هل للمكان الاول هذه الاهمية والمكانة مثل الحب الاول فى الذاكرة ؟
وهل «ذاكرة المكان » تتساوى فى قيمتها واهميتها مع ذاكرة الانسان الخاصة ؟ أسئلة دارت بداخلي، وبداخل الكثيرين غيرى مع متابعة احداث المؤتمر الذى أقامته الهيئة الوطنية للاعلام اول امس – الثلاثاء – بعنوان «مستقبل الدراما فى مصر» فى المبنى العريق لأتحاد الاذاعة والتليفزيون المصرى الشهير بماسبيرو، والذى اصبح اسمه «الهيئة الوطنية للاعلام» وحيث أعلن رئيس الهيئة احمد المسلمانى فى كلمته التى ألقاها فى البداية ما يلى «ان لمصر قوة ناعمة تمتد لآلاف السنين وأنها اصبحت الان قى مفترق الطرق ، اما التراجع فى التنوير والتأثير، وإما ان يصبح المستقبل امتدادًا للماضى» وايضا قال: «وانه من الواجب ان يكون الإبداع شريكا فى مواجهة خطر التطرف وكل الأخطار التى تواجهها مصر الآن»، وبعدها بدأت سلسلة من التكريمات لعدد من المبدعين والمبدعات الكبار فى تاريخ الدراما المصرية، «والذين نشاهد أعمالهم مرارا وتكرارا على قنواتنا دائما» وحيث كان من الواضح تأثرهم الشديد بهذا التكريم فى المكان الذى بدأت فيه صناعة الدراما المصرية منذ 65 عاما، وبعد 91 عاما انطلاق الاذاعة المصرية.
الدراما.. واسرار البداية
«التكريم فى أحضان ماسبيرو له طعم تانى»، كلمات قالها المخرج الكبير محمد فاضل وهو يتسلم درع تكريمه اول أمس – الثلاثاء – كاشفا عن اسرار البدايات «أنا وغيرى طلعنا المبنى على السقالات فى بداياته، ما كانش انتهي، ولم يتم تركيب الاسانسيرات بعد، تاريخ لا أنساه» ولم ينس محمد فاضل ايضا ان يهدى تكريمه لجيل شباب المخرجين الذى يرى أن عددا كبيرا منهم محبون للمهنة وقادرون على الابداع فيها، وكذلك عبر الكاتب الكبير محمد جلال عبد القوى عن سعادته بالتكريم، اما الممثل الكبير رشوان توفيق فقد قال فى كلمات محددة «دخلت المبنى يوم 23 يوليو عام 1963 وسعيد بان أكون جزءاً منه بكل ما فيه» بينما وجه الفنان محمد صبحى كلمات مختلفة، وان عبرت أيضا عن «الحب الاول» لديه ولدى صناع الدراما المصرية تجاه المكان، والزمان قائلا «تليفزيون مصر هو عنوان الريادة المصرية وعلينا ان نضع يدنا على اجمل ما فينا وهو قدرتنا على الابداع، وارفض استخدام كلمة «ورشة» للكتابة،وارى ان التصوير بعد كتابة ثلاث حلقات غير معقول»، وتنوعت آراء كثيرة حول الملامح الأساسية لصناعة الدراما والتى تعتمد على خطوات محددة اولها الكتابة، ثم الاخراج، ثم التصوير، لكن ماذا عن الفكرة، والقصة، والبعد الاجتماعى الذى لابد من وجوده اولا، وايضاً البعد التنموي، واضاءة الوعى العام، كلها قضايا كبرى فى صناعة الدراما فى الماضي، والحاضر، وايضاً المستقبل.
الدراما بين المكسب المادى.. والمعنوى
«أنا سعيدة وفخورة بالرجوع لماسبيرو» هكذا قالت الفنانة الكبيرة سميرة احمد أثناء تكريمها مؤكدة انها تشعر بالسعادة لعودتها للمكان الذى بدأت عملها بالتمثيل فيه، وتحكى عن مسلسل للكاتب يوسف معاطى «الذى قدمت له من قبل مسلسلها المهم ماما فى القسم» قدمته لينتج ويراه الجمهور، وما زالت تنتظر ان يمر على لجنة القراءة، برغم إعلانها تبرعها بأجرها فيه لمؤسسة «تحيا مصر»، بينما اعلن الكاتب مدحت العدل ان الانتباه لقضايا الدراما ومشاكلها الحقيقية يعرفه اكثر كل من العاملين فى مهنة المنتج والمخرج المنفذين للمسلسل، مؤكدا ان عودة ماسبيرو للانتاج الدرامى أمر مهم يخلق منافسة حقيقية تحتاجها الدولة التى تكسب من كل أنواع الأعمال الجيدة، وبعضها يصبح مكسبه اكبر كثيرا من المكسب المادى مثل مسلسل «رأفت الهجان»، وهو ما اكد عليه ايضا المخرج احمد صقر شاكرا السيد الرئيس على اهتمامه بالدراما «التى تحتاج وقفة، ولكن المهم هو تناول كل القضايا بحرية تامة، اما الكاتب القدير محمد السيد عيد مؤلّف مسلسلا «مشرفة» و«قاسم امين» فإنه يلخص القضية فى كلمات قليلة محددة «الاهتمام بالدراما يبدأ من المؤلف، ثم المؤلف» ويكمل كلماته «وبعد عودة ماسبيرو للانتاج اسعد بتقديم مسلسل عن طلعت حرب»، وهو المسلسل الاول الذى اعلن المسلمانى عن إنتاج الهيئة الوطنية للاعلام له بعد عودتها للانتاج، وبعده مسلسل عن «مجدى يعقوب» والبقية تأتى، فعظماء المصريين كثيرون. والدراما المصرية هى البداية، والإبداع والشموخ فى عالمنا العربى كله.