توقفنا عند عودة الصالح عزير للحياة وشروعه كتابة التوراة من جديد، بعدما انتهى زمان الطاغية نبوخذ نصر
والتفاصيل وفرتها مكتبة المدرسة.. وحسب بعض المؤرخين، ان الطاغية لم يقتل اليهود، ولكنه أوشك أن يفعل لولا نبى مملكة يهوذا دانيال المسبى الذى أوحى له بما جاء فى منام الملك نبوخذ نصر، بعدما اجتمع بأصحابه الأحبار حنانيا وميشائيل وعذريا، ويرجح أن الأخير هو عزير صاحب قصتنا القرآنية.. اجتمع بهم ليشاورهم فى الأمر وليدعوهم للصلاة والابتهال إلى الله أن يكف الطاغية عن قتل الحكماء والأحبار، وطلب منهم الحذر من أن ينالهم غدره، وهو ما دعا بعضهم للرحيل.
وجاء فى سفر دانيال الاصحاح الثاني، قال النبى دانيال للملك نبوخذ نصر: انت حلمت بتمثال هائل رأسه من ذهب وصدره وذراعاه من فضة وبطنه وفخذاه من نحاس وساقاه من حديد وقدماه بعضها من حديد والبعض الآخر من خزف.. وجاء تمثال حجر بغير يدين فضرب قدمه فسحقها لينهار التمثال كله ويتحطم بما فيه من ذهب وحديد وفضة.. وحمل حطامه الريح.. أما الحجر الذى ضرب التمثال فصار جبلاً وملأ الارض كلها.
وبدأ النبى دانيال يفسر للملك نبوخذ نصر الرؤيا فقال له: انت الرأس الذهب لأن الله منحك السلطان الحاكم على البشر فى مملكتك.. ومن بعدك تقوم مملكة أصغر ومن بعدها مملكة من نحاس تتسلط على كل الارض.. أما المملكة الرابعة من بعدك فتكون صلبة صلابة الحديد الذى يسحق كل شيء، ولكن سوف يكون مع الحديد خزف هش وهذا يعنى أنها مملكة سوف تعانى الانقسام وبذور الضعف، خاصة أن الحديد لا يندمج مع الخزف المصنوع من الطين، لذلك فإن ملوك هذه المملكة بعضهم قوى وبعضهم ضعيف ولن يتحد أتباعهم.. وحينها سوف يقيم الله مملكة لن تنقرض أبداً ولن تترك ملكها لشعوب أخرى وسوف تسحق كل الممالك وتبقى هى لتسود الدنيا.. وهى تلك التى ظهرت فى الحلم حجراً سحق الذهب والفضة والنحاس والحديد.
نعود لخطبة الشيخ مسلم فى طابور الصباح الذى اختتمها بالدروس المستفادة من قصة عزير، وهو أن لكل انسان رسالة وعملاً يتحتم عليه انجازه مهما كانت الصعوبات.. عزير كان يفلح أرضه مهما كانت ظروف الطقس ومشقة الرحلة.. وأن التأمل فى ملكوت الله وتصور قدرته هو نوع من التسبيح المجدد للإيمان.. ومهما كان المؤمن تقياً ورعاً، سوف يخطئ ليعلمه الله.. والظالم لنفسه من يكرر خطأ بعدما يؤتيه الله من علمه رحمة منه.. وأن أقدار الله تمضى بحكمته وحده عالم الغيب.. وأن الوحى والنبوة والموت والبعث حق.. وأن الانسان وُجد ليعّمر الارض، وإن غاب عنها هلك العمران وصار حطاماً.. وأن الانبياء رغم الوحى إليهم ببعضاً من علم، إلا انهم حرصوا على التشاور.. وأن النهاية حتمية للتقاة والطغاة.. وأن الحياة ساعة والموت فجأة ولن نشعر به بعد البعث مهما طال زمانه، إلا بعض يوم.
قرر مديرالتعليم تعميم فكرة رسم مشاهد القصص العقائدى فى مدارس المحافظة وتشكيل واختيار أفضل عشر لوحات ومنح أصحابها جوائز وتنظيم معرض واحتفالية، غاب عنها الاستاذ درويش لوفاته رحمه الله بما علمنا كيف نحب المعرفة وكيف نتذوق الحياة بريشة رسم.
ومع بدء عام دراسى جديد، يتجدد التأكيد على حتمية الاهتمام بما يرتقى بالذوق العام ويدعم المعارف وهى مسئولية وزارة حملت هذا الاسم قبل أن تصبح للتربية أولا قبل التعليم.