استكمالا للحديث عن التحول الرقمى والتنمية، وفى إطار أن إستراتيجية التنمية المستدامة تشمل ثلاثة أبعاد منها البعد الاقتصادى الذى يسلط الضوء على التنمية الاقتصادية والشفافية وكفاءة المؤسسات الحكومية والطاقة والمعرفة. أما البعد الاجتماعى فيسلط الضوء على التعليم والتدريب والصحة والثقافة والعدالة الاجتماعية. بينما يركز البعد البيئى على مجال البيئة والتنمية الحضرية.
وتدعم إستراتيجية الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات 2030 تحقيق أهداف رؤية مصر 2030 من خلال بناء مصر الرقمية. وتشمل هذه الأهداف تطوير البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتعزيز الشمول الرقمي، وتحقيق الشمول المالي، وتعزيز بناء القدرات وتشجيع الابتكار، ومحاربة الفساد، وضمان الأمن المعلوماتي، وتعزيز مكانة مصر على المستويين الإقليمى والدولي.
وتمثل مصر الرقمية رؤية وخطة شاملة وتُعد بمثابة حجر الأساس لتحويل مصر إلى مجتمع رقمي. ويعتمد بناء مصر الرقمية على ثلاثة محاور أساسية، وهى التحول الرقمي، والمهارات والوظائف الرقمية، والإبداع الرقمى وتعتمد هذه المحاور على أسس هامة، وهى تطوير البنية التحتية الرقمية وتوفير الإطار التشريعى التنظيمي.
مع التطور التكنولوجى المتزايد حول العالم، ولهذا أصبحت الحاجة لتطبيق استراتيجية التحول الرقمى فى المؤسسات أمرا لا بد منه، حيث يساعد التحول الرقمى على تطوير المنتجات، مع إمكانية التسليم فى وقت أقل مع ضمان كفاءة أعلي. ولذا فإن تطبيق التحول الرقمى يساهم فى مواجهة تغيرات السوق ومتطلبات العملاء المتغيرة باستمرار.
وتُعرف إستراتيجية التحول الرقمى على أنها إحدى الطرق المستخدمة لإعادة هيكلة المؤسسة بهدف دمج التقنيات الرقمية فى جميع مجالات التحول الرقمى داخل المؤسسة، وذلك من أجل الحصول على رضا العملاء، من خلال سرعة التسليم فى وزيادة كفاءة وجودة المنتجات. ولكن لن يقتصر تعريف رقمنة المؤسسة إلى هذا فقط، بل يشمل تغييراً كاملاً لثقافتها، وطرق تنفيذ العمليات وسير العمل. وهذا يتطلب تغيير بيئة العمل.
ومن الضرورى أن تبنى بيئة العمل بالتعاون والمشاركة، بالإضافة إلى إتاحة الاستقلالية حتى يمكنهم ذلك من استخدام أفضل الطرق لضمان الإنتاجية. ولتحقيق مزيد من المرونة يجب التكيف مع التطورات المتغيرة فى عالم العمل.
ويعتبر الابتكار من الأساسيات التى تساعد فى مواجهة التغيرات السريعة فى السوق، وكذلك التحديات لضمان تحقيق مرونة الأعمال التى يجب أن تتحقق فى المؤسسة. ولهذا من الضرورى تشجيع الموظفين على العمل والابتكار وإعطاء حلول للمشكلات، وطرح أفكار لانتهاز الفرص التى يمكن أن تطور من العمل داخل المؤسسة، فيكون العمل الجماعى هو سر النجاح.
ويصف «مصطلح التحوّل الرقمي» كيفية تنفيذ الإجراءات والمهارات والتقنيات الجديدة للحفاظ على القدرة على المنافسة فى عالم التكنولوجيا دائم التغير. وخلال فترة ما بعد الجائحة، يجب أن تكون لدى أى مؤسسة القدرة على التكيف السريع مع التغيرات مثل ضغوطات فترة الدخول إلى السوق والاضطرابات المفاجئة فى سلاسل التوريد والتغيرات السريعة فى تطلعات العملاء، ويتعين على الشركات تبنى إستراتيجيات التحوّل الرقمى إذا كانت ترغب فى مواكبة التطورات التكنولوجية.
ويمكن للتقنيات الناشئة مثل الخدمات السحابية توفير الوقت وتحسين الكفاءة فى جميع أنواع إجراءات الأعمال. على سبيل المثال، يؤدى استخدام تقنية رقمية مثل الذكاء الاصطناعى إلى توفير مساحة للموظفين للتركيز على المهام التى تتطلب الإبداع وحل المشكلات. وبالمثل، فإن إجراء تحليلات البيانات باستخدام تعلّم الآلة يمكن أن يمنحك رؤى جديدة لتحقيق أهداف الأعمال بصورة أسرع.
ورغم الصلة الوثيقة التى تربط بين التحوّل الرقمى والابتكار، إلا أنهما ليسا متطابقين. فالابتكار هو توليد الأفكار التى تقود التحوّل وتوجهه. وستحتاج إلى توفير مساحة من التواصل المفتوح والتعاون والحرية الإبداعية التى تشجع الموظفين على التجربة. وبعد اختبار الفكرة، يمكنك متابعة التحوّل الرقمى لتنفيذه على نطاق واسع.
وتوجد قناعة عالمية أن عملية التحول الرقمى تحقق تأثيراً إيجابياً على الناتج المحلى الإجمالي، بما فى ذلك نصيب الفرد منه. وتشير الأدبيات فى هذا الصدد إلى أن الدول التى تنجح فى تجربة التحول الرقمى تصبح أكثر ازدهارًا من نظيراتها التى تفشل فى تحقيقها.
لذلك من الضرورى لصانعى السياسات إدراك مدى تعقيد عملية التحول الرقمى وكيف تغير التكنولوجيا قواعد اللعبة، حتى يتسنى لهم التعامل مع النقلة النوعية التى تحدثها الرقمنة. كما أن من الضرورى تفهم دور التطورات التكنولوجية فى بناء اقتصادات قادرة على الصمود وأنظمة اجتماعية شاملة.