فى زمنٍ أصبح فيه الضوء أسرع من الحلم، والعالَم يُختصر فى شاشة بحجم راحة اليد، تتربّع التقنية على عرش الحاضر، لا بوصفها اختراعًا فحسب، بل بوصفها لغة حياة جديدة
إنها لا تُنهى القديم، بل تعيد صياغته، تُبدّل طبيعته، وتطرح علينا سؤالاً ملحًّا مَن نكون فى عصر الذكاء الاصطناعي؟هل نحن صنّاع الأدوات؟ أم أننا أصبحنا مكوّنًا منها؟لقد أصبحت التقنية مرآة نُطل فيها على ذواتنا فنراها بأوضح مما تخيّلنا، وأحيانًا، بأقسى مما نحتمل
التقنية والتعليم قاعة صفّ افتراضية، لا يُسمع فيها صدى الصوت، يجلس طالب فى قرية نائية يتلقّى درسه من معلّم لا يعرف اسمه، لكنه يعرف فكره ولم يعد التعليم ورقة وقلم، بل ذكاء صناعى يلخّص ويُحلل ويُدرّك التقنية والعلاقات: دفء من خلف زجاج فى الماضى، كانت الرسالة تحتاج أيامًا لتصل، فيحملها الحنين اليوم، تصل الكلمات فوراً لكنها غالبًا فارغة من المعنى، مشحونة بالسرعة نقولها عبر رموز، ونودّع أعز الناس بوجوه افتراضية تبكى نيابةً عنّا لقد قربتنا التقنية جسديًا لكنها كثيرًا ما باعدت بين قلوبنا والتقنية والهوية من نحن فى هذا الزحام؟ لا أعرف نفسى إلا حين تذكرنى الساعة الذكية بعدد خطواتى ولا أصدّق إنجازى حتى يُوثّق بمنشوركأن وجودنا أصبح خوارزمية تنتظر إعجاب الآخرين لتكتمل هل نحن نعيش؟أم نعرض حياتنا على خوارزميات تلتهمنا كل يوم؟
التقنية والمستقبل: عبقريّة أم غربة؟المركبات الذكية، المدن الذكية، المساعدين الرقميين، الواقع المعزز
كل شيء ذكي… لكن ماذا عن الإنسان هل يظل هو الأذكي؟ أم يتنازل عن عرشه طوعًا؟
إن الخوف من التقنية لا يكمن فى قوتها،كلما صارت تُفكّر مثلنا، ازددنا قلقًا… ليس منها، بل من أنفسنا خمسة أشياء غيّرتها التقنية فينا… دون أن نلاحظ رغم أن دخول التقنية كان ضاجًّا، إلا أن تأثيرها الحقيقى كان هادئًا، عميقًا، ومتسللًا إلى جذور الحياة طريقة تفكيرنا لم نعد نُفكّر بعمق، بل نبحث عن الإجابةو صرنا نُريد الحقيقة بدون أن نعيش رحلة الوصول إليها لغتنا اليومية قلّت الحروف وكثرت الرموز تحوّلت اللغة من نغمٍ طويل إلى إشارة مرور
ذاكرتنا لم تعد تحتفظ بل نخزّن صرنا نعتمد على آلةٍ تحفظ عنا، حتى بدأنا ننسى أنفسنا
علاقتنا بالوقت نُسجّل كل لحظة وننسى أن نعيشها فقدنا «اللحظة لأننا مشغولون بتوثيقها.
شعورنا بالوحدة رغم كل التواصل ما زالت الأرواح تشعر بالفراغ التقنية جمعتنا على الطاولة، لكنها لم تقرّب القلوب دائماً.
فلنحمل التقنية كما يُحمل القلم أداة تعبّر، لا تتحكم وسيلة ترشد، لا تُستعبد
طريق نحو غدٍ أفضل… إن بقينا نحن من يختار الطريق