التدين الحقيقى هو ما يعبر عن إيمان حقيقى بداخل الإنسان، ويكون ذلك الإيمان نابع من علم ومعرفة بالدين وإلتزام بأخلاقياته فى التعامل والسلوك هو من صميم الدين .
فكم منا يؤدى الشعائر اليومية خوفاً من النار، أو مجرد تأدية واجب أو مجرد عادة مجتمعية أو خوفاً من تنمر الناس، وكم منا يؤديها عن شغف وحب ومتعه ومعرفة حقيقية ويقين داخلى نمى داخل قلبه بسبب ثقته فى رحمة الخالق لكى يحظى بجمال وعظمة الشعور بالقرب من الله- عز وجل.
أن التدين الحقيقى يكمن فى المحبة والحب بشكل عام، فيكون السلاح الوحيد الذى يمتلكه الإنسان فى قلبه ومشاعره، فهو صاحب الفطرة الحسنة الطيبه، صاحب الهدف الأهم والأجدر ألا وهو عبادة الله- عز وجل- عن حب وصفاء نيه وقرب حقيقى ليتسلل فى وجدانه بعد ذلك الحب الإلهى والتدين الحقيقى وليس الظاهري، ليصل أعلى درجات الحب الإلهى ليصبح أى عمل سواء فعل أو قول يقدم عليه هو فى الله ولله- عز وجل.
ولنتبحر فى عجالة عن جمال التدين الحقيقى الذى يصل بنا إلى أسمى العبادات وهى عبادة المحبين بمعنى العبادة التى تجعل القلب فى سعادة غامرة عندما يكون مع الله- عز وجل- ويتولد منها حب القلب والشوق إلى لقاء الله- عز وجل- فهى محبة يتخللها خوف من غضب الله- عز وجل- ورجاء فى رضائه.
ولكى نتعرف على التدين الحقيقى نقطف وردات من بستان الأقوال والأحاديث:
فنتذكر سوياً قول سيدنا عمر بن عبدالعزيز- رضى الله عنه- (أن الدين ليس بالطنطنة ولكن الدين هو الورع).
وقول رسولنا الكريم- صلى الله عليه وسلم- (أن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه).
وقول الحسن البصرى (العاقل لسانه من وراء قلبه والغافل قلبه من وراء لسانه).
فهذا معنى الورع والتدين الحقيقى الذى لابد أن نتحلى به جميعاً، حيث إن الشخص الذى لديه الورع الحقيقى لا ينبغى له أن يتدخل مع الناس فيمالا يعنيه أو أن يتنمر وينقد فيهم أشياء أو صفات، فالشخص الذى لديه ورع يتقى الله- عز وجل- فى أقواله مع الآخرين ويجب عليه قبل أن يقول الكلمة أن يراجع قلبه وعقله، فأما أن تكون الكلمة مؤذية للغير فلاتقال، وأما أن تكون جابرة للخواطر فتقال.
ونجد أن من أسباب التشاحن المستمر بين الناس بعضها البعض والكراهية التى نمت فى قلوب كثير من الناس، هو التنازل عن تنمية الورع والتدين الحقيقى داخل قلوبنا لأنه هو السلام الحقيقى لتنقية القلب وجعله قلب عامر بالإيمان.
وفى الختام لابد أن نثق أننا لن نستطيع أن نتذوق حب الله- عز وجل- الحقيقى قبل أن نحب ونحترم مخلوقاته، فالكلمة الطيبه وجمال وورع القلب الحقيقى مع الناس طريق للنجاة وعبور بسلام لنا فى هذه الرحلة القصيرة لكى ننعم بالجنة بمشيئة المولي- عز وجل- ونترك آثراً طيباً فى نفوس من تعامل معنا.