تعد الحروب هى مصدر الخطر الرئيسى الذى يهدد البقاء المادى على سطح كوكب الأرض، فهو الوحيد الصالح للحياة من خلال تبوير التربة والإسهام فى زيادة حدة «التغير المناخي» الذى صار فى هذه الأيام أكثر شراسة عن ذى قبل، مما دعا العلماء إلى دق ناقوس الخطر بقرب وقوع تلك الكارثة التى تقترب بنا يوما تلو الآخر وبخطى سريعة نحو خط النهاية بفعل تزايد معدلات الكربون فى الغلاف الجوي.. تشير الدراسات إلى تلك الخسائر البيئية الكارثية الناجمة عن الحرب فى غزة والتدمير الرهيب للأراضى الزراعية وتشريد سكانها وتلك المجاعة الطاحنة التى يطلق عليها سلاح التدمير الشامل الصامت.. لقد كان الصراع وغياب الأمن وعدم الاستقرار لفترة طويلة وراء ذلك التدهور البيئى الذى حدث فى غزة والضفة الغربية ولبنان وإسرائيل واليمن وإيران، بالإضافة إلى انعدام الأمن، مما أدى إلى تقويض التعاون البيئى الإقليمي.. ناهيك عن تلك الخسائر الضخمة فى الأرواح وتدمير البيئة وسبل المعيشة والموارد الطبيعية والنظم البيئية فى غزة.. فقد أسفرت الحرب عن ما يزيد على 42 مليون طن من الركام الذى قد يحتوى على كميات كبيرة من «الأسبستوس» ومواد البناء الملوثة والذخائر غير المتفجرة والنفايات البيولوجية.. وتشير الدراسات إلى أن ما يزيد على 85٪ من مرافق المياه والصرف الصحى فى غزة أصبحت معطلة بالكامل نتيجة لتلك الأضرار الجسيمة التى لحقت بالبنية التحتية الحيوية، وهو ما أدى إلى تصريف مياه الصرف الصحى فى البحر المتوسط.. كما أن 67٪ من الأراضى الزراعية فى غزة قد تضررت و71.1٪ من البساتين والأشجار و58٪ من الخضروات التى تحتوى على المواد الثقيلة، بالإضافة إلى 80 ألف طن من ثانى أكسيد الكربون، بالإضافة إلى تلك التى نتجت عن معالجة الركام خلال الأشهر الأربعة الأولي، التى تقدر بـ 100 ألف طن من ثانى أكسيد الكربون تم انبعاثها فى الغلاف الجوي.. وفى لبنان أحرقت الأسلحة المتفجرة والفسفور الأبيض بعد مرور عام مساحات كبيرة من الأراضى قدرت بنحو 114 كيلو متراً مربعاً، ناهيك عن تلوث الهواء والعديد من الحرائق التى طالت المناظر الطبيعية، كما أدت الحرب فى اليمن إلى تدمير النظم البيئية المرجانية نتيجة لإغراق السفن منها سفينة «روبيمار» التى كانت تحمل 21 ألف طن من سماد كبريتات الفوسفات والأمونيوم وسفينة «شيوس ليون» التى كانت تحمل مليون برميل من النفط.. ناهيك عما أسفر عنه الهجوم المباشر الذى شنته إسرائيل على «ميناء الحديدة» الذى يمثل مركز المساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى تدمير مخازن الوقود التى أدت إلى حدوث تلوث بيئى خطير.. وسوف يصبح هناك حاجة ملحة إلى الاهتمام على المدى الطويل بمعالجة تلك التداعيات والعواقب البيئية الوخيمة المتعلقة بتلك الفترة الحديثة من الصراع وأيضاً تلك التى سبقتها فى المنطقة.