الحقيقة، أن البداية لم تكن من مخرجات وتوصيات الحوار الوطنى بشأن ما تم التوافق عليه حول قضية الحبس الاحتياطى وتعديلات قانون الإجراءات الجنائية وضمان العدالة الجنائية كمبدأ مهم فى حقوق الإنســان، ولم نكن فى البداية من انطــلاق الحوار الوطنــى بدعــوة من الرئيس عبدالفتاح السيسى لكافة القوى السياسية والأحزاب وجميع الأطياف الوطنية، لبحث كافة الملفات والقضايا التى تهم الوطن والمواطن، نتحاور حتى وإن اختلفت الرؤى ووجهات النظر والأيديولوجيات، فنحن نختلف من أجل الوطن، ولا نختلف عليه.
البداية، أو قصة بناء الإنسان أو المفهوم الشامل لحقوق الإنسان، كانت مع تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى فى 2014، استشعر وأدرك الجميع أن أهم وأبرز أولويات الرئيس السيسى بناء الإنسان المصرى بالمفهوم الشامل وكل ما يتعلق بحياته ووجوده وشواغله وأزماته.. ونستطيع أن نقرأ دفتر أحوال العقد الأخير وتفاصيل ما جرى من نجاحات وإنجازات فى ملف بناء وحقوق الإنسان المصري، لنجد أن هناك طفرة غير مسبوقة.. فإذا كان الرئيس السيسى قد أحال توصيات ومخرجات الحوار الوطنى إلى الحكومة لاتخاذ الاجراءات التى من شأنها تفعيل هذه التوصيات المتوافق عليها، وهو ما تلقفته الحكومة وأعلنت على لسان الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء أنه سيجرى العمل على هذه التوصيات وتعديلات قانون الإجراءات الجنائية، ثم رفعها إلى البرلمان لمناقشتها مع بدء الدورة البرلمانية الجديدة فى أسرع وقت ممكن، فى إطار الحرص على تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان ومخرجات الحوار الوطني، خاصة أن الحبس الاحتياطى لم يتغير على مدار أكثر من سبعة عقود.. وجاءت توجيهات الرئيس السيسى بتخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس الاحتياطى كإجراء وقائى تستلزمه ضرورات التحقيق، دون أن يتحول إلى عقوبة، مع تفعيل بدائل الحبس الاحتياطى المختلفة والتفويض المادى والأدبى وجبر الضرر لمن يتعرض لحبس احتياطى خاطئ.
الإرادة السياسية حاضرة وبقوة فى إصلاح القضايا والملفات العالقة والمزمنة على مدار عقود طويلة.. لم تر الطريق إلى الإصلاح سوى فى عهد الرئيس السيسي، الذى ورغم التحديات الأمنية وما كادت الدولة تقضى على الإرهاب وترسخ الأمن والأمان والاستقرار، إلا وقام الرئيس السيسى بوقف حالة الطوارئ، إيماناً منه بأهمية حقوق الإنسان، ثم جميعنا يعرف حالة السجون فى الماضى خلال العقود الماضية.. لذلك وبإنسانية وبإرادة سياسية حاسمة، تقرر تغيير حتى المسميات بدلاً من السجون، تحول إلى قطاع الحماية المجتمعية، وتحولت السجون أيضا إلى مراكز الإصلاح والتأهيل.. وشتان الفارق، فالمراكز الجديدة تمثل حياة متكاملة للنزيل، تلبى احتياجاته الإنسانية والنفسية والآدمية، وتشمل كافة محاور حقوق الإنسان ورعاية واهتماماً طبياً وصحياً وتعليمياً، وتعلم حرف ومهن وحماية اجتماعية للنزيل وأسرته.. إذن المنظومة العقابية تغيرت جذرياً، ونحن بصدد ترسيخ العدالة الجنائية بشكل شامل ومتكامل.
فى مؤتمر صحفى للرئيس السيسى مع الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، كنت حاضراً خلال رد الرئيس السيسى بشكل عبقرى على إصرار الغرب على اختزال حقوق الإنسان فى محور واحد.. وإهمال باقى المبادئ والحقوق مثل الصحة والتعليم والأمن والاستقرار والحياة والعمل وحقوق الشهداء وأسرهم وهو ما يطبقه الرئيس السيسى فى مصر بشكل واضح منذ عام 2014، فى تخفيف معاناة المصريين والارتقاء بجودة حياتهم، ولولا تداعيات الأزمات والصراعات الدولية والإقليمية وما ترتب عليها من محن وشدائد اقتصادية لكافة دول وشعوب العالم ومصر جزء من العالم، لكانت تطلعات المصريين تحققت بشكل أفضل رغم ما تحقق من نجاحات.
الحوار الوطنى فى حد ذاته، يعنى أبرز وأهم مبادئ حقوق الانسان، لأنه يعنى حق الرأى والتعبير بحرية دون قيود وبلا خطوط حمراء، طالما أنه يحقق صالح الوطن والمواطن ويدار بشكل فى منتهى التحضر والرقى وهى أيضا مظاهرات إنسانية، نبيلة.. لكن هناك نجاحات على طريق المفهوم الشامل لحقوق الانسان، فالرئيس السيسى رفض أن يعيش قطاع أو جزء من المصريين فى مناطق غير لائقة ويسئ للإنسان المصرى وضد حقوق الإنسان.. لذلك قضى على المناطق العشوائية، ونقل أهاليها إلى مناطق راقية وحضارية تتوفر فيها كافة الخدمات والحقوق الإنسانية، وحصلت كل أسرة على وحدة سكنية بلا مقابل ومجهزة بكل شيء من أثاث وأجهزة ومفروشات مجاناً، وبتكلفة وصلت قبل تداعيات الأزمات العالمية والإقليمية إلى 85 مليار جنيه، من أجل كرامة الإنسان المصرى وحقه فى السكن الكريم والحياة الكريمة.. ناهيك عن الاهتمام غير المسبوق بالرعاية الصحية والقضاء على فيروس «سي» وقوائم الانتظار والمبادرات الرئاسية فى مجال الصحة.
وعلى طريقة حقوق الإنسان بالمفهوم الشامل وتحقيق العدالة الجغرافية فى توزيع عوائد التنمية وإعادة الاعتبار للريف المصرى الذى تعرض للحرمان والنسيان خلال العقود الماضية.. أطلقت المبادرة الرئاسية «حياة كريمة»، مشروعاً عظيماً هو تطوير وتنمية قرى الريف المصرى لإتاحة كافة الحقوق للمواطن من خدمات حضارية وتوفير متطلباته بما يتواكب مع العصر والارتقاء بجودة حياته وتطوير القرى وتزويدها بكافة الخدمات من كهرباء ومياه نظيفة وصرف صحى واتصالات ووسائل نقل ومستشفيات ومدارس وطرق ومراكز شباب ومراكز للخدمات الحكومية ومراكز لخدمة الفلاح وغيرها من الخدمات واستثمرت الدولة فى المرحلة الأولى 350 مليار جنيه وحققت ميزانية للمرحلة الثانية 150 مليار جنيه والمشروع يستهدف تطوير وتنمية 4584 قرية بما يقرب من 60 مليون مواطن يعيشون فى قرى الريف المصري، تحقيقاً للمفهوم الشامل لحقوق الانسان والعدالة فى توزيع عوائد التنمية.
لك أن تتصفح منظومة الخدمات التى تقدم للمواطن، سواء من وسائل النقل الحديثة وتطوير عصرى للسكة الحديد والمترو.. كل ذلك وغيره، يعنى أن الدولة المصرية تولى اهتماماً كبيراً بالارتقاء بجودة حياة المواطن المصرى وتدعم الفئات الأكثر احتياجاً بمظلة حماية اجتماعية غير مسبوقة من خلال معاش أو برنامج «تكافل وكرامة» والكثير من المبادرات، وأيضا جهود التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموي، وسوف تصل إلى مستويات أفضل وطفرات مع انتهاء الصراعات والأزمات العالمية، التى ألقت بظلالها على اقتصادات الدول ومشروعات وخطط التنمية.. لكن الإرادة السياسية عازمة على تحقيق آمال وتطلعات المصريين.. وأيضا تعويضهم، لأنهم بطل قصة النجاح المصرية، وسر أسرار الأمن والاستقرار والاصطفاف الذى تشهده مصر.. رغم التأثيرات القاسية لصراعات وأزمات عالمية لا ذنب لنا فيها.. لكن المصريين كما قال الرئيس السيسي: يستحقون وهم أبطال الملحمة.