هل يمكن أن تكون التكنولوجيا سلاحا فى يد الفقراء ، أو بالتحديد فى يد الأطراف الضعيفة فى أى صراع عسكرى أو اقتصادى أو سياسى؟
طبعا قد تبدو الإجابة: بنعم تثيرعلامات الإستفهام أو الإستهجان فى ظل امتلاك الدول الكبرى لهذه التكنولوجيا وأسراراها فى كافة المجالات، والنتيجة معروفة : انتصارات متتالية لمن يملكها ضد من لا يملكها ، أو ضد مستخدمها الذى لم يتحوط لحمايتها من التكنولوجيا المضادة ، أو حتى بإستخدام أدوات بدائية لا تعجز التكنولوجيا المتقدمة عن أختراقها
فى البداية أى نقاش حول قدرة من يمتلك هذه التكنولوجيا أن يصيب من يريد بـ «الموت « بالسكته التكنولوجية فى لمح البصر مفروغ منه ..
مثلا ببساطة تستطيع امريكا وهى جالسة على شاطئ الأطلسى وأقرانها من البلادالمتقدمة ان تحول أى معدات عسكرية تبيعها لأى دولة من العالم الثالث الى قطعة «خردة «، وتعطيل الأنظمة العسكرية الحيوية فى اقل من «فيمتو ثانية « ، بإختراق أنظمة الاتصالات والقيادة والتحكم، و سرقة المعلومات العسكرية الحساسة مثل الخطط والتقنيات العسكرية، مما يضعف القدرة الدفاعية لأى دولة و يمنح العدو ميزة استراتيجية لا نظير لها تحسم المعركة
والأمر لا يقتصر على المعدات العسكرية ولكن على معدات المصانع والمطارات والموانئ والتليفونات والبنوك .. الخ ، يعنى يمكن إستخدام هذه التكنولوجيا لشن هجمات إلكترونية على البنية التحتية الحيوية، مثل شبكات الكهرباء والمياه، والنتيجة زعزعة استقرار المجتمعات.
وفى وسائل التواصل الاجتماعى يمكن استخدام هذه التكنولوجيا لنشر المعلومات المضللة والتحريض على العنف لهز الاستقرار وزيادة حدة التوترات بين فئات المجتمع وأنظمة الحكم ..
وحتى لا يكون الكلام نظريا هناك ملايين الأمثلة فى المجالات العسكرية حيث للتكنولوجيا دوراً كبيراً فى تزويد الأطراف المتنازعة بأسلحة أكثر فتكًا ودقة، مما يزيد من الخسائر فى الأرواح وتدمير البنية التحتية.
وفى الصراع العربى الاسرائيل الملعب ممتد منذ سنوات واستخدام إسرائيل التكنولوجيا العسكرية المتقدمة والمقدمة لها على صينية من ذهب من الغرب ، مثل الطائرات بدون طيار وأنظمة الدفاع الصاروخى، والقبة الحديدية ، وكان آخرها إستخدام إسرائيل هذه التكنولوجيا فى تحويل أجهزة «البيجر» فى يد جنود وقيادات حزب الله اللبنانى الى قنابل موقوتة تم تفجيرها فى لحظة واحدة وسقط على أثرها آلاف الضحايا فى العديد من المناطق اللبنانية وأختتمت باغتيال حسن نصر الله والباقى تعرفونه !
نعم لعبت الى جانب التكنولوجيا المعلومات الاستخباراتية وغيرها ، لكن المهم كانت للتكنولوجيا اليد الطولى فى العملية وزيادة عدد الضحايا ، والأمر حدث فى إغتيال إسماعيل هنية فى غرفة نومه أثناء زيارته لإيران ، والأمر أيضا فى اغتيال الرئيس الايرانى وإن بدا الأمر «سقوط طائرة» ، وما يحدث فى غزة الآن يكمل الصورة !!
وطبعا على المستوى العالمى حدث ولا حرج ، فقد أثرت الهجمات السيبرانية على الإقتصاد والقوة العسكرية للدول ، وسببت خسائرا مالية فادحة لشركات ومؤسسات حكومية، من خلال سرقة البيانات المالية، وتعطيل العمليات، وابتزاز الشركات، و تعطيل البنية التحتية الحيوية، مثل شبكات الكهرباء والمياه، و الخدمات المصرفية والنقل والاتصالات وسرقة أسراروبيانات وخطط الشركات والمؤسسات، وسرقة براءات الاختراع والأسرار التجارية
بعد كل هذا هل هناك أمل للفقراء ممن لا يمتكلون تريليونات الدولارات وأسرار هذه التكنولوجيا
أعتقد ان عقول شباب العالم الثالث يمكن ان يكون لهم دورا ،وقد رأينا بعض المحاولات الناجحة وللدرجة التى أوجعت الكبار
على سبيل المثال انتاج العديد من الدول الان للطائرات المسيرة التى لا يزيد ثمنها عن مئات الدولارات لتخترق القبة الحديدية فى اسرائيل أو» تناوش» فى بث الرعب ما تفعله أحدث الطائرات المقاتلة بمئات الملايين من الدولارات
وفى مجالات الهجوم السيبرانى نجح أطفال ولن أقول شباب فى إختراق البنتاجون والبيت الأبيض ووزارة الدفاع البريطانية وبنوك كبرى وأجهزة مخابرات عتيدة ، ويمكن له الأثر الذى تفعله الدول الكبرى فى تدميرالبنية التحتية الحيوية التى تدعم القوات العسكرية، مثل شبكات الطاقة والنقل والاتصالات..
ومن الأمثلة الأخرى الموجعة سيبرانيا ، هجوم «ستاكسنت» على المنشآت النووية الإيرانية والبنية التحتية فى أوكرانيا، و هجوم «واناكراى» الذى أثر على مئات الملايين من أجهزة الكمبيوتر فى جميع أنحاء العالم.
ومن الطريف ان هناك اتهاما امريكيا من الحزب الديمقراطى بتدخل روسيا فى الانتخابات الامريكية السابقة لصالح دونالد ترامب
المهم الخسائر فى سنوات قليلة بلغت أكثر من 22 تريليون دولار …بعد كل هذا هل يستطيع الفقراء المواجهة ؟
أعتقد نعم .. نعم قد تكون ردود الفعل عنيفة على هذه المحاولات من فقراء العالم ، لكن المقاومة معيارها مختلف
مثلا : كل دول العالم الثالت تملك عقولا نجحت فى البرمجة والسوفت وير وغيرها ، ويأت الذكاء الاصطناعى ليضيف للمعادلة ارقاما محترمة
وفى مصر نجحنا بعقول الشباب فى إنتصار اكتوبر و عجز الاصدقاء قبل الاعداء تخيل أختراق خط بارليف أو تحويل الساتر الترابى الى «شوية « رمل وطين بخراطيم مياه قد تستخدم فى الإطفاء ، وسد فتحات النابلم بشوية أسمنت … !!
وما أشبة الليلة بالبارحة ، يمكن للعقل المصرى التغلب ومعه عقول العالم الثالث بوسائل كثيرة ، على غرار الطائرة المسيرة التى تواجه F35 فى بث الرعب ، او بالبرمجة والذكاء الاصطناعى الذى يمكننا ان نجعله يتكلم مصرى أو حتى بإستخدام أدوات بدائية لا تعجز التكنولوجيا المتقدمة عن أختراقها مثلما فعلنا بخراطيم المياه ما لم تفعله القنبلة النووية !!