منذ سبع سنوات تقريبا جلست مع عدد من الزملاء الصحفيين بـ «الجمهورية» وبعض الطلاب من أوائل الثانوية العامة على كافتيريا بمدينة فالنسيا الإيطالية خلال رحلة «جريدة الجمهورية» لأوائل الثانوية العامة والتى تنظمها تكريماً لهم كل عام.. وأثناء حوارنا- صحفيين وطلاباً- تداخل معنا فى الحوار ثلاثة لا نعرفهم من الجالسين بجوارنا فهم يتحدثون العربية، وظننا أنهم أشقاء عرب، فتحدثنا معهم بكل أريحية.. ثم بادرتهم بسؤال عن جنسيتهم فرد أحدهم بأنهم من إسرائيل..
أصابنا جميعا الذهول ثم وقفنا وانصرفنا من المكان حتى لا نواصل الحوار الذى فرضوه علينا فنظروا لنا بغضب وقال أحدهم بصوت مسموع «هذا غريب عليكم أيها المصريون».
هذا الموقف التلقائى يجسد المشاعر الطبيعية فى نفوسنا نحن العرب- وليس المصريين فقط- تجاه الصهاينة المجرمين.. فالصورة الذهنية الكامنة داخل نفوسنا أن هؤلاء القوم يكرهوننا ويتحينون كل الفرص للانقضاض علينا..نحن لا نكرههم لأنهم يخالفوننا فى العقيدة.. بل نكرههم لأنهم أتباع عصابة إجرامية عانينا كثيرا من جرائمهم ومؤامراتهم ضد أوطاننا العربية، وقسوتهم المفرطة فى التعامل معنا وإجرامهم الدائم ضدنا وإهدار كل حقوقنا.. وهذه حقائق كشف لنا القرآن الكريم – وهو دستورنا الخالد- حقيقتها منذ أكثر من أربعة عشر قرنا من الزمان.. فهؤلاء القوم يكرهوننا لوجه الله.. ويتآمرون علينا لوجه الشيطان.. ويتلذذون بالعدوان علينا وإهدار حقوقنا.. لذلك.. ليس غريبا على الشعوب العربية أن نبادلهم نفس المشاعر.. كراهية بكراهية.
لذلك.. لا أعتقد أن محاولات الإدارة الأمريكية وضغوطها المتواصلة على عدد من الدول العربية لاتخاذ خطوات للتطبيع مع العدو الصهيونى المجرم سوف تأتى بنتائج إيجابية وتحقق لهذا الكيان الشيطانى أهدافه السياسية والاقتصادية والدينية فى بلادنا العربية.
>>>
تطبيع العلاقات بين الشعوب العربية والشعب الصهيونى أصبح مستحيلا بعد أن رأت تلك الشعوب ما حدث لإخوانهم فى غزة من جرائم لم يشهد التاريخ مثيلا لها فالرفض الشعبى العربى لكل تطبيع شعور سائد فى كل البلاد العربية وتؤكده نتائج استطلاعات للرأى.. فقبل مذابح غزة كان القبول العربى للتطبيع مع الصهاينة ضعيفا ولا يمثل أكثر من 20 ٪ ولو أجريت استطلاعات الآن لأصبح الرفض الشعبى 100 ٪ فى كل البلاد العربية .. ومن هنا فلا قيمة لضغوط أمريكا لاتخاذ خطوات نحو إقامة علاقات مع الصهاينة حكومة وشعبا فقد اختاروا أن يؤصلوا كراهيتهم فى نفوسنا الى يوم الدين
>>>
ولو رجعنا لاستطلاعات الرأى التى سبقت العدوان على غزة والدول العربية لوجدنا رفضا شعبيا واضحا.. فوفقا لاستطلاع رأى المؤشر العربى 2022/2023 (من تنفيذ المركز العربى للأبحاث ودراسة السياسات) فإن 84 ٪ من العرب يرفضون الاعتراف بإسرائيل ويعتبرونها كيانا احتلاليا.. وفى المغرب رغم التطبيع الرسمى، 67 ٪ يرفضون الاعتراف بإسرائيل.. وفى الأردن: نحو 90 ٪ يرفضون العلاقات مع إسرائيل رغم معاهدة السلام بين الأردن والكيان الصهيونى.
وفى مصر: نحو 85 ٪ لا يرون أن لإسرائيل حقا فى فلسطين، رغم اتفاقية كامب ديفيد.
كل هذه الدراسات واستطلاعات الرأى كانت قبل الجرائم الأخيرة للعدو الصهيونى والتى فاقت فى بشاعتها كل ما سبقها من جرائم.
الى جانب تصاعد حملات المقاطعة الشعبية للمنتجات الداعمة لإسرائيل مثل حملة «قاطع».
انتشار هاشتاجات مثل التطبيع- خيانة وفلسطين- قضيتنا فى المناسبات الكبرى كحرب غزة أو اقتحامات الأقصى
يضاف لكل ذلك حملات دعم المقاومة الفلسطينية عبر وسائل التواصل الاجتماعى فى مختلف البلدان العربية
>>>
مظاهر الرفض الشعبى للتطبيع مع الكيان الصهيونى المجرم كثيرة ومتنوعة من أبرزها:
> مقاطعة البضائع: حيث تشهد حملات المقاطعة تفاعلاً واسعًا، خصوصًا أثناء التصعيدات فى غزة أو الضفة الغربية.
> الرفض الرياضى والثقافى والفنى والذى يتجسد فى انسحاب المثقفين والفنانين والرياضيين العرب من كل الفعاليات التى يشارك فيها صهاينة
> المواقف النقابية والمؤسسية: فكل النقابات المهنية فى مصر والأردن وتونس وغيرها من البلاد العربية تعلن صراحة رفضها القاطع للتطبيع.. جامعات ومؤسسات عربية ترفض التعامل مع الجامعات الصهيونية.
الغباء السياسى والعسكرى الذى يسيطر على عقول الصهاينة يحجب عنهم حقيقة أن ما يرتكبونه من جرائم ضد العرب يؤجج من مشاعر الكراهية ضدهم، وأن تلك الجرائم لا يمكن أن تمر دون عقاب حتى ولو اختلفت موازين القوى وحشد العالم الظالم كل جيوشه لدعم عتاة الإجرام فى تل أبيب.
الخلاصة.. لا يمكن إقامة علاقات طبيعية مع كيان يرتكب ما نراه يوميا من جرائم.. فالعدو المجرم هو من جلب الكراهية لنفسه بما ارتكبه من جرائم ضد أصحاب الأرض.