إطلاق الاستراتيجية الوطنية المتكاملة للتمويل فى مصر (E-INFS) خطوة بالغة الأهمية نحو تحقيق التنمية المستدامة، حيث تضع الدولة إطارًا شاملًا لحشد الموارد المالية وتوجيهها بفعالية نحو القطاعات ذات الأولوية. هذه الاستراتيجية ليست مجرد وثيقة حكومية، بل هى خارطة طريق واضحة المعالم لمستقبل التمويل فى مصر، خاصة فى ظل التحديات الاقتصادية العالمية وارتفاع الحاجة إلى استثمارات ذكية ومستدامة.
لطالما واجهت مصر، كغيرها من الدول النامية، فجوة تمويلية كبيرة تعيق تحقيق أهداف التنمية المستدامة. فالتحدى الأكبر لا يكمن فقط فى حجم التمويل المطلوب، بل فى كيفية تعبئته وتخصيصه بكفاءة. تأتى الاستراتيجية الوطنية المتكاملة للتمويل لتجيب على ثلاثة أسئلة محورية: كم نحتاج من التمويل؟ من أين سنحصل عليه؟ وكيف نضمن توزيعه بكفاءة؟
الإجابة على هذه الأسئلة ليست سهلة، لكن الاستراتيجية تقدم حلولًا عملية، منها تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتوسيع آليات التمويل المبتكرة مثل الصكوك الإسلامية وأسواق الكربون. كما تركز على تحسين كفاءة إدارة الموارد المالية، وهو أمر بالغ الأهمية لتقليل الاعتماد على الاقتراض الخارجى وتقليل المخاطر المالية على المدى البعيد.
ما يميز هذه الاستراتيجية عن غيرها هو تكاملها مع الأطر الوطنية والدولية، مثل رؤية مصر 2030، ووثيقة سياسة ملكية الدولة، وبرنامج الإصلاح الاقتصادى بالتعاون مع صندوق النقد الدولى. هذا التكامل يضمن أن التمويل لن يكون مجرد أداة لتغطية نفقات حكومية، بل وسيلة لتسريع عجلة التنمية وتعزيز النمو الاقتصادى المستدام.
علاوة على ذلك، فإن نهج الحكومة الشامل فى تنفيذ الاستراتيجية، عبر إشراك الجهات الحكومية المختلفة والمنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة، يعكس إدراك الدولة لأهمية التنسيق المؤسسى. فالتنمية المستدامة ليست مسؤولية وزارة واحدة، بل جهد جماعى يتطلب تكاتف الجميع.
إحدى الركائز المهمة للاستراتيجية هى تحفيز استثمارات القطاع الخاص، وهو ما يعكس تحولًا إيجابيًا فى الفكر الاقتصادى المصرى. لم يعد الدور التنموى مقتصرًا على الحكومة، بل أصبح للقطاع الخاص دور محورى فى سد الفجوة التمويلية.