واحد من أهم المؤلفين وكتاب السيناريو فى تاريخ الدراما المصرية والعربية.. الجراح الذى استطاع أن يحلل الشخصيات ويقدمها فى ملاحم درامية.. الكاتب الذى ابكانا في» الشهد والدموع « وجلسنا ليروى لنا حكايات «ليالى الحلمية» وذهبنا معه لنرى شخصيات حى «زيزينيا» وأثار بداخلنا الحماس حتى لا نرفع «الراية البيضا» وعشنا مع أبطاله فى «الحب وأشياء أخري».. وأعطى دروساً فى التربية من خلال «ضمير أبلة حكمت» و»أميرة فى عابدين».. كان أول كاتب دراما يسبق اسمه أسماء النجوم على التتر.. أسامة أنور عكاشة فارس الدراما والمفكر والأديب يمر على ذكرى وفاته اليوم 14عاماً.
ولد أسامة أنور عكاشة فى يوليو 1941.. بمحافظة كفر الشيخ.. وكان والده تاجراً كبيراً وفى مشهد قاس عاشه وهو ابن السابعة ماتت أمه التى كان متعلقاً بها بشدة ولم يجد له ملاذاً بعدها إلا الغرفة التى وضع بها مقتنياتها وكانت مليئة بالكتب فكان يقرأ الكتب وهو يستأنس برائحتها وفوق الرف راديو يستمع منه للموسيقى والأغانى القديمة ولبرنامجه الإذاعى الأحب الذى يقدمه بابا شارو. وداخل تلك الحجرة تشكلت وجدانه وأفكاره وكانت ولادة الأديب أسامة أنور عكاشة وكان أسعد أيامه وقتها عندما أرسل للبرنامج قصة من كتابته وهو طفل وتحمل اسم «المغامرة العجيبة» وأثنى عليها بابا شارو عبر الأسير وذكر لأول مرة اسم أسامة أنور عكاشة.
على الرغم من حبه للأدب الإنجليزى وقراءاته للعديد منه إلا أنه التحق بكلية الآداب قسم الدراسات النفسية والاجتماعية بجامعة عين شمس.
التحق بعد تخرجه بالعمل كأخصائى اجتماعى فى مؤسسة لرعاية الأحداث ثم مدرس ثم التحق بالعلاقات العامة بديوان محافظة كفر الشيخ.. ثم اخصائى اجتماعى برعاية الشباب بجامعة الأزهر وأثناء عمله الحكومى لم يترك يوما الأدب فكتب الكثير من الروايات والقصص وكان جزءاً من الحركة الأدبية الواسعة ولكنه كون وقتها أسرة ورزق بولد وثلاث بنات فكان العمل الحكومى هو الأمان لتلبية احتياجات تلك الأسرة خاصة أنه لم يكن يكسب مادياً من الأدب.
طلب منه سليمان فياض رئيس التليفزيون وقتها تحويل قصة من كتابته لسهرة تليفزيونية ونصحه أن يتوجه للكتابة التليفزيونية وحينها أدرك عكاشة قوة الصندوق الساحر وهو التليفزيون خاصة أن الأدب كان جمهوره محدوداًً وكان يقول نحن الأدب نقرأ لبعض.. ثم بدأ رحلته مع المخرج فخر الدين صلاح الذى اكتشف موهبته فى تحويل القصة لسيناريو وحوار وقدموا معاً سباعية «الإنسان والحقيقة» و»المشربية» و»أدرك شهريار الصباح».
رغم أن أشهر أعماله «ليالى الحلمية» و»زيزينيا» و»أرابيسك» وغيرهم الا ان الأقرب لقلبه كان «عابر سبيل» و»المشربية» و»قال البحر».
عام 1982 كان نقطة الانطلاق له حيث قدم استقالته من العمل الحكومى وتفرغ للكتابة فقدم رائعته «الشهد والدموع» وهو العمل الذى صنع نجوميته كمؤلف وكان الارتباط الأول بينه وبين الجمهور.. ثم قدم «أبوالعلا البشري» وكان يعكس وجهة نظر فى الشخص المثقف الذى يظن أنه قادر على تغير كل شيء لكن أثناء المحك العملى يكتشف أنه يمتلك سيفاً من خشب.
بدأت ملحمة «ليالى الحلمية» عام 1987 وهو انجح مسلسل قدم فى أجزاء وهو بداية التعاون الفنى بينه وبين المخرج إسماعيل عبدالحافظ.. وعرض به العديد من القضايا والحقب التاريخية وأرخ فيه للحركة العمالية فى مصر وقدم الحارة الشعبية وقال عكاشة عن المسلسل.. إنه قدم حى الحلمية الذى عاش فيه وأحب كثيراً من شخوصه وقدم ملمح من ملامح كل شخص تعامل معه فى ملامحاً شخصيات الرواية التى كتبها.
أنا السؤال وأنا الجواب
كان عكاشة مشغولاً بالهوية المصرية وجاء يتسأل على لسان أبطاله احنا عرب أم فراعنة وان الشخصية المصرية استطاعت أن تهضم كل الثقافات التى مرت بها وتكون نفسها.. وقال أيضاً أنا السؤال وأنا الجواب وأنا مفتاح الجواب وحل اللغز واتفق مع المخرج جمال عبد الحميد على تقديم أعمال عن الهوية المصرية فقدموا شخصية حسن أرابيسك الذى رشح له فى البداية الفنان عادل إمام ولأسباب تتعلق بالإنتاج لم يتم وجاء ترشيح الفنان أحمد ذكى الذى قرأه وأعجب بالدور لكن بسبب انشعاله بالسينما وقتها وكان عكاشة حريصاً على عرض المسلسل بشهر رمضان جاء ترشيح الفنان صلاح السعدنى الذى برع فى أداء الدور على حد قول المؤلف.. وتعاون أيضاً مخرجه مع الكاتب أسامة أنور عكاشة فى مسلسل «زيزينيا» واعتبره أيضاً مسلسل يناقش الهوية المصرية.
«ارتبط أسامة أنور عكاشة بحالة من العشق مع مدينة الإسكندرية أصيب بالسحر من رمالها وبحرها وعمق تاريخها اشترى شقة تطل على البحر وولد فيها العديد من بنات أفكاره وقدم عنها العديد من الروائع منها «الراية البيضا» و»ضمير أبلة حكمت» وجزآن من «زيزينيا « و»قال البحر».
كان المؤلف أسامة أنور عكاشة يعيش حالة من الشجع مع شخصياته على الورق فقد صرح أنه أثناء كتابته لحوار على لسان الفنانة محسنة توفيق لعلى البدرى بمسلسل «ليالى الحلمية « شعر بالارتباك وأنه سيبكى فترك الكتابة وأثناء تصوير المشهد بكى بكاء شديد بالاستديو .. وقدم الرومانسية فى العديد من أعماله منها الحب وأشياء أخري.. كما أنه كان يرحب بالنقد ويرى أن لكل فنان أوقاتاً من التوهج وان النجاح من الممكن أن يغمى عينه لكن الفشل يعطى دروس.
السينما والمسرح
كان يشتاق الكاتب أسامة أنور عكاشة من وقت لآخر للكتابة للسينما والمسرح وقدم العديد من الأعمال السينمائيه منها «كتيبة الإعدام» و»تحت الصفر» و»الهجامة» و»دماء على الاسفلت». أما المسرح فقدم «القانون وسيادته» و»البحر بيضحك ليه « و»الناس الليفى الثالث».
كان أحياناً تثير آرائه السياسية حالة من الجدل على الرغم أن الكاتب أسامة أنور عكاشة عرف عنه أنه ناصرى التوجه، لكنه طالب بحل جامعة الدول العربية وإنشاء منظومة كومنولث للدول الناطقة بالعربية مبنى على أساس التعاون الاقتصادي، ويعرف عنه أيضاً انتقاده وهجومه على التطرف والجماعات المتطرفة.
حصل على جائزة الدولة للتفوق فى الفنون عام ٢٠٠٢ وجائزة الدولة التقديرية فى الفنون عام 2008.
فى مايو 2010 انتصر عليه مرض السرطان ووفاته المنية تاركاً اسم لامع فى عالم الدراما وقد صور له أربعة أعمال بعد وفاته ففى عام 2013 تم تقديم مسلسله «موجة حارة» مأخوذ عن رواية «منخفض الهند الموسمي» وقام بكتابة السيناريو ورشة سيناريو وفى عام 2022 تم تقديم عملين الأول «فيلم الباب الأخضر» إخراج رءوف عبدالعزيز والثانى مسلسل «راجعين يا هوي» إخراج محمد سلامة والعمل الأخير كان فيلم «إسكندراني» العام الماضى بطولة أحمد العوضى وإخراج خالد صالح.