طلب منى زملائى أن أقدم بودكاست أسبوعيا بمحتوى جديد يبتعد عن السياسة والأخبار والأحداث الجارية ويركز على المسائل الثقافية والاجتماعية والفكرية والحكايات التاريخية والفنية، بمعنى أدق طلبوا منى أن أخلع عباءة الجدية الخبرية والسياسة وما يصاحبها أحيانا من قسوة لفظية تحول الصوت أحيانا أيضاً إلى ما يشبه الصراخ، واقترحوا – بحسن نواياهم – أن ارتدى ثيابا جديدة هادئة تماما وغير مسموح فى هذا العمل أن يكون هناك خروج على النص، فكرت قليلا ووافقتهم بسرعة وسعدت بالفكرة التى ستأخذنى إلى مناطق جديدة ونائية عن جغرافية الأفكار التقليدية، طلبت متابعة معظم البودكاست وتحليل المضامين والبحث عن فكرة جديدة نبتكر فى تقديمها للناس، فالمحتوى لا يجب أن يكون تكراراً للبرنامج الذى اقدمه ولا يجب أيضا ان يكون منحوتا من افكار الآخرين، كما لا يليق بنا أن نكرر تقديم المحتوى الجديد فقط لنقول إننا نقدم بودكاست، من هنا كانت بداية البحث والدراسة لمعظم ما يقدم فى هذا الإطار، اكتشفت ان الجماعات والميليشيات والمنظمات من دون الدول هى الأكثر نشاطا فى تقديم هذا النوع من الإعلام، فالبودكاست كما «الطائرات المسيرة» من حيث السهولة واليسر والرخص والحرية الكاملة، فمن يقدم بودكاست لن يحتاج إلا إلى معدات بسيطة لا تكلف شيئا ويتمتع مقدم البرنامج بحرية مطلقة فى فضاءات «الشغلانة». فلا رئيس تحرير يحذف أو يغير فى عناوين او محتوى ولا سياسة تحريرية واضحة وملزمة ولا وقت محدداً أو مساحة محددة، الخلاصة أن البودكاست وكما قلت يشبه « الطائرات المسيرة «ويشبه أيضا فكرة «الميليشيات من دون الدول» فالطائرة المسيرة رخيصة وخفيفة وحرة وكذلك الميليشيات تعمل وفق قواعد الفوضى التى رسمها المرتزقة وقاطعو الطرق المحدثون، كذلك أرى أن البودكاست نفس الشيء، فلا رقيب ولا مسئول ولا قواعد، فقط عليك أن تحضر عدد 2 ميكروفون وتختار الموضوعات المثيرة وتبدأ فى الرغى والرغى الآخر، بالطبع وحتى لا يفهم من كلامى أننى ضد هذه النوعية من البرامج وربما قدمت واحدا من تلك البرامج نزولا على رغبة ومقترح زملائي، لكن الخطورة الحقيقية هى ما لمسته من برامج البودكاست التى يقدمها المنتمون أو الداعمون للجماعة الإرهابية، أولاً من حيث العدد والمساحات والتوقيتات والمحتوى الذى يحاولون من خلاله تكويد رسائلهم وتغيير نبرة صوتهم وملابسهم حتى يصلوا مجددا إلى حكم مصر، كذلك هناك بودكاست يقدمه بعض مَنْ نصفهم «بالناس الشمال» شمال الدولة أقصد وليس لنا علاقة بأى تفسيرات أخري، كذلك هناك العديد من البودكاست يتم تقديمه لحساب دول بعينها للترويج لقضية ما فى توقيت ما من خلال شخصية ما، الخلاصة استشعر خطرا من ظاهرة البودكاست حيث إن اليد العليا فى هذا المضمار وفقا لما رأيته حتى الآن ليس فى صالح الفكرة وإنما يُخدِّم فقط على بعض الأمور ربما كنت ضد الفكرة بقصد أو بدون، الحرص والتفكير والتنظيم والرقابة على البودكاست أتصور انه بات واجباً.