يعتبر ملف التعديات على الأراضى الزراعية من أخطر التحديات التى تواجهها الحكومة المصرية سعيا لوقف نزيف التعدى على الأراضى الزراعية التى تعتبر قضية أمن قومى لأنها ثروة للأجيال القادمة والمصدر الرئيسى لتحقيق الأمن الغذائى وقد نجحت الحكومة فى جهودها فى خفض نسبة التعديات والتصدى لها ومواجهتها بكل حزم وقوةبسبب التعدى الجاسم للظاهرة واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد أى معتدٍ على الأراضى الزراعية وهذا ما أكده مسئولو وخبراء الزراعة لـ«الجمهورية»، فالدولة نجحت فى خفض معدلات التعدى بنسب كبيرة بسبب قوة المواجهة.. والأهم لا تترك مساحة من الوقت بل تزيل التعديات فى المهد.
الدكتور أحمد عصام رئيس قطاع الخدمات الزراعية والمتابعة بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى قال : أنه تنفيذا لتوجيهات علاء فاروق وزير الزراعة لقطاع الخدمات الزراعية والمتابعة والإدارة المركزية لحماية الأراضى تتم مواصلة الجهود لإزالة التعديات على الأراضى الزراعية، ومواجهتها بكل حزم وقوة، والضرب بيد من حديد على المتعدين على الأراضى الزراعية، واتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة ضدهم، وعدم التهاون معهم.. موضحا أنه يتم اتخاذ الإجراءات القانونية فور وقوع المخالفة ضد أى متعد على الارض الزراعية وتتم الازالة الفورية من خلال التنسيق مع الجهات الأمنية والوحدات المحلية والمحافظات بعد إجراء المحاضر.
أضاف التعديات طوال العقود الماضية تسببت فى إهدار مساحات كبيرة من الأراضى وأصبح أن نصيب الفرد من الأراضى الزراعية حاليا لا يتعدى قيراطين فى ظل الزيادة السكانية فلابد أن نحافظ على هذه الأراضى لأنها مصدر للغذاء وثروة للأجيال القادمة.. مشيرا إلى أن التعدى على الأراضى الزراعية جريمة مخلة بالشرف طبقا للقانون.
ومن جانبه أكد الدكتور عبدالوكيل أبوطالب مدير معهد الاقتصاد الزراعى بمركز البحوث الزراعية أن من أهم المشاكل التى تواجه القطاع الزراعـــى هى التعـــدى على الأرض الزراعية والتفتت الحيازي.. موضحا أن إستراتيجية التنمـــية الزراعيـــة فى مصر حتى عام 2030 تســـتهدف زيـــادة معـــدلات الاعتماد على الذات فى توفير سلع الغذاء الإستراتيجية من 48.8 ٪ للقمح، و51 ٪ للــــذرة الشامية عام 2011 إلى 80.8 ٪ للقمح، و91.9 ٪ للذرة الشامية عام 2030، وهذه الإستراتيجية تستلزم وقف ظاهرة التعدى على الأراضى الزراعية والتى تعد أحد أهم الموارد الاقتصادية الزراعية فى توفير الغذاء، حيث بلغت جملة مساحة الأراضى الزراعية التى تم التعدى عليها بالبناء خلال الفترة من 1983 إلى عام 2010 حوالى 64 ألف فدان إضافة إلى التعدى على حوالى 38.46 ألف فدان منذ أحداث 25 يناير 2011 وحتى 2014، وبلغت نسبة التعدى على الأراضى الزراعية 9.002 ألف فدان عام 2015، ونحو 35 ألف فدان خلال الفترة 2015-2020 وهذه مساحات كبيرة فقدناها.
مشددا أن التعدى على الأراضى الزراعية يمثل تهديدًا خطيرًا للأمن الغذائي، حيث يؤدى إلى تناقص المساحات المزروعة، وانخفاض الإنتاجية، وزيادة فاتورة الواردات الزراعية، مما يزيد من الاعتماد على الخارج ويضعف من قدرة الدولة على تلبية احتياجاتها من الغذاء.
مضيفا أن تلك التعديات على الأراضى الزراعية تؤثر سلبيًا على تحقيق الأمن الغذائي، وهذا يتبين من خلال قياس ذلك الأثر على كل من محصولى القمح والأرز خلال الفترة من «2023-2028».. مشيرا إلى أنه من خلال الدراسات التى أجريت فى هذا الصدد تبين بالنسبة لمحصول الأرز فإن الدراسات التى أجريت فى هذا الصدد تبين أن كمية الإنتاج المفقودة تبلغ نحو 5.24 ألف طن عام 2023، ومن المتوقع انخفاضها إلى حوالى 1.08 ألف طن عام 2028 ومن ذلك بفرض تعميم تلك النتائج على جميع المحاصيل المزروعة لكانت الخسائر كبيرة وتأثيرها على الأمن الغذائى أكبر . حيث يقدر حجم الإنتاج من المحاصيل الزراعية الذى فقد نتيجة التعدى الكمى على الأراضى الزراعية لكل 35 ألف فدان فى حالة زراعة القمح فى العروة الشتوى يعقبه ذرة شامية فى العروة الصيفى بحوالى 87.42 ألف طن من محصول القمح، 105.71 ألف طن من محصول الذرة الشامية مما أثر على مساهمة الإنتاج المحلى فى الأمن الغذائى المصري.
أوضح مدير معهد بحوث الاقتصاد الزراعى أن البيانات الخاصة بالنشرة السنوية لاستصلاح الأراضى الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء أشارت إلى أن عدد حالات التعدى بلغت نحو 24135 حالة خلال عام 2023 مقابـل 89509 عـام 2018 بنسـبة انخفاض قدرت بنحو 73 ٪ بينما بلغت المساحة التى تمت التعدى عليها 1109 أفدنة عـام 2023 مقابـل 4246 فداناً عـام 2018 بنسبة انخفاض قدرها 74 ٪ وسجل عدد ما تمت إزالته 17608 حاللات إزالة عام 2023 مقابل 118541 حالة إزالة عام 2018 بنسبة انخفاض قدرت بنحو 85 ٪. فى حين بلغت مسـاحة ما تم إزالته 824 فدان عام 2023 مقابـل 6567 فدان عام 2018 بنسبة انخفاض قدرت بنحو 87 ٪. يرجع السبب فى انخفاض نسبة التعديات على الأراضى الزراعية التى تم إزالتها إلى انخفاض التعديات الفعلية على الأراضى الزراعية خلال الخمس سنوات الأخيرة نظراً لحسم الدولة واصرارها على مواجهة الظاهرة وتطبيق الإجراءات القانونية التى تجرم التعدى على الأراضى الزراعية.
وحول جهود الدولة فى الحد من التعديات على الأراضى الزراعية أكد الدكتور على إبراهيم رئيس بحوث متفرغ بقسم بحوث اقتصادات الأراضى والمياه بمركز البحوث الزراعية ان وزارة الزراعة تبذل جهودا مستمرة لمواجهة كافة أشكال التعدى على الأراضى الزراعية، بالتعاون مع أجهزة الدولة المختلفة، وتطبيق القانون بكل حزم لردع المخالفين وحماية الثروة الزراعية المصرية، داعيا كافة المواطنين إلى التعاون مع الأجهزة المعنية والإبلاغ عن أى تعديات لضمان الحفاظ على مقدرات الوطن حيث يعد القطاع الزراعى أحد الدعائم الأساسية لاقتصاد الدولة، وركنًا إستراتيجيًا فى مساعى تحقيق الأمن الغذائى الذى أصبح ضرورة ملحة فى ضوء المتغيرات العالمية، وهو ما دفع الدولة لاتخاذ إجراءات صارمة تضمن عدم التهاون والتعامل بحسم تجاه التعديات على الأراضي، مع تطوير أدوات الرصد والرقابة.. من خلال مراكز المتغيرات المكانية التى ترصد أى مخالفة لإزالتها فى المهد، من خلال تنسيق العمل بين مختلف المؤسسات المعنية للحفاظ على الرقعة الزراعية ووقف البناء العشوائي، فضلاً عن التوسع فى المشروعات الزراعية لتعويض الخسائر التى خلفتها التعديات على مدار السنوات الماضية، وهى الجهود التى لاقت إشادة المؤسسات الدولية على نطاق واسع.
وأشاد بالجهود الناجحة للدولة لإزالة التعديات على الأراضى ومن أهمها إصدار القوانين والقرارات الرادعة لوقف التعديات، حيث يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه كل من تعدى على أرض زراعية أو أرض مملوكة للدولة وفقاً للقانون رقم 164 لسنة 2022، والقانون رقم 164 لسنة 2019، فضلاً عن إيقاف صرف الأسمدة المدعمة لنحو 18 ألف منتفع شاملة سرقات الكهرباء والتعدى على أراضى أملاك الدولة، والأراضى الزراعية. بالإضافة الى الموافقة على مشروع قرار بإيقاف جميع أنواع الدعم للمتعدين على الأراضى الزراعية، علاوة على إيقاف الدعم التموينى لنحو 82 ألف مخالف، بسبب التعدى بالبناء على الأراضى الزراعية حتى 17 سبتمبر 2024.
وفى الوقت نفسة التوسع فى استصلاح الأراضى لتعويض خسائر التعديات على الأراضى الزراعية، لافتًا إلى أن أكثر من 2 مليون فدان هو إجمالى المساحة المستصلحة منذ 2014، موضحًا أن من بين أبرز المشروعات مشروع الدلتا الجديدة، والذى بلغت المساحة المنزرعة الحالية ضمنه 800 ألف فدان، من إجمالى 2.8 مليون فدان، ومن بين أبرز المشروعات أيضًا، مشروع تنمية سيناء، لتصل المساحة المنزرعة الحالية 285 ألف فدان، من إجمالى 1.1 مليون فدان، بجانب مشـروع الريف المصري، لتصل المساحة المنزرعة الحالية إلى 400 ألف فدان، من إجمالى 1.5 مليون فدان، بالإضافة إلى مشروع توشكي، والذى بلغت المساحة المنزرعة الحالية فيه 470 ألف فدان، من إجمالى 1.1 مليون فدان.
ومن جانبه يؤكد الدكتور سيد خليفة نقيب الزراعيين ان التعديات على الأراضى الزراعية جريمة كبيرة لأنها هى التى توفر الأمن الغذائى وخصوصا فى الوادى والدلتا لأن إنتاجية الأرض الزراعية بها عالية جدا، مبينا أن التعدى على الأرض الزراعية يعتبر جريمة فى حكم القانون.. والدولة تبذل جهودا كبيرة لوقف التعدى على الأراضى الزراعية إضافة إلى التشريعات التى أصدرها البرلمان متضمنة تشديد العقوبات على حالات التعدى على الأراضى الزراعية.
مشيدا بالمجهودات الكبيرة التى تبذلها الحكومة ممثلة فى وزارة الزراعة والتنمية المحلية والداخلية وهم المعنيون بملف التعديات على الأراضى الزراعية وفى ظل ان الحكومة وجدت البديل للمتعدى على الأراضى من خلال السماح له بالترخيص بالبناء دور ثان وثالث فى بيته بسبب الزيادة فى الكثافة السكانية فى الريف الا أنه مازال هناك حالات للتعدى وخاصة أيام الأجازات والأعياد وبالتالى أصبح أى شخص يتعدى على الأرض الزراعية فى ظل المجهودات التى تبذلها الدولة وتطوير الريف المصرى من خلال مشروع «حياة كريمة» وتبطين الترع مجرم بحكم القانون
وطالب نقيب الزراعيين من الحكومة بأنه لابد ان تتم موافقة على مشروعات النفع العام فى داخل الأحوزة العمرانية وليس وسط الأحوزة الزراعية فى الأماكن المتاخمة لمبانى القرية.
وأضاف انه خلال الـ4 سنوات الأخيرة حالات التعدى على الأراضى الزراعية انخفضت بنسبة كبيرة جدا عن عام 2011 و2012 و2013 بفضل مجهودات الدولة وحسها الواضح فى هذا الملف.
وأوضح انه فى حالة حدوث تعد على الأرض الزراعية يتم رصده من خلال وحدة التغييرات المكانية من خلال القمر الصناعى ويرصد المخالفة المهندس الزراعى ويرشد عنها ويأتى بعد ذلك دور وزارة التنمية المحلية والداخلية فى إزالة التعدى مشيرا إلى ان دور المهندس الزراعى فى ملف التعديات هو الإرشاد فقط عن المخالفة ويقوم بعملية الإزالة الوحدة المحلية بالتنسيق مع القوات الأمنية.
وأكد على ضرورة زيادة عدد المهندسين الزراعيين داخل الجمعيات الزراعية حتى يستديم قطاع الزراعة بصفة عامة مع توفير وسيلة للنقل لسرعة رصد المخالفة.
كما طالب نقيب الزراعيين بإنشاء شرطة متخصصة لحماية الأراضى الزراعية من التعديات فهى أمن قومى أسوة بباقى القطاعات الأخرى كالكهرباء والمسطحات المالية والنقل والمواصلات وهو أحد الحلول والمحاور المهمة جدا فى هذا الملف.
