فى مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ لعام 2022 (COP27) الذى انعقد فى مصر، اتخذ القادة السياسيون خطوة تاريخية بتأسيس صندوق للخسائر والأضرار بقيمة 750 مليون دولار، بهدف دعم الدول النامية التى تعانى من آثار الكوارث الناجمة عن تغير المناخ. فعندما تضرب الكارثة، سواء كانت إعصارًا، فيضانا، أو حرائق غابات، تواجه الدول تحديًا فوريًا وصعبًا يتمثل فى تلبية الاحتياجات الملحة للسكان المتضررين حيث تلعب السيولة الطارئة دوراً أساسياً فى ضمان استجابة سريعة وفعالة، فتمثل طوق نجاة حيويًا قد يحدث فرقًا كبيراً.
قد يبدو مبلغ 750 مليون دولار مقبولًا للبعض، ولكن بصفتى رئيسًا لتحالف التحضر المستدام (CSU) وقائدًا للعديد من المشاريع المستدامة على الصعيد العالمي، أرى أن هذا المبلغ غير كافٍ بتاتًا ويحتاج إلى زيادة كبيرة. مثال واضح على ذلك هو الفيضانات المفاجئة التى اجتاحت إندونيسيا فى عام 2020، والتى خلفت خسائر مالية ضخمة، حيث نزح حوالى 60,000 شخص، وتجاوزت تكلفة الأضرار الناجمة عن الفيضانات 650 مليون دولار، بما فى ذلك الأضرار التى لحقت بالبنية التحتية والممتلكات وسبل العيش.
فى مثل هذه الأوقات الحرجة، يصبح الوصول الفورى إلى السيولة المالية أمرًا لا غنى عنه، حيث تتيح السيولة الطارئة للدول التصرف بسرعة. فهى تمول عمليات البحث والإنقاذ، وتوفر المساعدات الطبية، وتضمن تأمين الغذاء والمأوى للمجتمعات النازحة. كما تُمكن السيولة الدول من الشروع فورًا فى جهود إعادة الإعمار، وإصلاح البنية التحتية والمرافق التى تحتاج إلى تدخل عاجل من المياه النظيفة إلى الإمدادات الطبية اذ تضمن السيولة الطارئة وصول الاحتياجات الأساسية إلى المتضررين دون تأخير.
رغم أن صندوق الأمم المتحدة للخسائر والأضرار المذكور أعلاه جدير بالتقدير، إلا أنه يتعين تمويله بشكل كافٍ وزيادته بشكل كبير ليحقق فائدة حقيقية للدول المنكوبة بالكوارث. ينبغى على الدول والجهات المانحة تعزيز مساهماتها لسد الفجوة التمويلية، بالإضافة إلى تطوير خطط شاملة لمواجهة الكوارث والتخطيط للسيناريوهات الأسوأ.
يجب أن تكون هناك جهود متعددة الأطراف، حيث تلعب البنوك الإنمائية والمنظمات الدولية دورًا رئيسيًا فى تعزيز التنسيق والابتكار وتخصيص الموارد. أعرف من التجربة الشخصية قيمة وتأثير هذا التعاون، حيث كان هذا جزءًا كبيرًا من العمل الذى قدته كعضو فى المجلس الاستشارى الأعلى لصندوق التأثير الاجتماعى التابع للأمم المتحدة (UNSIF-HLAB) وكمستشار استراتيجى لمنظمة التجارة العالمية (WTO).
مع تفاقم الأزمات المناخية، أصبحت السيولة الطارئة ضرورة لا تقبل التفاوض. يجب أن نعمل على تعزيز التحضر المستدام من خلال بناء مدن قادرة على الصمود أمام الكوارث، وتحسين الاستجابات الإنسانية عبر جهود منسقة لتخفيف المعاناة، مع الاعتراف بأنه لا توجد دولة محصنة ضد تأثيرات التغير المناخي.
الارتفاع المستمر فى مستوى سطح البحر والأحداث المناخية المتطرفة تشكل تحديات مستمرة لنا جميعًا. إن السيولة الطارئة ليست مجرد أرقام، بل تتعلق بإنقاذ الأرواح، وإعادة بناء المجتمعات، وضمان مستقبلنا المشترك.