ونحن على مقربة من عيد الأضحى المبارك حيث ضحى خليل الله ابراهيم عليه السلام بولده وفلذة كبده تسليما وانقيادا لأمر الله عز وجل. هل فكر أحدنا فى الغاية والهدف والدروس المستفادة من قصة الذبيح وربما كان من بديهياتها. التضحية والايثار مهما كان عظيما وكبيرا .فى خطبة العيد يتبارى أئمة المساجد وخطباء الساحات: لقد ضرب نبى الله إسماعيل عليه السلام المثل والقدوة فى الاستسلام والانقياد لأمر الله عز وجل عندما قال له أبوه (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّى أَرَى فِى الْمَنَامِ أَنِّى أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِى إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ).
الفطرة السليمة تدعو الوليد ان يقول لأبيه (يابت افعل ما تؤمر) ولك ان تتصور ماذا يمكن ان يحدث هذه الأيام لو ان والدا قال لولده ان الله قد أمرنى بذبحك؟
المؤكد أن الأحوال مغايرة وأن الرد سيكون مخالفا ومغايرا. فمن الزرع سوف تجنى والذى زرع حنظلا سيجنى مرارته والذى غرس خيرا سيجنى ثماره المرجوة. هذه حقيقة ومجريات الأحداث برهان أكيد على ذلك. ولكنها التربية السليمة والسلوك القويم الذى يجب ان يتربى عليه الأبناء وما يجب أن يكونوا عليه. فرق كبير بين الحنو والرحمة وبين التراخى والاستسهال واطلاق العنان فى التربية وما يتبعها من نتائج وخيمة ومؤلمة. احترام الأب والتسليم بقدر الله ووعده الذى لا يخلف الأب كان صادقا فيما قال والابن يدرك ذلك جيدا لذا كان صادقا هو الآخر فى مشاعره وتنفيذه للأمر وان كان مؤلما. وكانت ثمره الصدق (وفديناه بذبح عظيم) وفى ساعة اتصلت فيها انوار السماء بكوكب الارض وانخلع فيها كل منهما عن بشريته جاء الفرج فبعد العسر يسرين والنور دائما يأتى بعد الظلام ومن رحم المحن تولد المحن. وعندما تتدخل عناية الله تتوقف قوانين البشر هذه حقيقة لا يدركها الا أصحاب القلوب النقية الطاهرة السوية. ونحن نعيش هذه الأيام أجواء الأشهر الحرم أولى بنا جميعا أن نستلهم كل معانى التضحية تسليما وانقيادا حتى تتحقق الثمار المرجوة التى تعود علينا جميعا وعلى مجتمعنا بالثمار المرجوة. التضحية: بالمال والأخذ بأيدى الفقراء والمساكين والتخفيف عن كاهلهم من خلال المساعدة والمشورة والأخذ بأيديهم الى بر الأمان.
التضحية: بالصحة والجسد والعقل حماية للوطن من كل الشرور التى تعترى مسيرته وتعوق تقدمه.التضحية: بالوقت ومساعدة الناس كل الناس مهما اختلفت المشاعر والأطياف وتذليل العقبات وتفريج كروبهم.
التضحية: بالوقوف الى جانب المهمومين والمنكوبين ومن عضدهم الدهر بنابه فالأيام دول ويوم لك ويوم عليك وضعيف اليوم قوى الغد وفقير اليوم غنى الغد «وتلك الأيام نداولها بين الناس» التضحية: بالفكر لصناعة مستقبل امن ومستقر لأولادنا من بعدنا وتحقيق النصيب الاكبر من رسم خريطة تواكب التقدم. الذى يشهده العالم ودعونا من حديث الآباء الذين صنعوا والذين قدموا أنا وأنت ماذا فعلنا والى متى يستمر هذا الحديث وهذا النهج.التضحية: بكل ما هو غال ونفيس من أجل الوطن والمجتمع الذى نعيش فيه لينهض وليقوم من سباته طمعا فى غد أفضل مشرق .