مدن الجيل الرابع تضع «أم الدنيا» على خريطة الاستثمارات العالمية
على مدار العشر سنوات الماضية خاضت الدولة معركة للبناء والتنمية بدأتها بفكرة طموح ونفذتها كاستراتيجية متوازنة قدمت من خلالها الدعم الاجتماعى اللازم للمواطنين بتمكينهم من الحصول على سكن لائق، بجانب ما طرحته من فرص عظيمة للتوسع الاقتصادى من خلال تخصيص الاراضى للمستثمرين وتشكلت بالفعل طفرة عمرانية شاملة جمعت بين انشاء المدن والمجتمعات العمرانية الجديدة والاستصلاح الزراعى والتنمية السياحية وقد كان للدولة دور البطولة فى نجاح الخطة العمرانية الحديثة من خلال تعظيم قيمة الاصول من الاراضى نتيجة الانفاق الضخم على المشروعات الكبرى الداعمة والتى زادت من جاذبية وتنافسية الاراضى امام المستثمرين والشركات العالمية لتصبح بعدها مصر من اكبر الدول المعروفة بثروتها العقارية المتطورة حيث من المتوقع أن يسجل قطاع البناء والتشييد نموًا سنويا قدره 10 ٪ بين عامى 2025، و2028.
ويؤكد الخبراء أن ما قامت به الدولة من ضخ استثمارات عامة فى المشروعات القومية الكبرى والبنية التحتية كان له الأثر المباشر فى تحويل مساحات صحراوية شاسعة فى شرق وغرب الوادى والدلتا وفى شبه جزيرة سيناء نحو العمران الشامل مشيرين الى انه تم انشاء ما يفوق الـ 30 مدينة جديدة أبرزها العاصمة الادارية ورأس الحكمة ومدينة العلمين الجديدة وأوضحوا ان العديد من التسهيلات والمحفزات التى قدمتها الحكومة للمستثمرين والقطاع الخاص ساهم فى جذب المزيد من رؤوس الأموال العربية والأجنبية فى المشروعات السكنية والفندقية والتجارية مما اعطى للسوق قوة حضور عالمية ليصبح القطاع العقارى فى مصر أحد اهم القطاعات الواعدة للاستثمار والمحركة للاقتصاد.
المهندس شامل أبو الفضل أحد كبار المطورين العقاريين والرئيس التنفيذى لاحدى الشركات الرائدة فى التطوير والاستثمار يرى ان قطاع العقارات شهد نموا متسارعا خلال الأعوام الماضية بفضل التوسع فى انشاءات البنية التحتية والمشروعات الكبرى إضافة إلى تطوير وإقامة المدن الجديدة ودخول المطورين العقاريين السوق وتقديمهم تسهيلات متعلقة بعمليات البيع، مشيرا إلى ان المرحلة الحالية هى الأمثل للاستثمار فى العقار سواء لشريحة المشترين الجدد أو المستثمرين.
وأكد أن مدن الجيل الرابع وهى (المدن الجديدة متكاملة الانشطة) وضعت مصر على خريطة الاستثمارات العالمية وساهمت فى استقطاب المزيد من رؤوس الأموال مشيرا إلى أنه طبقا للبيانات المعلنة، سجل الاستثمار الأجنبى فى القطاع العقارى المصرى نمواً قياسياً خلال العام المالى 2023 -2024 مسجلا نسبة نمو تجاوزت الـ 136 ٪.
وأضاف أن هناك اهتماماً حقيقياً من الدولة لدعم قطاع التطوير العقارى وتعزيز بيئة الاستثمار، وهو ما ترجمته حالة الاقبال الواضحة من المطورين العقاريين وشركات كبرى عربية وعالمية للاستثمارات فى المدن الجديدة بعد ما تأكدت من نجاح التجربة.. مشيرًا إلى أن النقاشات التى تتم مع المسئولين تأتى بالعديد من النتائج الايجابية والتى تنعكس ايجابيا على السوق مؤكدا على أهمية تسهيل الإجراءات الحكومية لتسريع تنفيذ المشروعات، مما يساهم فى زيادة حجم الاستثمار الأجنبى المباشر.
وتابع أن الاستثمار العقارى فى مصر، أصبح أكثر جاذبية للمستثمر الأجنبى فى ظل تفعيل قانون الاستثمار الجديد والذى يضمن معاملة عادلة ومنصفة للمستثمرين الأجانب والمحليين كالحق فى تحويل الأرباح للخارج، والحصول على تصريح إقامة بطول مدة المشاريع الاستثمارية.
واضاف ان الاستثمار فى الأصول العقارية الإدارية والتجارية من افضل خيارات الاستثمار امام الافراد والمؤسسات فى ظل ما تقدمه الدولة من تسهيلات ومحفزات للاستثمار وتوفير بيئة عمل داعمة وجاذبة لرؤوس الاموال مع توفير بنية تحتية متطورة مؤكدا أن تلك العوامل مجتمعة تنعكس على نشاط الوحدات التجارية والادارية وترفع من قيمتها فى ظل الاقبال المتزايد.
وأوضح أن هناك عوامل تدعم نمو القطاع العقارى بقوة فى ظل تحسين مناخ الاستثمار، مع التوسع فى مجال الانشاءات وإقامة المدن الجديدة، مشيرا إلى أن الدولة تقوم بدور أكبر مطور عقارى من خلال اطلاق مبارات الاسكان الاجتماعى والمشروعات الكبري، مطالبا بتشجيع القطاع الخاص للاستثمار فى قطاع الاسكان الاقتصادي.. وهذا سيزيد مساحة التطوير العقارى والمنافسة لصالح المواطن.
تنشيط الطلب وتصدير العقارات
أكد خالد عاطف خبير عقارى أن الاستثمار العقارى يشهد حاليا نشاطا قويا مدفوعا بزيادة الطلب نتيجة تحسن المؤشرات الاقتصادية وتراجع معدلات التضخم واعلان البنك المركزى عن تخفيض الفائدة مضيفا ان الوقت الراهن هو الأفضل للاستثمار فى العقارات فى ظل النمو المتسارع فى كافة القطاعات الاقتصادية ودخول المطورين فى قطاع البناء والتشييد وطرح تسهيلات فى نظام البيع والتمويل، بما يعد حافزا قويا للاتجاه إلى العقارات واقتناص الفرص المتاحة.
أوضح أن الدولة تسعى لتقديم المزيد من الحوافز لجذب استثمارات عقارية، مشيرا إلى أن هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة قدمت العديد من التسهيلات فى توفير قطع أراضى بمواصفات متميزة وأسعار مناسبة، متابعا أن مفهوم تصدير العقارات يعنى بيعها للأجانب وهو الامر الذى يشهد نشاطا مكثفا مع توفير الوحدات الملائمة للطلب بجودة عالية وأسعار مناسبة.
تابع أن تنشيط السوق العقارى يعتمد على كفاءة العاملين من مطورين عقاريين ومسوقين ذات خبرة بجانب التوسع فى برامج التمويل العقارى وتطويرها بما يتلاءم مع احتياجات وظروف السوق، مؤكدا أن المعروض من مشروعات عقارية تعد ثروة حقيقية فى الأصول كذلك فهى مثابة محرك للنشاط الاقتصادى من ناحية اخرى إذ ترتبط بها أنشطة قطاعات اخري.. فالقطاع العقارى يسهم فى تشغيل أكثر من 70 % مهنة وقطاع آخر.
أوضح ان تصدير العقارات يعنى جذب المستثمر الاجنبى نحو الاستثمار فى الأصول العقارية المختلفة داخل البلاد مقابل بعض الامتيازات كالحصول على حق الاقامة له ولاسرته موضحا ان تصدير العقار يلعب دورا هاما فى تنشيط السوق وتوفير النقد الاجنبى مشيرا الى ان المدن الجديدة كالعاصمة الادراية والعلمين الجديدة وصفقات التنمية السياحية مثل رأس الحكمة تمثل فرصا اقتصادية عظيمة لجذب كبار المطورين العقارين حيث بلغ عدد الشركات العقارية فى مصر حوالى 1485 شركة كبرى منهما حوالى 110 شركات عالمية.. هذا بجانب مئات الشركات الصغيرة.
اوضح الدكتور محمد راشد استاذ الاقتصاد ان هناك علاقة وثيقة بين النشاط العقارى والنمو الاقتصادي، موضحا أن المكون الاقتصادى للعقار عبارة عن أصل متمثل فى الأرض وبناء تتبعه أعمال تجهيز وتأثيث وغيرها من الخدمات الأخري، ثم إتمام صفقات البيع والشراء والتأجير مع وجود خدمات تمويليه لتلك العمليات، متابعا أن هذه المكونات تمثل عناصر عملية النمو الاقتصادي. لافتا إلى أنه يتميز بكثافة العمالة ويرتبط به أكثر من 100 صناعة مباشرة وغير مباشرة.
تابع ان السوق المصرية من الأسواق الواعدة فى المنطقة نظرا لما تتمتع به من تطوير عمرانى سريع ومتطور دفع بوجود مشروعات عقارية بمواصفات جودة عالمية حديثة وبأسعار تلائم كل الفئات وتؤهلها للتصدير.
أكد راشد ان الدولة ضخت استثمارات فى المناطق والأراضى الصحراوية المؤهلة لتصبح مدناً حديثة لتحولها الى وجهات جاذبة للاستثمار وعززت من قيمة الاراضى المخصصة للمشروعات الانشائية مشيرا الى انه تم اطلاق العديد من مبادرات دعم الاسكان منذ عام 2014 من خلال البنك المركزى لتوفير التمويل العقارى لمحدودى الدخل ومتوسطى الدخل باسعار فائدة مدعومة بدأت بـ 7 ٪ ووصلت إلى 3 ٪ ومدة سداد تصل إلي30 عاما.
وتابع ان الأمر أصبح سهلاً ويسيراً على المواطن للحصول على سكن لائق من خلال تقديم طلب الحصول على شقة لصندوق الاسكان الاجتماعى ودعم التمويل العقارى لافتا الى مبادرة سكن لكل المصريين والتى وصل عدد المستفدين منها منذ 2014 وحتى 2023 حوالى 1.6 مليون مواطن موضحا انه طبقا لبيانات صندوق الاسكان الاجتماعى بلغت تكلفة الاسكان الاجتماعى ما يفوق الـ 300 مليار جنيه.
قال راشد أن النشاط العقارى من القطاعات المحركة للنمو، مشير إلى أنه فى الوقت الذى يمثل فيه العقار مخزنا للقيمة كأصل جاذب للمدخرات، من الممكن أن يكون داعما قويا للنمو والنشاط الاقتصادي، من خلال خلق الطلب وتنشيطه بتلبية احتياجات السوق محليا بأسعار مقبولة، إضافة إلى العمل على تصدير العقارات من خلال التسويق الجيد، وتقديم منتجات عقارية ذات الجودة المعتمدة على مدن الجيل الرابع الذكية والمتوافقة مع البيئة كأبنية خضراء.
تريليون دولار قيمة الثروة العقارية
يرى الدكتور حسين جمعة الخبير العقارى والهندسى رئيس جمعية أن الحفاظ على الثروة العقارية مهم للغاية لأن مصر تشهد عصرا جديدا فى مجال التنمية العمرانية والتى تعتمد على انشاء مدن الجيل الرابع وهى المدن الذكية والخضراء والتى تحقق ما يسمى بالاستدامة العقارية بما يرفع قيمة الثروة العقارية حاليا إلى حوالى تريليون دولار.
أكد أن سياسات الاسكان والتخطيط العمرانى تحتل مقدمة اولويات عمل الدولة والتى بدأتها بتأسيس بنية تحتية متطورة وشبكة طرق تربط المدن ببعضها مع تأهيل وترفيق الاراضى لتعظيم الاستفادة منها وطرحها للمستثمرين وتشجيع القطاع الخاص بضخ أموال لتعمير المناطق الجديدة لافتا الى ان ما قامت به الدولة من مجهودات فى مجال الاسكان والتنمية العمرانية يسهم فى زيادة نمو الاقتصاد القومى وزيادة فرص العمل وحل مشكلة الاسكان.
تابع ان الطرح المتعدد والمتكرر لوحدات الاسكان الاجتماعى المدعوم من الحكومة يساهم فى تحقيق التنمية الشاملة مؤكدا انه مع ظهور مبادرات التمويل العقارى لمتوسطى ومحدودى الدخل نشط السوق وخلق حالة من الطلب عادت بالايجاب على شركات المقاولات وقطاع الانشاءات.