ستظل مصر رائدة فى الفكر والثقافة، وسيبقى الكتاب الورقى هو «سيد» المشهد لدى راغبى البناء المعرفى القائم على أسس من التوثيق بعيداً عن الذى تحمله صفحات التواصل الاجتماعى والتى تعتبر بوابة لكتائب التزوير والتزييف للحقائق والتدليس فى الوقائع.. أمس الأول اختتمت مسابقة تحدى القراءة العربى فى نسختها التاسعة .. شارك فى فعالياتها ما يزيد عن مليونى طالب وطالب من الأزهر، وصل منهم إلى المستوى الأول لتمثيل مصر فى فعاليات التحدى بالإمارات محمد أحمد الحسانين الطالب بالصف السادس الابتدائى بمعهد طلخا الأزهرى التابع لمنطقة الدقهلية الذى تحدث لـ «الجمهورية» قائلاً: إن إحساسه وقت إعلان فوزه بالمركز الأول يشبه الطائر الذى حُرر من قفصه، وهذا من فضل ربى فقد ظننت به سبحانه وتعالى خيراً فجبر جهدى بفوز عظيم فى أول مشاركة لى بهذه المسابقة فلم أتمالك نفسه سوى بالسجود لله رب العالمين، محمد له شقيقتان سما بالصف الخامس الابتدائي، وفرح بالصف الثالث الابتدائى وهما تحبان القراءة مثل أخيهما، وقد اختار محمد القراءة فى مجالات متنوعة كالذكاء الاصطناعى والبرمجة والكتب الإسلامية، وعلم النفس، إضافة إلى قراءة الكتب المترجمة والانفتاح على ثقافات متعددة رغم حداثة سِنْهِ، مؤكداً على أنه من الأشخاص الذين يحبون السمع وبدأ بالكتب المسموعة والتى شكلت له حصيلة جيدة لينتقل بعدها للكتب الورقية والمجلات.
حصل محمد العام الماضى على المركز الأول فى مسابقة «الملتقى الفكري» على مستوى المعاهد الأزهرية كما أنه حافظ لـ 18 جزءاً من القرآن الكريم، وشارك فى مبادرة تعلم «البرمجة» بجامعة المنصورة، ويدير قناة على «يوتيوب» تتناول موضوعات البرمجة، يرى محمد أن والدته استثمرت فيه ونظرت إليه بأنه بمثابة أرض طيبة قامت بتجهيزها وتهيئتها للزراعة ووضعت فيها بذور لمعرفة ومحبة الاطلاع فأنبت هذا النبات الذى تعرفونه الآن، وإخواتى البنات هم أصدقائى وأصحابي، مضيفاً أنه يريد أن يصبح مبرمجاً فى المستقبل ويصنع موقعاً خاصاً به..
أكدت والدته باحث ماجستير بجامعة المنصورة والحاصلة على ليسانس الدراسات الإسلامية من جامعة الأزهر أن ابنها محمد محب للقراءة منذ صغره فبدأ بالاستماع إلى الكتب الصوتية وكان ينام وهو يستمع إليها حتى لفت مشرف المعهد انتباهها إلى نبوغ محمد واتساع مداركه فنبهها إلى ضرورة إشراكه فى تحدى القراءة العربي، وهو ما تحقق بالفعل حيث بدأ محمد رحلة جديدة مع الكتب الورقية فقرأ مجموعة كبيرة منها ثم اختار منها خمسين كتابا للمسابقة اختارها بعناية لكونها الأقرب إلى عقله والأحب إلى نفسه
أضافت أنه خلال مراحل التصفيات سواء على مستوى الإدارة أو الإدارة المركزية لفت محمد الأنظار إلى قدرته على القراءة النقدية ورصد مميزات وعيوب الكاتب
وننتقل إلى تحد مصرى جديد وإعجاز من ثمار ذووى الهمم الذين وضعتهم الدولة فى عيونها للارتقاء بهم والبحث عن قدراتهم، حيث حقق المركز الأول بين ذووى الهمم فى مسابقة تحدى القراءة العربى الطالب محمد رضا الشحات ابن محافظة الشرقية الذى حقق إنجازاً كبيراً بالفوز بالمركز الأول فى مسابقة «تحدى القراءة العربي» بعد رحلة مليئة بالعزيمة والإصرار وتحدى الصعاب، حيث أوضح فى تصريحات لـ «الجمهورية» أن الفوز بالمركز الأول كان شعوراً لا يُوصف، مضيفاً أنه قد خطر بباله كل شيء إلا الفوز بهذا اللقب، معلناً أن صاحب الفضل فى ذلك التفوق وكيل الأزهر الشريف الدكتور محمد الضوينى الذى قال له «اجتهد وجِّد واسع ولا تتوقف وستصبح عالماً كبيراً فى المستقبل».
محمد الابن الأكبر للعائلة يعيش مع والده الذى يعمل نجار موبيليا ووالدته ربة منزل وثلاثة أشقاء فى منزله بقرية أنشاص الرمل التابعة لمركز بلبيس، ومنذ بداياته كانت هذه الأسرة أكبر داعم له إضافة إلى أساتذته ومعلميه وهم من شجعوه على التقدم للمسابقة.
يقول محمد إن الاشتراك جاء بتحفيز من الأساتذة وبعض الأصدقاء ومن هنا انطلق لتحقيق حلمه، وقد تخطى محمد الطالب بالصف الثالث الثانوى الأزهرى كل العقبات التى واجهته فى حياته الدراسية والشخصية ولم يقف فقدانه للبصر عائقاً أمام شغفه وحبه للقراءة فاستعان بالهاتف والتطبيقات الإلكترونية وساندته شقيقته الصغرى فى قراءة بعض الكتب ويؤكد «رُزقنا بالبصيرة».
قرأ محمد 200 كتاب وانتقى منها 50 كتاباً للاشتراك بالمسابقة فى مجالات مختلفة أبرزها التاريخ والدين ومنها «البداية والنهاية» لابن كثير، وحرص على تقديم رؤية نقدية لكل كتاب.
طموح محمد لا ينتهى فهو يريد أن يصبح داعية إسلامياً على مستوى العالم ممثلاً للأزهر الشريف ويحلم بالتدريس فى قاعات الأزهر، موضحاً أن قدوته فضيلة الإمام الأكبر د.أحمد الطيب قائلاً «أدامه الله لنا حصناً حصيناً».
لا يقتصر تميز محمد على القراءة فقط بل إنه حافظ لكتاب الله كاملاً بخمس قراءات وحصل على المركز الأول فى حفظ القرآن الكريم على مستوى محافظة الشرقية ويحرص يومياً على مراجعة القرآن إلى جانب دراسته ويختم يومه بتسميع القرآن فى «كُتّاب» قريته.
وجه محمد الشكر والتقدير لأسرته لما بذلوه من أجله قائلاً: أستعد الآن بكل تركيز لاجتياز امتحانات الثانوية العامة متوقفاً مؤقتاً عن القراءة لحين انتهاء الاختبارات.
