ما بين تحرير سيناء فى «حرب السادس من أكتوبر 1973» وبتوقيع اتفاقية السلام فى 26 مارس 1979، واستعادتها كاملة فى 25 أبريل 1982، ثم الدخول فى معركة تطهيرها من الإرهاب فى العقد الثانى من القرن 21، وصولا إلى الإسراع بتعميرها وتنميتها خلال السنوات الأخيرة، هناك العديد من الأحداث التى تتطلب رصدها والتوقف عندها، ليس فقط لإظهار أهمية سيناء لمصر والمصريين على كافة المستويات التاريخية والجغرافية والإستراتيجية، ولكن لكى نتذكر جميعا أن تحرير تراب سيناء الغالى وتطهيره من الإحتلال الإسرائيلى الغاشم كما كان وراءه دماء وتضحيات الضباط والجنود المصريين ، كان وراءه أيضا عبقرية الرئيس الراحل أنور السادات «محرر سيناء» بالحرب والسلام، كذلك فإن تطهير سيناء من الإرهاب وتنميتها وتعميرها كان وراءه جهود مخلصة لمصريين ومؤسسات وأبطال قدموا التضحيات .. وأيضا عبقرية وإرادة وشجاعة الرئيس عبدالفتاح السيسى «معمر سيناء» والقائد الذى خاض معركة تطهير سيناء ومصر من الإرهاب بقوة وحسم ويواصل العمل ليل نهار لأجل النهوض بمصر بشكل عام، ولأجل تنمية سيناء بشكل خاص وتحويلها الى منطقة منتجة وجاذبة للسكان وتتمتع بالأمن والإستقرار.
المحرر..والمعمر.. اسمحوا لى أن أحيى فى البداية الفكره التى صدر تحتها هذا الملحق..فى مناسبة عيد سيناء..فالمحرر كان هو الرئيس الشهيد الراحل أنور السادات رحمه الله.. والمعمر هو الرئيس القائد عبد الفتاح السيسي..ولكن اسمحوا لى أن أضيف هاتين الصفتين معا لكل من الرئيسين..فكلاهما يعتبر محررا ومعمرا.. فالرئيس أنور السادات قاد حرب أكتوبر..التى لم تبدأ فقط فى السادس من أكتوبر..كما أنه بعد التحرير قاد اول عمليه تعمير تجرى فى سيناء..كما ان الرئيس عبد الفتاح السيسى لم يقم فقط بتعمير سيناء.. ولكنه قاد ايضا حرب تحرير سيناء من ارهاب الجماعات الإرهابية التى تواصلت عدة سنوات وفقدنا فيها ثلاثة آلاف شهيد من ابناء شعب مصر من الجيش والشرطة والمدنيين..وقاد أيضا فى نفس الوقت معركة تعمير سيناء.. فكانت يد تحمل السلاح..ويد تبنى وتعمر.. إذا فكلا الرئيسين هما محرران ومعمران لسيناء ..
بناء الجيش والإعداد للمعركة
أما الرئيس السادات رحمه الله فإنه واصل عملية بناء جيش وإعداده لمعركة التحرير والتى بدأها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والذى بدأ مع بناء الجيش.. معارك الالف يوم فى حروب الاستنزاف التى اذاقت العدو الإسرائيلى بأس جيش مصر طوال ثلاث سنوات ليدرك العدو انه لم يخض حربا مع جيش مصر فى عام 7691.. وان المعركة الفاصلة قادمة قادمة..ثم جاء الرئيس السادات ليستكمل بناء جيش مصر ويخوض معارك عديدة.. بداية من معاركة تطوير سلاح جيش مصر واستكمال معدات القتال فى وقت لم يكن لدينا فيه مصدر للسلاح غير الاتحاد السوفيتى فى ذلك الوقت.. ولم يكن ذلك امرا هينا فيما كان يبدو قائما فى ذلك الوقت من رغبة مشتركة بين الاتحاد السوفيتى والولايات المتحدة.. فى ذلك الوقت مع المحافظة على الوضع القائم.. وكان لكل من الطرفين اسبابه..فالاتحاد السوفيتى كان يخشى من نتائج معركة جديدة..ولذلك كان يعطى السلاح بحساب..والولايات المتحدة كانت تريد ان تحافظ على وضع اسرائيل كما هو.. ولذلك فإن التخطيط للحرب بما هو متاح فى أيدى الجيش المصرى من سلاح كان أمرا بالغ الصعوبة..
فى ظل ما هو متاح للجانب الآخر من مصدر للسلاح لا يتوقف ويعطى بغير حساب..بينما مصدرنا الرئيسى للسلاح ضنين بما يقدمه من سلاح..ولكن معركة الاعداد للحرب لم تتوقف..حتى وإن بدا غير ذلك لمن لم يكونوا يدركون ما يجرى بعيدا عن الأنظار..
الصبر وإخفاء النوايا
وكانت هنا طاقة الصبر واخفاء النوايا حتى يحين الوقت المناسب..معركة فى غاية الصعوبة..ونذكر المظاهرات التى جرت بعد ما اسماه البعض عام الضباب..والتى قيلت تبريرا لعدم القيام بالحرب فى عام 1791.. بعد الحرب بين الهند وباكستان..والصبر فى مواجهة الاحتجاج واخفاء النوايا..ثم تقديم مبادرة السلام ودعوة إسرائيل الى الانسحاب من عدة كيلو مترات من ضفة القنال الشرقية حتى يمكن تطهير قناة السويس وفتحها للملاحة الدولية..والتى رفضتها إسرائيل تماما.. وكان طبيعيا أن ترفضها.. وقد ابتلعت طعم أن الجيش المصرى ليس مستعدا للحرب..وهو ما عمل الرئيس السادات على تأكيده بكل التصرفات وماسمى بحرب الخداع الاعلامية والتى برع فيها الدكتور عبد القادر حاتم رحمه الله والذى كان يرأس الوزارة نيابة عن الرئيس السادات.. ويقوم أيضا بمهام وزير الاعلام.. واشهر ما قيل وقتها كان عن تسريب اخبار فى الصحف المصرية عن إعلان رحلات العمرة للضباط واسرهم ضمن سلسلة اخبار تشير الى انه ليس هناك اى نوايا للحرب والتى استمرت حتى السادس من اكتوبر 1973 بطلب مصر الإجتماع مع وزير الخارجية الأمريكى هنرى كيسنجر للبحث فى جهود حل الأزمة.. وكان الاجتماع محددا فى يوم السادس من أكتوبر 1973.
الخداع الاسراتيجي
وهكذا تواصلت خطط الخداع الجيش وعلى شاطئ القناة بما فيها جلسات الاستمتاع بمص اعواد القصب للجنود او لعب كرة القدم او نشر البطاطين..والغسيل على شاطئ القناة فى نفس يوم الحرب..وكل هذا بينما الاعداد للحرب والتدريب على العبور يسير بكل قوة..وتجهز خطة العبور..وسد مواسير النابلم التى كانوا يخططون لها لاشعال مياه القناة بنيران النابلم اذا فكرنا فى العبور..ثم الاعداد الجيد لفتح ثغرات فى خط بارليف للعبور واستيراد المضخات اللازمة لفتح هذه الثغرات تنفيذا للفكرة العبقرية والبسيطة جدا باستغلال خبرة اللواء باقى ذكى يوسف خلال بناء السد العالى باستخدام مضخات المياه التى تستخدم مياه القناة فى فتح الثغرات فى خط بارليف..وتم استيراد المضخات باسم وزارة الزراعة حتى لا تثير انتباه احد..وجرى التدريب على هذا سرا مع خط مماثل لخط بارليف باستخدام هذه المضخات ولا نريد ان نسترسل فى تفاصيل العبور وماجرى قبله من عمليات فدائية فى قلب قوات اسرائيل..وخطة التخطيط للضربة الجوية ومشاركة المدفعية على الضفة الغربية للقناة التى دكت كل مراكز وتجمعات العدو على الضفة الشرقية وتحقيق النصر على العدو بحمد الله..واصبحت لنا 6 فرق على الضفة الشرقية للقناة خلال الساعات الست الاولى بعد نجاح الضربة الجوية وعبور قواتنا..وبما يعنى ان مصر نجحت فى حسم المعركة خلال الساعات الست الاولى من الحرب فى مواجهة ما كانت تدعيه اسرائيل انها حسمت حرب 1967 فى ستة ايام..والتى لم تكن بالمعنى الدقيق حربا..وانما كانت انسحابا غير منظم لقواتنا..تكرارا لسيناريو الانسحاب فى عام 1956.. ولكن الحربين كانتا مختلفتين تماما..كما ان حرب 1973 كانت المواجهة الحقيقية التى ادرك الجيش الاسرائيلى فيها حقيقة المقاتل المصرى الذى انهى اسطورة الجيش الذى لا يقهر..كما انهت مصر اسطورة الذراع القوية لاسرائيل التى بترها الجيش المصرى فى حرب 1973.
احلام الرئيس السادات
احلام الرئيس الراحل انور السادات لتعمير سيناء كانت كبيرة..وتم انسحاب اسرائيل على مراحل بعد اتفاقية السلام..فبدأ السادات على الفور فى تعمير العريش واقام المنشآت السياحية فى العريش ورأس سدر..واقام نفق الشهيد احمد حمدى ليبدأ فى انهاء عزلة سيناء ولكن القدر لم يتح له الاستمرار..
تحرير طابا
جاء الرئيس حسنى مبارك ليواصل تعمير سيناء مهتما بالجانب السياحى فى جنوب سيناء..فكانت مدينة شرم الشيخ التى أصبحت بعد ذلك درة السياحة المصرية.. ثم قاد الرئيس مبارك معركة تحرير طابا التى استمرت من عام 1982 حين تم الانسحاب فى 52 أبريل 1982 دون طابا.. ثم بدأت مباحثات استردادها التى تواصلت حتى قبلت اسرائيل اللجوء الى التحكيم وصدور قرار المحكمة الدولية بأحقية مصر فى طابا فى سبتمبر 8891 وتم رفع العلم على طابا فى 91 مارس 9891.. وإن كانت قوات الاحتلال قد غادرت طابا فى ٥١ مارس 9891..
ولكن أخطاء عديدة بعد ذلك قادتنا إلى أن تقع سيناء فى قبضة الإرهاب لتبدأ محاولات مواجهة لم يكتب لها النجاح واستمر الإرهاب يضرب فى سيناء بما فى ذلك طابا التى نسف فندقها.. ثم تعرضت شرم الشيخ نفسها للإرهاب..ولكن الإرهاب ازدادت قبضته على سيناء فى عهد عصابة الإخوان التى قفزت إلى حكم مصر.. فدعمت الارهاب والإرهابيين.. وكانت فى سبيلها الى بيع سيناء إلى الإرهاب واسرائيل وامريكا..وقد كشف التاريخ هذه المؤامرة التى تصدى لها جيش مصر وشعبها فكان تحرير مصر كلها من العصابة الاخوانية الاجرامية بثورة شعب مصر فى 03 يونيو 3102 وانضمام الجيش لثورة شعبه بقيادة الرئيس القائد عبد الفتاح السيسى الذى استعاد مصر من حكم الاخوان..ثم استدعاه شعب مصر ليكون رئيسا يقود خطواتها فى مرحلة اعادة البناء بعد ما واجهته من احداث منذ يناير 1102 التى انتهت بسيطرة جماعة الإخوان الإرهابية على الحكم..
معركتان فى وقت واحد
وكان على الرئيس السيسى أن يبدأ العمل فى معركتين فى وقت واحد.. معركة إنقاذ مصر بعد ما تعرضت له من دمار منذ أحداث يناير 1102.. وما تعرضت له خلال عام حكم جماعة الإخوان الإرهابية التى كادت تبيع فيها سيناء بعد أن مكنت الارهاب منها.. ومعركة إعادة بناء مصر وإنشاء جمهورية جديدة..
ولكن معركة الرئيس السيسى مع الإرهاب لم تكن فى سيناء وحدها.. بل شملت كل أرجاء مصر.. التى عاثت فيها الجماعة الارهابية فسادا..ووصل إرهابها الى كل أنحاء مصر قتلا وتدميرا.. دون وازع من دين أو ضمير فهم يفسرون الدين على هواهم..ويختفى ضميرهم تماما عندما يقتلون ويحرقون ويدمرون..
تضحيات الجيش والشرطة
وكان على الرئيس السيسى ان يواجه كل هذا رغم كل التضحيات بين رجال الجيش والشرطة والمواطنين العزل..حتى امكن حصار إرهابهم داخل مصر.. وفى نفس الوقت كانت المعركة مستمرة ومتواصلة داخل سيناء.. فكانت حرباً بلا هوادة فيها مع كتائب الشر التى كانت تتسرب إلينا من أنفاق سيناء حفرتها تنظيمات التى كانت تسرب منها إلينا الارهاب عبر من كانوا يمدونهم بالسلاح .
واستطاعت مصر الخلاص من الإرهاب بفضل تضحيات أبنائها جيشاً وشرطة وشعباً.. كان فى طليعتهم شعبنا فى سيناء الذى ضحت قبائله بالكثير من أبنائه متضامنة مع جيش مصر وشرطتها..وبلغ حجم ضحايانا من الارهاب فى سيناء ثلاثة الاف شهيد وثلاثة عشر ألف مصاب.. حتى تم تطهير سيناء.
٠٠٧ مليار للتعمير
فى نفس الوقت بدأ الرئيس عبد الفتاح السيسى معركة البناء فى سيناء فى مرحلته الأولى بإقامة البنية الاساسية بتكلفة تجاوزت ثلاثمائه مليار جنيه شملت بناء الطرق والبنية التحتية واقامة خمسة انفاق جديدة انهت إلى الأبد عزلة سيناء وربطتها بالوادى داخل الوطن وشملت أيضا إنشاء المدارس والمستشفيات.. كما شملت تطهير بحيرة البردويل وشملت أيضا اقامة منطقة حرة على الضفة الشرقية لقناة السويس يتاح فيها آلاف من فرص العمل لأبناء سيناء.. وذلك بعد أن جرى توسيع قناة السويس وانشاء قناة السويس الجديدة.. وإنشاء مزارع الاسماك.. وتطوير مطار العريش..وبدء إنشاء ميناء العريش الدولي.. ثم أعلن الرئيس السيسى بداية المرحلة الثانية من خطة تعمير سيناء وبتكلفة فاقت أيضا ثلاثمائه مليار جنيه وفى هذه المرحلة ستتم زراعة سيناء وقد تم توفير المياه لزراعتها من أكبر محطة تنقية مياه فى العالم أقيمت فى منطقة الحمام على البحر المتوسط.. وتشمل كذلك إقامة مشروعات صناعية وخدمية عديدة تتيح عشرات الألوف من فرص العمل لابناء سيناء.. كما سيتم ايضا ربط طابا والعريش بخط قطار سريع يمتد بعد ذلك حتى يصل إلى الساحل الشمالى على البحر المتوسط ليكون منفذا آخر للعمل موازياً وخادماً للتجارة العالمية مع قناة السويس.. وليقضى على أحلام غيرنا فى إنشاء خط مماثل من إيلات..
السيسى محررا.. ومعمرا
وهكذا فإن الرئيس السيسى هو محرر سيناء واستعادتها من إرهاب حاول فصلها عن مصر.. وقاد معركة تحريرها التى تواصلت فيها بينما كانت معركة البناء أيضا تدور فى جميع انحاء مصر..وتتواصل على ارض سيناء التى عادت لوطنها الام..فى اكبر خطط للتعمير تشهدها سيناء من طرق ومدارس وجامعات ومستشفيات وصناعات وزراعات بتكلفة تصل إلى سبعمائة مليار جنيه.. وبهذا فأن الرئيس السيسى أيضاً هو معمر سيناء.. ويسير جنباً إلى جنب مع عمليات البناء فى باقى أنحاء مصر التى شملت كل مجالات الحياة من طرق وكبارى وزراعة واستصلاح للأراضى وصناعات وخطوط سكك حديدية حديثة تصل البحرين الأحمر والمتوسط عند العلمين وتمتد من العلمين حتى أبو سمبل بما يخدم التجارة والسياحة.. ويفتح باب التنمية على امتدادها..فضلاً عن عاصمة جديدة جاء الإنجاز فيها يشبه الإعجاز ..واهتمام بإحياء القاهرة بأحيائها التاريخية القديمة والحديثة وإعادة تخطيط احيائها والقضاء على العشوائيات.. وإنشاء عشرات الجامعات.. وإصلاح التعليم والتوجه نحو التعليم الفنى الذى تحتاجه البلاد فى مشروعات التنمية والتصنيع وتلبية احتياجات الدول التى تحتاج الى العمالة المصرية المدربة.. وكل هذا جرى مع بناء جيش قوى قادر على حماية الوطن وصد أى عدوان وتزويده بما يحتاجه من السلاح شرقا وغربا.
استعدنا موقعنا الاقليمى والعالمي
ولايمكن أن نتحدث عن هذه الإنجازات التى قادها الرئيس عبد الفتاح السيسى دون أن نتحدث عن استعادة مصر لموقعها فى عالميها العربى والإفريقى وعلى المستويين الإقليمى والعالمى وصياغة سياسة مصرية كسبت احترام العالم.. وكسبت لنا الأصدقاء الذين يساندون مصر فى كل القضايا ويستمعون إلى رأى مصر باحترام وتقدير.