لا أرى ماذا جرى للمصريين.. وما كل تلك الطاقة السلبية التى يصدرونها لبعضهم البعض خاصة على ما يسمى بالسوشيال ميديا.. هذا البلاء اللعين الذى ابتلينا به فى هذه الأيام؟!
وأتذكر هذا الرأى الرشيد للعلامة الكبير الدكتور حسام موافى أستاذ طب الحالات الحرجة بقصر العينى عندما أخرج «الموبايل» من جيبه وأجاب على نفس السؤال الذى أطرحه أعلاه لمذيعة كانت تحاوره قائلاً: هذا هو السبب والذى لم يخرب بيوتا فحسب.. بل خرب أيضاً عقولاً..!!
راودتنى هذه الخواطر وأنا أتابع كم السفالة والهراء الذى تعرضت له السيدة الفاضلة الدكتورة رضوى مدرس الاقتصاد المنزلى بجامعة حلوان لمجرد أنها طرحت فى أحد البرامج تصورا اقتصادياً لميزانية طعام شهرية- لأسرة محدودة الدخل مكونة من أربعة أفراد قدرها ثلاثة آلاف جنيه.. يستطيعون من خلالها توفير الاحتياجات الغذائية الجيدة صحياً على مدى شهر كامل، بتبادل ما يحتاجونه من وجبات فيها بروتين حيوانى ونباتى لا يخلو من اللحوم والدواجن والأسماك بمقادير معينة محسوبة وفقاً لدراساتها وخبراتها العلمية فى مجالها.. مع الوضع فى الاعتبار أنها تتحدث عن أسرة مصرية توفر لها الحكومة دعم السلع الأساسية من زيت وسكر وأيضاً بطاقة الخبز التى يبلغ ثمن الرغيف بها عشرين قرشاً وليس جنيهين كما هو خارجها.
ماذا فعلت هذه السيدة المصرية الصميمة التى تحاول بعلمها مساعدة أسر مصرية بسيطة لتدبير احتياجاتها الغذائية وفقاً لظروفها فى حدودها الدنيا.. لكى تفاجأ بكم البذاءة والتطاول والمغالطة.. وإدخالها بدون ذنب فى موجة التضخم وارتفاع الأسعار وجشع التجار والمغالاة فى أسعار السلع بصفة عامة.. إقحامها فى حسابات أخرى لم تتحدث عنها كفواتير الكهرباء والمياه والغاز وإيجار السكن والدواء والدروس الخصوصية والمواصلات وغيرها.. وهى فقط تتحدث عن ميزانية طعام فى حدها الأدنى وتستطيع أى أسرة أن تقوم بعملية مفاضلة وفقاً للأسعار الموجودة فى الأسواق.. فعلى سبيل المثال هناك اختلاف فى الأسعار من حى أو منطقة سكنية لأخري.. ومن الأسعار لدى السوبر ماركت أو بقالة التجزئة والآخر فى مجال الجملة أو منافذ القوات المسلحة والشرطة أو المجمعات الاستهلاكية.. والكل يستطيع أن يختار المناسب له ولدخله وظروفه ووقته فى سوق حر مفتوح يتيح ذلك للجميع.
>>>
وبعيداً عن رزالات وسخافات السوشيال ميديا والتطاول على من يجتهد أو من يخالفهم الرأي.. أتذكر واقع وحال الأسرة المصرية فى الزمن الماضى حيث كانت ربة المنزل أستاذة فى التدبير المنزلى حتى ولو لم تكن قد حصلت على قدر كاف من التعليم..
يلخص قناعة ووعى الأم المصرية فى هذا الزمان الشاعر عبدالرحمن الأبنودى فى بعض كلمات الأغنية الهادفة التى غنتها الفنانة فايزة أحمد عندما تقول لزوجها الواعد: «كلمنى عن بيتنا الطيب.. واللقمة الحلال».. ترن فى أذنى هذه الكلمات عندما أطالع فى الصحف إحصائيات حالات الطلاق التى زادت أو الرشاوى والسرقات والاختلاسات أو الجرائم الغريبة التى تكتظ بها وسائل الإعلام.
وأتساءل: أين ذهبت هذه الأسرة القنوعة الراضية التى كان يكدح الزوج بشرف فيها وأمانة.. وتنتظره فى البيت زوجة مدبرة ترضى بالقليل وتكافح مع زوجا للترقى والصعود على درب الحياة.. أتذكر البيوت المصرية فى الماضى التى كانت فيها ماكينة الخياطة التى تساعد الزوجة على صنع الملابس لأولادها.. وبالمناسبة فى بعض هذه البيوت «بيانو» أيضاً فالرقى الإنسانى لا يتجزأ مع زوجة تذاكر لأبنائها دون الحاجة للدروس الخصوصية.
وكانت تصنع لهم جميع أنواع العصائر والمربات من الفاكهة الطبيعية غير المحفوظة.. وكان فى كل بيت مصرى «قدرة» صغيرة لعمل الفول وكذلك الطعمية «البيتي» النظيفة لذيذة الطعم التى تحمى الأسرة من الأمراض الخطيرة التى تتسبب فيها طاسة الزيت المغلى فى المطاعم على مدار اليوم.. ناهيك عن الأسعار المبالغ فيها التى جعلت قرص الطعمية الآن بخمسة جنيهات.
>>>
باختصار.. مطلوب منا جميعاً اتقاء الله فى تعاملنا مع بعضنا البعض خاصة فى السوشيال ميديا تلك الآفة الجديدة التى دمرت حياة المصريين.. ويجب أن نحسن الظن بالله وأن نعمل ونجتهد وننتج ونحافظ على بلدنا الآمن المستقر بعيدا عن هؤلاء القاعدين عبر الشاشات ينغصون على الناس حياتهم ويجرون المجتمع إلى دوائر اليأس والإحباط.