تتعامل كافةُ الأنظمةُ التعليميةُ مع الطلاب وفق أساليب تفكيرهم، ومقدرتهم على اكتساب خبرات التعلم بمكوناتها المعرفية، والمهارية، والوجدانية؛ ومن ثم لا تقع الضغوط التى تُسببُّ الارتباكَ لكل من المتعلم، وأولياء الأمور؛ فتسير مُسْتَقرَّةٌ ما دامتْ تحقق أهدافها المنشودة فى نتاجٍ يستطيع أن يواكبَ، ويلبّى متطلباتِ سوقِ العملِ وفق تغيّراته المُتسارعةِ، ناهيك عن كونه يمْتَلِكُ هُويّةً وطنيَّةً، ووعيًا صحيحًا، يُعَدُّ سياجًا ضد مَنْ يسْتهدفُ مُقدّراتِ وطنه.
وفى خِضَمِّ ذلك تبحثُ وزارةُ التربيةِ والتعليمِ، والمهتمون بتطوير أنظمة التعليم المصريِّ عن صيغٍ تُحَقّقُ ما تمتْ الإشارةُ إليه، وبالبحث عن ذلك قد اتَّضَح أن نظام البكالوريا المصريّ الذى تمّ طَرْحُه للحوارِ الوطنيّ، والدراسة، والاستقصاء عن نقاط القوة، والضعف والمخاطر، والتهديداتِ أنه أحد الأنظمة الجيّدةِ التى تُحْدثُ ما نسميه بالتَّعلم للإتقان، ليس هذا فحسبُ، بل، ويتخطى صعوبةَ كثافةِ المقرّرات الدراسيّة؛ حيث يتم التركيزُ بعد السنةِ التمهيديّة على مجال التخصص الذى يتوافق مع ما لدى الطالب من أساليب التفكير، وخبراتٍ، وقدراتٍ نوعيّةٍ تجعله يسير فى دراسته المستقبليّة بشكلٍ جادٍّ، ومُمَيّزٍ.
وهنا نتوقعُ أن يخوض الطالبُ الذى اختار تخصصه وفق ملكاته، وقدراته غِمار الابتكار؛ حيث الاختيارُ وفق الميول العلمية، وحبِّ الاستطلاع العلميّ، وهو ما نفتقده فى النظام الحاليّ الذى أصفه بأنه تجاوزٌ بالمريض؛ لذا أرى أن التخلى عنه قد بات أمرًا ضروريًا؛ لنختار بعد تمعّنٍ، وتأملٍ، وتريّثٍ نظام البكالوريا فى صورته المُنقّحةِ التى تفتح لنا بوابة الأمل، والطموح فى إصلاح حقيقيّ لمنظومة التعليم قبل الجامعيّ، والجامعيّ فى آنٍ واحدٍ.
نحن نطْمحُ جميعنُا إلى عودة القيمِ الأصيلةِ؛ لإدراجها بين أفراد هذا المجتمع، وكافةِ أطْيافه، هذا المجتمع الذى يتَّسِمُ بأنه صاحبُ الثقافةِ، والحضارةِ العريقةِ؛ لنقف عند المكانة التى تليق بنا نحن، وبأجيالٍ سوف تَحْملُ الرَّاية؛ حيثُ تمتلكُ العقيدةَ الوسطيّةَ، المُعْتدلةَ، والوعى الصحيح، والممارساتِ التى تتسق مع أخلاقنا الجميلة التى جعلتنا مترابطين، ومتماسكين، ومُصَّطفّيِنَ خلف قيادتنا، ومؤسساتنا الوطنيّة.
دَعوُنَا نتحاورُ ونصلُ إلى صيغةٍ توافقيّةٍ تحقق لنا كل ما نُنْشده من طلابِ هذه المرحلةِ، ونتخلص من مرحلةٍ عليها ما عليها، وليس لها ما لها.. ودى ومحبتى لوطنى وللجميع.