تعتبر التجربة التنموية الصينية من أكثر التجارب تفوقاً فى العالم، إذ حقق الاقتصاد الصينى نمواً عظيماً خلال العقود الأخيرة بعد أن نجح فى جذب الكثير من الاستثمارات الأجنبية والمحلية حتى صارت الصين مصنع العالم وتمكنت من تصدير إنتاجها إلى جميع الدول بما فيها أمريكا وأوروبا بعد أن تصدرت إنتاج غالبية الصناعات خصوصاً التكنولوجية والطبية والذكاء الاصطناعى والسيارات والهواتف النقالة والطاقة المتجددة، إذ بلغ الناتج المحلى الإجمالى للصين فى العام الماضى 126.06 تريليون يوان صينى «17.89 تريليون دولار أمريكي»بزيادة حقيقية قدرها 5.2 ٪ على عام 2022، وتعد الصين أكبر اقتصاد صناعى ومصدراً للسلع فى العالم، وتتحضر لحصد المركزالأول وقيادة العالم اقتصادياً بحلول سنة 2030 وهى حالياً ثانى أكبر اقتصاد عالمى بعد اقتصاد الولايات المتحدة، حيث أصبحت الصين بذلك أسرع اقتصاد كبير نامِ خلال الثلاثين سنة الماضية بمعدل نمو يتخطى الـ 10 ٪، سنوياً وتالياً تجيء بكين فى المرتبة الأولى باعتبارها أكبر دولة تجارية ومصدرة فى العالم حالياً، إذ صارت أكثر انفتاحاً على العالم من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية وبدأت النهضة الصينية فى السبعينات عبر الاهتمام بالزاعة والصناعة ومنذ عام 1978بدأت مرحلة الانفتاح على الرأسمالية وتحديث الصناعة والسماح بالملكية الخاصة للأراضى وجلب التكنولوجيا الغربية.
بدأت النهضة الصينية عندما أطلق الزعيم ماو تسى تونج الثورة الثقافية عام 1966 واستمرت 10 سنوات واستهدفت خلق مجتمع منتج من خلال بناء طبقة عمالية واسعة قادرة على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، وفى عام 1978 أعلنت الدولة اعتماد سياسة الطفل الواحد، وتسمى فى الصين رسمياً تنظيم الأسرة والتى انتهجتها منذ عام 1978وحتى عام 2015، وتتلخص فى إنجاب طفل واحد لكل عائلة لتخفيف المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، ونجحت هذه السياسة فى منع إنجاب أكثر من 400 مليون طفل وبعد تحسن الوضع الاقتصادى فى الصين أقرت الحكومة فى 28 ديسمبرعام 2013، قانوناً يسمح بإنجاب طفل ثانِ، وألغيت هذه السياسة فى يوم 29 أكتوبر 2015حيث أصدرت الحكومة الصينية قراراً يسمح لكل عائلة بإنجاب طفلين كحد أقصى من غير شروط بدلاً من سياسة الطفل الواحد، ولذا يمكن القول إن الصين نجحت فى تحقيق قفزتها الاقتصادية عبر الاعتماد على ركيزتين أساسيتين هما خلق مجتمع عامل لا ينشغل بقضايا فكرية غير مهمة وأن يكون على قلب رجل واحد، والثانية الحرص من جانب الشعب على تحقيق الدعوات الحكومية التى تصب فى مصلحته إن عاجلاً أو آجلاً وهو ما حدث فى مجال خفض الإنجاب.
«وللحديث بقية»