسين او وسط البلد فقط او حتى عابدين..ولكن أيضا ممتدة الى ميدان العتبة وشارع الجيش والازهر.. المشكلة اصبحت كبيرة وتحتاج جهودا جبارة لنستعيد الشوارع والأرصفة.. وتحتاج قرارات حازمة وحاسمة.. وتحيا مصر .