المؤكد أن التضخم ظاهرة اقتصادية تمر بها جميع الدول على مختلف اقتصادياتها ولاسيما «الدول الرأسمالية» وهو ظاهرة معقدة تتدخل فيها العديد من «العوامل الخارجية» التى لايمكن التحكم فيها أو السيطرة عليها.. يعنى «التضخم» الارتفاع فى أسعار السلع والخدمات أو تكلفة المعيشة لفترة طويلة من الزمن مما يؤدى إلى انخفاض القوة الشرائية ومن ثم كمية السلع والخدمات التى يمكن شراؤها أو الحصول عليها.. وهنا يجب أن ننتبه فى ظل اشتداد وطأة «التضخم» والتداعيات النفسية التى تترتب عليه إلى أن أسبابه لا تعود إلى التقصير فى الأداء أو السياسات التى تتبعها الحكومة بل إلى العديد من الظروف والأسباب الخارجية التى لا يمكن السيطرة عليها.. وهنا قد يثور التساؤل هل تقف الحكومة مكتوفة الأيدى.. الإجابة بالقطع لا بل عليها أن تبذل قصارى جهدها للتخفيف من الآثار المترتبة على التضخم.. هناك ما يعرف «بالدورة الاقتصادية» وهى عبارة عن التقلبات الدورية التى تطرأ على النشاط الاقتصادى فينتقل من حالة الانتعاش إلى الركود الاقتصادى ثم ينهض من جديد وينتقل إلى حالة الانتعاش.. من الحقائق المؤكدة هى انه لابد وأن ينتقل من حالة الركود إلى الانتعاش ولكن كيف ومتي؟ ذلك ما لا يمكن تفسيره بالرغم من إنه حقيقة مؤكدة وقد عزى «كينز» الملقب بأبو علم الاقتصاد الانتقال من الركود إلى الانتعاش والعكس صحيح إلى ما أسماه «باليد الخفية» بينما عزاها البعض الآخر إلى ما أسموه بعوامل الدفع للأمام والخلف حتى يعود الاقتصاد إلى حالة التوازن.. وهنا قد يطرح التساؤل حول فائدة التدخل الحكومي؟ يؤدى التدخل الحكومى من خلال تبنى السياسات الاقتصادية والمالية إلى تقصير فترة معاناة المواطن مابين الانتقال من الكساد إلى الانتعاش.. الهدف هنا ليس التبرير بل إيضاح الحقائق التى لا لبس فيها وحتى لا نقع فى فخ الإلقاء باللوم على الحكومة والسياسات الاقتصادية التى تتبعها أو برنامج «الإصلاح الاقتصادي» الذى تبنته والذى شهد له القاصى والدانى والعدو قبل الصديق.. بالرغم من وجود العديد من السبل لمكافحة التضخم والحد من آثاره والإبقاء عليه عند الحد الأمثل الذى يحافظ على معدل «النمو الاقتصادي» والقوة الشرائية للنقود من بينها ما يعرف «بالسياسة النقدية الانكماشية» من خلال تقليل المعروض النقدى داخل الاقتصاد عن طريق زيادة أسعار الفائدة وهو ما يؤدى إلى إبطاء «النمو الاقتصادي» من خلال صعوبة الحصول على الائتمان مما يحد من الاستهلاك.. بعيداً عن تلك السياسات المالية والاقتصادية التى تلجأ إليها الحكومة للحفاظ على الاقتصاد من الانهيار علينا أن ندرك مدى صعوبة الوضع الاقتصادى الذى فرض عليها بفعل العديد من العوامل الخارجية بداية من أزمة «فيروس كورونا» التى لم تتعاف الدول من تداعياتها بعد ثم الحرب الأوكرانية التى أثرت على الاقتصاد العالمى على نحو كبير والدول النامية على نحو أكثر وطأة.. ومما زاد الطين بلة اندلاع «حرب غزة» والتى عرضت الاقتصاد المصرى لضغوط شديدة الوطأة.