«يحثنا الدين الإسلامى الحنيف على ذكر محاسن موتانا».. وهذا لا يختلف عليه أحد.. اكتب هذا بعد قرار محكمة الجنايات رفع اسماء 716 شخصًا من القوائم الإرهابية.. وهذا فى توجه الدولة باحترام سيادة القانون وتنفيذ ما جاء من بنود فى الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.. وهذا القرار كان له صدى كبير لدى كل الأوساط فى مصر والخارج.. وحقيقة هذه المراجعة مهمة فى اعطاء الفرصة لبعض الاشخاص للعودة إلى حضن الوطن بعد هذه الفترة التى انكشفت فيها الجماعة «الضالة» فى خداع ودبلجة عدد ليس قليلاً من شبابنا الغض الذى صدق شائعاتهم وكذبهم وأمامهم «الضال».
فعلاقة الإخوان الإرهابية بالكذب ليست علاقة حديثة العهد بل تؤكدها الوثائق منذ خروج أمامهم «الضال» حسن البنا إلى الإسماعيلية قادمًا من ايتاى البارود فعلاقة الإخوان بالكذب تجعلنى لا أصدق ما يقولونه ــ حتى لو حرف واحد ــ وهذا من واقع تجارب كثيرة تعاملت معهم فى الخارج فهم لا صدق عندهم ويبررون كذبهم بأنه اخفاء الواقع على المسئول.. لكى ينفذوا إلى حيث يريدون.. وهنا استعير مصطلح «التوبة الوطنية» الذى طرحه الكاتب الصحفى الكبير أحمد أيوب فى مقاله عقب القرار فى هذه الجريدة.. وهو بلا شك مصطلح إعلامى سياسى راق و»مهم» ويطرح أمامى سؤالاً هل الإخوان يتوبون «توبة وطنية»؟ هذا السؤال يجعلنى اغوص أكثر هل تاريخهم منذ ولادة هذه الجماعة عام 1928 واعتمادها على المحتل فى ذلك الوقت «الإنجليز» يجعلنا نصدق أنهم يتوبون توبة وطنية.. من داخلى اتمنى أن يتحقق ذلك ليعود أبناؤنا المغرر بهم إلى حضن الوطن ويعيشوا حياتهم الطبيعية.. لكن تاريخ الإخوان الأسود والسييءلا يعكس ذلك.. ومن يزر التاريخ سيجد مواقفهم المتناقضة مع حكام مصر ومع زعماء الحركة الوطنية المصرية أيام الاحتلال ومع محمد على وعباس حلمى الثانى ومرورًا بالملك فاروق ومع عبدالناصر مع بداية الثورة وأيام حصار «الفالوجا».. إلى أن جاءت أحداث 54 وأحداث 64 مع القطبين.. وصولاً إلى السادات الذى طبًّق مبدأ «عفا الله عما سلف» وكلنا يتذكر حواره فى الإسماعيلية مع عمر التلمساني.. وبعد ذلك شهد جيلى كيف تعاملوا مع السادات وكان الأخير قد تعاملوا معه فى الجامعات للقضاء على حركة الطلاب فى سبعينيات القرن الماضى ومع بداية انشاء المنابر الثلاثة الوسط واليمين واليسار.. وبعد تجربة ثبت أنها منابر «كلام» لان الإخوان مارسوا عادتهم وأن الكذب عندهم عادة وعبادة ونفذوا عملية اغتيال الرئيس الذى فتح بهم باب السجون على أنهم تمت مراجعتهم و»تابوا» توبة وطنية.. وفعلوا الخداع مع مبارك وخطفوا أحداث يناير فجاءت 30 يونيو ثورة لإعادة الوطن إلى أبنائه من جديد وأى الشخصى مع حرية المواطن وحرية العقيدة لكن هؤلاء الذين فشلت تجربتهم فى الداخل وفشلت فى الخارج تآمروا على الوطن واخذوا الإرهاب طريقًا كلًّف الدولة الكثير.. والقرار الأخير جاء فى توقيت مهم لاعتبارات كثيرة لا تتسع السطور لسردها.. وليس هناك خلاف من أى مصرى حول القرار وأهميته فى هذا التوقيت.. فهو تأكيد من الدولة لأبنائها بأنه لا اقصاء لأحد فى ممارسة حقوقه السياسية طالما فى اتجاه الصالح الوطنى العام وأن الدولة لديها يقين أن من بين القوائم التى تمت دراستها ليس لها علاقة بمؤامرات الإخوان الإرهابية.. نعم «التوبة الوطنية» واجبة وعلى شخص أن يراجع ويقيم تجربته وها هى الدولة قدًّمت وبرهنت على حسن نواياها تجاه ابنائها وعليهم استثمار الفرصة للعودة فمفتاح «التوبة الوطنية» ليس له تاريخ لكن يتوقف على صاحب المواطن التائب المؤمن بقيمة الدولة الوطنية ومشروعها السياسي.. واعتقد أننا سنرى قوائم جديدة تعمل على زيادة اللحمة فى وطن يتسع للجميع.. اما المتآمرون ومن تورطوا فى خيانة الوطن واسالة دماء المصريين فلا مكان لهم لأنهم قد تربوا على الخيانة والكذب وهم دعاة فرقة.. مصر الجديدة تفتح باب المشاركة الوطنية للجميع فهل يصدق الإخوان؟