فى زمن ليس بالبعيد، كان الحلم أن نملك هاتفاً يُحادثنا، أو بيتاً يُنير نفسه حين ندخله، أو طبيباً يعرف ما بنا قبل أن نشكو له واليوم أصبح الحلم واقعاً، بل تجاوز حدود الخيال.
لقد جاءت التكنولوجيا كنسمة فجرٍ جديدة، تسلّلت إلى تفاصيل الحياة دون استئذان، لتُغيّر ملامحها، وتمنح الإنسان رفاهية لم يعهدها من قبل. باتت الراحة عنواناً لحياتنا، والسهولة هى اللغة التى نتحدث بها فى تعاملاتنا اليومية.
بيتنا لم يعُد كما كان أصبح المنزل كائناً حياً، يتفاعل معنا. من خلال «البيوت الذكية»، تستطيع أن تُطفئ الأنوار وأنت على بعد مئات الأميال، أو تضبط حرارة الغرفة قبل وصولك.
هل هذا سحر؟ لا.. بل تكنولوجيا تصنع الرفاهية.
فى الصحة.. رفيق لا ينام ساعاتٌ ذكية تُراقب أنفاسك، خطواتك، وحتى نومك. تحذّرك قبل أن تشعر بالألم، وتدلك على طريق العافية قبل أن تتعثر.
الذكاء الاصطناعى اليوم يشخّص الأمراض، ويمنح الأمل لمن فقده. وكأننا نعيش فى عالم «أكثر إنسانية» بفضل آلات لا تملك مشاعر، لكنها صُممت لتخدمنا بإخلاص.
وللترفيه قصة أخرى ما بين ضغطة زر، وأخري… تُبحر فى عوالم من الخيال. تشاهد فيلماً لم يُعرض بعد فى قاعات السينما، أو تعيش مغامرةً وسط عوالم ثلاثية الأبعاد لا حدود لها.
لكن… هل كل رفاهية نعمة؟
نعم، التكنولوجيا منحتنا الكثير، لكنها أيضاً سلبت منّا شيئاً من البساطة، من التواصل الحقيقي، من لحظات الصمت التى كانت تُغنى الروح. صرنا نُطارد السرعة، وربما فقدنا القدرة على التوقّف والتأمل. لكن لا بأس، ما دمنا نملك العقل والوعي، يمكننا أن نوازن بين الراحة والروح، بين الآلة والإنسان.
لقد منحتنا التكنولوجيا الكثير: راحة، سرعة، دقة، سهولة… لكن، خلف كل هذه الرفاهية، «هل أصبحنا أكثر سعادة؟ أم فقط أكثر راحة؟»
الرفاهية التى قدمتها التكنولوجيا للعلاقات، جعلت القرب ممكناً رغم البُعد،
نعيش اليوم فى عصر السرعة. نريد كل شيء فوراً. فيلم جديد؟ ضغطة زر. أكل؟ يوصل فى 30 دقيقة. معلومة؟ جوجل حلها. لكن هذه السرعة خلقت فينا لهفة مستمرة، وشعور دائم بعدم الاكتفاء. صرنا نبحث عن المزيد، دون أن نستمتع بما لدينا فعلاً
هل تتذكر آخر مرة عشتَ لحظة «بكاملها»؟ من غير ما تصورها؟ من غير ما تشاركها؟ فى هذا العصر، الحاضر صار نادراً… نعيش فى ذكريات تُصوّر، وأحلام تُخطط، بينما «الآن» يتبخر دون أن نشعر
التكنولوجيا نعمة عظيمة، علينا أن نستخدمها بحب، لا أن نعيش بداخلها. أن نستمتع برفاهيتها، لكن دون أن نفقد إنسانيتنا…
نحن نسابق الزمن فى بناء المدن الذكية وتحيا مصر