المنطقة أمام أيام وربما ساعات حاسمة، ومخاض شديد التعقيد، فى ظل إصرار على التصعيد، وتفجير المنطقة وإشعالها، رغم نداءات ودعوات التهدئة ووقف التصعيد إلا أن الشرق الأوسط يمضى إلى قدره وسوف يكون البقاء فيه لمن استعد مبكراً وأمسك بزمام القوة والقدرة وليس هذا فحسب بل تمسك بتلابيب الحكمة، المستندة إلى القوة الفائقة، والرشيدة والحكيمة.
ما يجرى فى المنطقة، عاصفة قد لا تهدأ قريباً، وربما تتجه إلى مسارات لا يتوقعها أحد.
المشهد الحالى فى المنطقة افتقد وغابت عنه الحكمة، أو الحسابات والتقديرات الدقيقة وهو ما يمضى بها إلى الاشتعال فى معركة دامية، سيتوارى فيها الطرف الضعيف، وينزف فيها الطرف الأقوى لتربح الأطراف الأقوى ولكن الأكثر حكمة والأقل تهوراً ومن تتمسك بالصبر والاتزان الاستراتيجي.
تلك المعركة الدامية التى تدور رحاها فى ساحة المنطقة، سوف تسفر عن نتائج استراتيجية، وإعادة ترتيب للأوراق حتمية.
الحقيقة أن السؤال المهم الذى نطرحه فى آتون نيران تشتعل فى المنطقة فى كافة الاتجاهات، البقاء لمن؟ ومن سوف يعبر هذه المستنقعات بأمان، ومن سيحتفظ بقوته دون خسائر وسوف يربح دون إطلاق رصاصة بفضل قوة الحكمة، وحكمة القوة.
شاءت الأقدار على مدار التاريخ، أن تنتهى حروب الإبادة والحملات الاستعمارية، والقوى الهمجية على يد المصريين، فهذا الوطن دائماً يصنع الفارق، لأنه يحظى برعاية الله، وحفظه ودائماً يسوق له الشرفاء. والقادرين على العبور به إلى طريق النصر، والأمن والأمان والاستقرار، والحفاظ على الأرض والوجود.
قلت من قبل إن كل ما يدور فى المنطقة من عدوان، وإشعال، وتصعيد، يقع برعاية، ودعم أمريكى كامل، تتصدر فيه إسرائيل الواجهة، وأن سياسة توزيع وتبادل الأدوار بين واشنطن وتل أبيب لم تعد تنطلى على الجميع، فالأحاديث الأمريكية عن أن إسرائيل لم تخطرها، أو أنها تدعو إلى وقف التصعيد وإطلاق النار أو القيام بعمل برى فى رفح أو لبنان تحطمت على صخرة الدعم غير المحدود لجيش الاحتلال والدولة الصهيونية مالياً وعسكرياً وأيضاً القوات الأمريكية والبريطانية المتواجدة بكثافة فى البحرين الأحمر والمتوسط والمنطقة.
انتهت مرحلة دامت عقوداً فى تاريخ المنطقة، عمل فيها محور الشر على توتير الدول من الداخل وإسقاطها بأيادى شعوبعها من خلال مخطط الفوضي، أو الإرهاب، أو تزييف الوعي، والتغرير بهذه الشعوب، ودفعت دول المنطقة ثمناً باهظاً لكن محور الشر لم يحقق أهدافه الرئيسية التى فشلت بسبب وعلى يد المصريين، وبدأت مرحلة جديدة هى امتداد للماضي، لكنها بآليات وأساليب مختلفة هذه المرة تمارس فيها البلطجة، وغطرسة القوة والتدمير فى تحالف «أمريكى غربى صهيوني» يسعى لتغير بالقوة فى الشرق الأوسط، ورسم ملامح وأبعاد وحدود جديدة للمنطقة لصالح دولة الاحتلال وتحقيق أهداف هذا التحالف فى السيطرة على المغانم ومناطق النفوذ لإجهاض محاولات إظهار النظام العالمى الجديد واصطفاف دول المنطقة لصالح الكيان الصهيونى الذى يلهث وراء أوهامه فى تحقيق مخطط إسرائيل الكبري، لكن كل ذلك مازال مجرد أوهام، لم يصطدم سوى مع بيوت العنكبوت من جماعات وحركات وأحزاب مسلحة كانت فى الماضى مجرد أدوات أمريكية صهيونية وهى من صنعتها لكن آن الأوان للتخلص منها بعد أن وفرت هذه الكيانات الطفيلية والموازية فى خلق الذرائع لمنح محور الشر شرعية التدمير، وإزالة هذه الكيانات من الوجود.. لكن الأمر لم ينته بعد فمازال أمامنا الكثير فى القريب بعد اختفاء الكيانات الوظيفية التى منحت قوى الشر فرص ذهبية.
نعود للسؤال المهم، البقاء لمن؟ الإجابة هنا، تشير إلى من يستطيع الحفاظ على قوته وتعظيمها، ومن يستطيع أيضاً أن يتمتع بالهدوء والثقة والصبر، والاتزان والإدارة.. كالتالي:
أولاً: مصر حذرت كثيراً من تداعيات التصعيد، وحاولت وسعت إلى منعه لكن من الواضح أن الداء داخل دول الأزمات والتى تتعرض للدمار الآن، ستحكم فيها خاصة التناحر الداخلي، والانقسام والتشرذم وإضعاف الدولة الوطنية لصالح كيانات مسلحة موازية، تنافس الدولة الوطنية أو تتفوق عليها لذلك نجحت فى فرض واقع مأساوى دون حسابات وتقديرات صحيحة، ولا يمكن أن ينبع من دولة لذلك هنا أقول، إن السبيل الوحيد للبقاء هو الاقتضاء بالنموذج والرؤية المصرية فى بناء الدولة الوطنية ومؤسساتها، وبناء دولة القانون والمؤسسات التى ينضوى الجميع تحت لوائها، والاستثمار فى قوة هذه الدولة الوطنية من هنا فإن مصر ستعبر بثقة خلال الخمس سنوات القادمة، وهناك قاعدة تقول إن الدولة التى ستصل إلى 2030 سوف تسير وتنجو، والحقيقة أن مقومات الدولة العظمى إقليمياً والأكثر قوة وقدرة قد جرى بناؤها منذ تولى الرئيس السيسى بوجود جيش وطنى عظيم هو الأقوى فى الشرق الأوسط وأحد الأقوى عالمياً لكنه جيش يحمى ويدافع ويصون الأمن القومى والحدود والتراب الوطنى والثروات والمصالح والمقدرات المصرية، ومؤسسات قوية، بالإضافة إلى ملحمة بناء وتنمية على مدار 11 عاماً عظمت من قدرات وإمكانيات الدولة المصرية على طريق الاستغناء والاكتفاء.
ثانياً: الشعب المصري، صنع الفارق فى الحفاظ على الدولة المصرية ومؤسساتها الدستورية على مدار 10 سنوات بفضل وعيه وتماسكه وفهمه لما يجري، وهو ما أكده الرئيس السيسى فى كثير من أحاديثه فى ظل تطورات خطيرة تحتاج إلى حسابات وتقديرات دقيقة وحذر وتأن ودراسات معمقة قبل الإقدام على اتخاذ أى قرار لذلك فإن الاصطفاف والتماسك والوعى والفهم، لدى الشعب، هو أهم أسلحة النجاة، وسفن العبور إلى بر الأمان.
ثالثاً: انتهاج الدولة المصرية القوية والقادرة سياسات خارجية ودولية تستند إلى أعلى درجات الحكمة والتوازن وعدم التهور والمغامرة والاعتدال والإيجابية، ترفع شعار إنهاء الأزمات وليس تصعيدها، وهو أمر يضمن فاعلية مسارات التواصل الخارجي، ويجهض محاولات الاستدراج والاستنزاف وامتصاص قوة الاستهداف وتحسباً من الانزلاق إلى مخاطر حقيقية تهدد الأمن الإقليمي.. فمصر لديها من القوة والقدرة الفائقة والردع ولكن تستند إلى الحكمة والاعتدال والتوازن وهو ما يوفر لها صلابة جدار الأمان والاستهداف، فالرئيس السيسى قائد عظيم يدير أمور وتحديات، والتهديدات بالمنطقة بعبقرية وثبات، ويجيد حماية الأمن القومى الذى يعتبر حمايته عملية مستمرة بلا كلل أو ملل وأن تماسك ووحدة الشعب المصرى هما محور الارتكاز والحماية الاستراتيجى للدولة المصرية والضامن الأساسى للحفاظ على أمن واستقرار الوطن.
مناطق القوة والقدرة والردع والوقوف على أرض صلبة مع التماسك والاصطفاف وقوة الحكمة والوعى طريق البقاء والخلود، والنصر والعبور الآمن خارج نطاق الاستدراج والاستهداف وهو ما تفعله القيادة المصرية بهدوء وثبات وثقة وذكاء.