فى إطار ما تشهده المرحلة الحالية من تحديات شديدة التعقيد وأزمات عالمية ناتجة عن تداعيات الحروب والنزاعات المشتعلة وتطل بتأثيراتها السلبية على كافة اقتصادات العالم ومنها مصر، تأتى الحكومة الجديدة برئاسة الدكتورمصطفى مدبولى وأمامها تحديات جسام يتعين عليها مواجهتها وتخطيها بأفكار خارج الصندوق تفتح بابا نحو الخروج لآفاق اقتصادية أرحب ينتظرها المصريون .
فى تصورى ان تصريح نائب رئيس الوزراء لشئون التنمية الصناعية ووزير النقل والصناعة الفريق مهندس كامل الوزير أثناء تفقده هيئة التنمية الصناعية بخصوص المواطن «بائع العسل»الذى تعثرت إجراءات حصوله على الرخصة لمدة شهور بدون أسباب هو بداية تبشر بالتفاؤل فى آلية التعامل مع البيروقراطية اللعينة وبحلول عبقرية من خارج الصندوق عندما وجه بان تذهب اللجنة المختصة اليه للمعاينة ومنحه الرخصة خلال أيام وهى آلية قد حان الوقت ان يتم تعميمها مع كافة أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر المنتجة خاصة ما يطلق عليها مشروعات»بير السلم»..فلماذا لا تشكل لجنة فى كل حى من أحياء المحروسة برئاسة رئيس الحى وممثلة من المختصين بهيئة التنمية الصناعية والبيئة والصحة وتقوم بحصر المشروعات الصغيرة غير المرخصة بكل حى أو مدينة والمرورعليها حتى دون تقديم طلب ويكون الهدف ليس الإغلاق والمطاردة بل يكون الهدف الوحيد هو تذليل العقبات واستخراج التراخيص وتقنين الأوضاع فى أسرع وقت؟! وكذلك ما المانع من تقديم المشورة والدعم الفنى لأن المحصلة فى النهاية هى دخول السوق منتج جديد شرعى آمن بمواصفات قياسية سليمة يعزز المنتج المحلى فى مواجهة المستورد ويشجع الشباب على إقامة مزيد من المشروعات مما يدعم زيادة الإنتاج التى تقلص الفجوة بين العرض والطلب وتخفض الواردات وتفتح الباب أمام التصدير للخارج وجلب عملات أجنبية تخفف الضغط على الاحتياطى النقدي.
هنا تبرز أهمية ملف الاقتصاد غير الرسمى الذى يمثل 60٪ من حجم الاقتصاد تقريباً ويجب البحث عن طريقة مناسبة لضم هذه المشروعات تحت مظلة الاقتصاد الرسمى لتعزيز الدور الذى تلعبه تلك المشروعات كقاطرة للتنمية المستدامة واستيعابه للزيادة المستمرة فى اعداد السكان، والحد من البطالة بأشكالها المختلفة وزيادة مستوى دخل الفرد وتحقيق الأمن الأسرى وتشجيع ريادة الأعمال، والتجارب الأقتصادية الناجحة كشفت ان الصناعات والمشروعات الصغيرة وسيلة أثبتت فعالياتها فى معالجة المشكلات والأزمات التى تواجه الاقتصادات الكبرى العالمية.
** الحقيقة التى لايجب أغفالها ان استمرار عمل الاقتصاد غير الرسمى بعيداً عن أعين الدولة وخارج أنشطتها الرسمية له خسائرعديدة من أهمها حرمان خزينة الدولة من تحصيل الضرائب المستحقة عن هذه الأنشطة وتقدر بمبالغ كبيرة تمثل قيمة مضافة للاقتصاد، بالإضافة إلى أن بقاء هذه المنشآت خارج القطاع الرسمى يحرم عمالها ويحرمها من التمتع بأى حقوق أو ضمانات كما يجعل محاولتها للاستفادة من أى أوضاع قانونية غير متحقق.
كلمة فاصلة:
ببساطة.. المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر تساهم فى اطلاق الطاقات الكامنة فى شرايين الاقتصاد المصرى وتفتح آفاقاً واسعة للنمو ومزيداً من فرص العمل وتساهم فى تحسين حياة المواطنين ومواجهة البطالة، وبالتالى دمج الاقتصاد غير الرسمى فى الحياة الاقتصادية أصبح أمراً بالغ الأهمية نظراً للدور الذى يلعبه عمال هذا النوع من الاقتصاد فى التنمية لانهم يمثلون شريحة كبيرة فى المجتمع، وتقنين أوضاعهم يحقق لهم الأمن الاجتماعى تحت مظلة حقيقية تضم عملهم وكذلك يوفر للدولة مصادر جديدة للنمو والإنتاج.