بعض الأبناء اليوم ضحايا طفولة ظالمة لآباء فشلوا فى القيام بدور الاب ودور الأم كما ينبغى أن يكون؛ فبعض الآباء قد يعتقدون ان دورهم انتهى بمجرد الإنجاب ولكن الحقيقة دورهم يبدأ عند الإنجاب! فليس الإنجاز لمن انجب بل لمن أحسن التربية وأنشأ أطفالاً اسوياء نفسيا فقيل زمان الأم هى من تربى وليس من تنجب! من خلال عمل بعض من الاحصائيات والاستبيان تبين ان معظم مشاكل الشباب ناتجة عن طفولة ظالمة او آباء لم يقدموا لهم الحب الكافي؛ فبعض الآباء لا يعلمون ان هناك عقوقاً للآباء كما هناك عقوق للأبناء بداية من اختيار الاسم؛ إنها القصة الشهيرة التى تحكى أن رجلًا جاء إلى عمر بن الخطاب –رضى الله عنه– يشكو إليه عقوق ابنه، فأحضر عمر الولد، ليؤنبه على عقوقه لأبيه ونسيانه حقوقه، فقال الولد: يا أمير المؤمنين، أليس للولد حقوقٌ على أبيه؟ قال بلي، قال فما هى يا أمير المؤمنين؟ قال عمر: أن ينتقى أمَّه ويحسن اسمَـه ويعلمه الكتاب، قال الولد: يا أمير المؤمنين إن أبى لم يفعل شيئًا من ذلك.
أمّا أمى فإنها زنجية كانت لمجوسي، وقد سمانى جُعَلاً ـ أى خنفساء، ولم يعلمنى من الكتاب حرفاً واحــداً، فالتفت عمر إلى الرجل و قال له: جئت إليَّ تشكو عقوق ابنك، وقد عققته قبل أن يعقـــك، وأسأت إليه قبل أن يسيء إليك!. تعلمنا منذ الصغر، بر الوالدين وحدثنا القرآن الكريم عن عقوق الوالدين ولكن أين حق الأبناء الذى هو فى القرآن أيضًا؟
فالله «سبحانه وتعالي» قال: «يوصيكم الله فى أولادكم» فأشاهد بالحياة بعضاً من الآباء قد اساءوا لابنائهم بداية من اختيار زوجة غير مؤهلة لتربية أبناء وأب غير مؤهل لتحمل المسئولية وبعض الرجال يتزوجون من نساء لا يحبونهن مما يكون له اثر سييء على نفسية الأبناء فيشعرون بعدم الحب فينعكس ذلك عليهم وقد تخرج الزوجة ما بداخلها من مشاعر سلبية وتنقلها للأبناء وبعض الآباء يصل الأمر بهم الى كره أولادهم بسبب كرههم لامهم او كره امهم لابيهم؛ قد يشاهد الطفل معاملة الاب السيئة للأم مما ويربى بداخله عقدة تتنتقل معه للمستقبل.. هناك من يتفادى ذلك عند زواجه فيحسن من معاملته لزوجته وهناك من يتعلمون القسوة من آبائهم ويسيئون معاملة زوجاتهم؛ وهناك من لم تتشبع بالحب من والديها فتصبح باردة المشاعر ولا تستطيع التعبير عن مشاعرها فى المستقبل؛ وهناك أمهات تتحدث مع بناتهن عن معاملة الاب السيئة لها فيكبر الاولاد يكرهون والدهم!
وهذه الأم وهذا الأب اللذان ولدا ابنة ليست جميلة، ودائما تسمع منهما كلمات تؤذى النفس! هذه الابنة التى تخشى عليها الأم بأن تصبح «عانس» وتزوجها رغمًا عنها لتدفع الابنة الثمن بأن تعيش طيلة حياتها فى جحيم!.. وهذه الام التى تجاوزت ابنتها مرحلة الزواج، فتبدأ بمعاملتها معاملة سيئة وكأنها يجب ان تموت خوفًا من العار، ولا تعلم الأم أنها ترتكب ذنبًا باعتراضها خلق الله!.
هناك العديد من الأبناء مظلومون من والديهم، وهناك من لا يستطيع التحدث خوفًا من عقوق الوالدين ودائمًا الآباء يسترشدون بالدين عندما يصدر من أحد الأبناء شكوى أو ضيق نفس من سوء المعاملة، أين علماء الأزهر من ذلك؟!.
من يدفع ثمن تلك الجريمة التى تنشيء جيلًا معقدًا نفسيًا! وكأن الأبناء يدفعون ثمن عدم إيمان آبائهم! ويجنون ثمار عقدة الآباء منذ صغرهم ولم يعالجوها فانتقلت للأبناء.
فسبب ما يحدث هو عدم فهم أحكام الله، وعدم اتباع القرآن الكريم والسنة، فالكثير من الأبناء يشتكون من عدم حث أبنائهم على الصلاة والدين، بل بالعكس يحثونهم على العري، وسمعت قصصًا كثيرة من الواقع كذلك، فشاهدت الأم التى تترك ابنتها تدخن شيشية وسجائر على سبيل أنها لارج وبنت ناس!
وهذا الابن الذى يشرب المخدارات هروبًا من حياته بسبب إهمال أبويه له، وشاهدت قصصًا كثيرة تدعو للحزن، فالعديد من الآباء فاهمين أن الحياة الحرة الكريمة التى يمنحونها لأبنائهم تتمثل فى الأكل والشرب والعربية والمنزل، لكن لا يعلمون أن الأبناء بحاجة إلى حنان وعطف وحب واحتواء ، يحتاجون من يأخذ بإيديهم لبر الأمان، محتاجين من ينصحهم نصيحة أمينة حتى لا يلجأون إلى أصدقاء السوء، وأعتقد أننا بصدد هذا الزمان الذى غابت عنه الأئمة، ولم يناقشوا المسائل التى تؤرق مجتمعنا، بل تؤثر على الدولة بأكملها، فما ينتج عن عقوق الآباء للأبناء جيل معقد نفسيًا وينتقل التعقيد من جيل لجيل، ثم نتساءل بعد ذلك لما يبدو البعض معقدين؟! فكما أطلقت دار الافتاء دعوة بأن الزواج ليس فرضاً اتمنى ان يعى الجميع أن الإنجاب أيضا ليس فرضاً فكما ان الزواج لمن قادر عليه أيضا الإنجاب لا يصلح للجميع فالبعض يجب أن يتعالج نفسيا قبل أن يقدم على خطوة الزواج ومن ثم الإنجاب فيجب ان يفرق الجميع بين خطوة الزواج وخطوة الإنجاب.. هل قادر على تلبية احتياجاته وجعله سوياً نفسيا اذا كانت الإجابة نعم فليقدم على الإنجاب وإذا كانت لأ فليتوقف عند مرحلة الزواج.