اعترف القانون الدولى المعاصر بأن الانتهاك الخطير لحقوق الإنسان هو من الشأن الدولى الذى يستدعى التدخل الدولى واختلف فى تحديد مدى الانتهاك ومتى يتوجب التدخل وشروطه وصورته «فردية كانت أم جماعية أم أممية» ووسائله وغيرها من أمور خلافية وشهدنا انتشاراً وتزايداً فى استخدام التبرير الإنسانى فى التدخل الدولى «أو ما يطلق عليه اختصاراً التدخل الانسانى Humanitarian Intervention»، فالقانون الدولى يعبر عن المبادئ والمعايير السائده فى المجتمع الدولى مما يجعله نتاجًا للنظام السياسى الدولى الذى يصوغه.
ومن المعروف أن الغلبة فى السياسات الدولية للأغراض العملية وليس للأخلاق، بالرغم من قابلية الأخيرة للتجسيد العملى ولأن تكون خيارات واقعية عسكرية أو سياسية. المحك هنا هو ان تفوق وتعلو العوامل الأخلاقية عن المصالح المالية مع زيادة الضغط المدنى «ثورة العالم الإسلامى وصحوة الضمير الواعي» والغضب العالمى «بالذات الاحتجاجات الشعبية والحراك الطلابى وآليات التواصل الاجتماعي» وبما يحولها إلى واقع عسكرى فيحدث التدخل الدولى عندها ويقتنع الجميع أن التدخل الانسانى ضرورة لوقف عنف غير شرعى «موقف أخلاقي» باستخدام أكبر حشد ممكن من القوات الدولية وليس بحل الصراع، وإن كان الحل السياسى أمرا واجبا لاحقا والمفروض حدوثه، فى «مرحلة ما بعد الإغاثة Relief- plus «، والتى تتمثل فى إقامة الدولة وهو ما يمثل مرحلة متقدمة من مراحل التطوير فى مفهوم التدخل الإنسانى تشمل عملية بناء الدولة ليضيف أهدافاً سياسية ودولية واسعة لعملية التدخل «وهو ما تكرر فى حالات كوسوفا والبوسنة والهرسك وجنوب السودان وغيرها» .
ومن أكثر الحالات تقاربا والأقرب للتنفيذ فى فلسطين هى حالتى التدخل لحماية الأكراد والشيعة فى العراق 1991 «والذى بدأ بإصدار مجلس الأمن لقرار688 فى 5 إبريل1991، فقامت قوات الحلفاء بعمليتين أساسيتين فى العراق، الاولى عملية توفير أو تقديم الراحة Provide Comfort لاغاثة الاكراد فى شمال العراق ثم حمايتهم عن طريق المراقبة الجوية من قواعد فى جنوب تركيا، والثانية عملية مراقبة الجنوب Southern Watch لحماية الشيعة فى الجنوب.