عندما غنى موسيقار الأجيال الراحل محمد عبدالوهاب «محلاها عيشة الفلاح» تحية لعاشق وراهب الأرض الطيب.. كان بالتأكيد مبهوراً بذلك البساط الأخضر الممتد إلى لا نهاية على ضفتى النيل الجد العظيم.. شريان الحياة يجرى بالمياه العذبة.. والفلاح يعمل ويفني.. تحوط به أشجار الجميز والتوت والكافور وأم الشعور.. وتردد أغانى الشوق والحب معه البلابل والعصافير.. بينما تساعده طيور الحقل فى تطهير الأرض والتقاط الديدان.
الآن اضف للمنظر الجميل مساحات تم استصلاحها وزراعتها وهى إضافة للوادى القديم.. ومع تصاعد الاحتياجات المائية وحملات التوعية والترشيد.. قاربت نقطة الماء.. لتكون مساوية لجرام الماس.. وغيرت الدولة بالكامل المنظومة المائية من الغمر إلى الرى الحديث.. ونفذ معها أكبر مشروع بالمنطقة لتأهيل الترع والمصارف والمساقى للنزول بالمياه المهدرة إلى الدرجة «صفر» ونشطت أجهزة الارشاد الزراعى والخبراء فى توطيد العلاقات مع الفلاحين والمزارعين.. ينقلون إليهم الجديد فى التقاوى والنباتات الأكثر انتاجية والموفرة للماء.. فى نفس الوقت.. ونشطت أجهزة مكافحة الآفات وأمراض النبات.. ناهيك عن الإعلان المبكر لأسعار المحاصيل الاستراتيجية.. مثل القمح والقطن قبل الحصاد.
وساندهم نظام متطور لاستلام المحصول.. والتخزين السليم.. واقترنت الفرحة مجدداً.. الأفراح فى البيوت.. والحصاد فى طريقه إلى نقطة البيع والتصنيع.
وبتوفيق من الله سبحانه وتعالى وبفضل هذه الجهود.. عاد لقطاع الزراعة الأولوية فى الانتاج وتنامى الانجاز على طريق الأمن الغذائي.. وقفزات فى التصدير.. وشهدت القرية المصرية.. «حياة كريمة» أكبر مشروعات فى الحجم والانتشار على مستوى القارة والمنظومة لتدخل القرية رحلة حضارية.. تتوفر بها الخدمات الحديثة فى جميع المجالات.
وكذلك انصرف أبناء الفلاحين إلى المدارس والتدريب والسفر من أجل العمل.. وبدأ الاتجاه لتعويض ذلك باستخدام الآلات الحديثة للعمليات الزراعية.
أصبحت متوفرة لدى الجمعيات التعاونية.. ليظهر جانب جديد يعوق الاستثمار الأفضل للأرض .. ونعنى به تعنت الحيازات الزراعية الصغيرة التى أصبحت أكثر انكماشاً.. وجاء الحل المناسب.. تجميع الورثة فى القرية تحت مظلة الجمعية التعاونية.. القادرة على توفير الامكانيات للتعامل مع الأرض من الحرث حتى الحصاد والتسويق.. وتستطيع أيضاً توفير احتياجات التربة والنبات.. من سماد وكيماوى واضافات.. وتجمع ذلك تحت سقف عمالة مدربة وماهرة.. هى بالتأكيد من الشباب أبناء هؤلاء الفلاحين.. وصولاً إلى الهدف التنموى للدولة.. الاستثمار الرشيد لكل الموارد والخامات.. لصالح تقدم الوطن وتلبية احتياجات المواطنين.