نستكمل أحداث اللقاء بين رجل المخابرات المصرية حسن التهامى ونظيره بالمخابرات الامريكية مايلز كوبلن كما جاء بكتاب «برج القاهرة أول مهمة قومية للمخابرات العامة المصرية» لعادل شاهين.
فى تمام الموعد المحدد كان التهامى يخطو بقدميه إلى داخل بهو فندق سميراميس، وواصل مسيرته حتى صعد إلى الدور الذى يقع به الجناح الذى حدد له رقمه، وما إن استوى أمام باب الجناح، وبدأ يدق على الباب، وما هى إلا ثوان حتى كان مايلز كوبلن يقوم بفتح الباب مرحبا بضيفه، حيث اصطحبه إلى صالون الجلوس، وبدأ حديث ودى بين الاثنين صاحبه تحركهما إلى البار الموجود فى أحد أركان الجناح، حيث التقط التهامى كأساً من عصير البرتقال، وتابعه مايلز كوبلن باختيار مشروبه المفضل ثم اتجه الاثنان إلى حيث جلسا ودار حوار بينهما جاء فيه:
مايلز كوبلن: فى لقائنا السابق خلال حفل الاستقبال فى منزل السفير الأمريكى ذكرت لك أن الولايات المتحدة يهمها أن تظل العلاقات مع مصر فى النواحى كافة على أفضل ما يكون، وأن أمريكا تتطلع إلى أن يكون المجهود المصرى بكل طاقته موجها للتنمية فى مصر.
التهامي: نعم.. نعم استمعت إلى هذا خلال اللقاء، ومصر تعمل من جانبها على حسب ما أعلم على الحفاظ على علاقات طيبة ومتواصلة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وفى نفس الوقت هناك أهداف قومية لمصر تصوغها طبقا لما يحقق مصالحها فى المنطقة دون إضرار بأحد.
مايلز كوبلن: الواقع أن الكونجرس الأمريكى بمجلسيه قد توافق مع الاتجاه الذى تتبناه الحكومة الأمريكية الحالية، ومن أجل تدعيم علاقة الولايات المتحدة مع الدول الصديقة فى المنطقة وعلى رأسها مصر قرر الكونجرس الأمريكى تقديم دعم مادى لرؤساء هذه الدول للتصرف فيه وفق ما يتراءى لهم، ولم تستحسن الحكومة الأمريكية أن يتم هذا من خلال القنوات الدبلوماسية، وقد كُلفت بتولى تقديم هذا الدعم عن طريقكم للرئيس عبدالناصر رمزاً للتعاون والصداقة بين مصر والولايات المتحدة، وأود أن أشير إلى أن الولايات المتحدة ستكون على أتم الاستعداد للاستجابة إلى أى طلبات أو مساعدات يطلبها الرئيس من عبدالناصر.
وإلى هنا استأذن مايلز كوبلن من ضيفه ودلف إلى حجرة داخلية وعاد مرة أخرى وفى يده حقيبة متوسطة الحجم مما هو معتاد أن يُرى أن شخصاً يحمل مثلها، وسلمها لحسن التهامى بعد فتحها أمامه ليطلع على ما بداخلها وتسلمها التهامى وشكره وكرر أنه سيسلمها للرئيس عبدالناصر شخصيا فى صباح اليوم التالى ودون أن يعلم أحد بذلك.
هكذا انتهى هذا اللقاء بين مايلز كوبلن ضابط المخابرات الأمريكية وبين حسن التهامى مستشار رئيس الجمهورية وخرج التهامى من اللقاء مذهولا وهو يحمل فى إحدى يديه العطية المالية المقدمة من الرئيس الأمريكى لجمال عبدالناصر.
فما إن وضع التهامى الحقيبة بجانبه وهو يقود سيارته عائدا إلى منزله، أخذ التوتر ينتابه، وبدأ يسأل نفسه لماذا تسلمت منه هذه الحقيبة؟، ماذا سيكون رد فعل جمال عبدالناصر؟، إننى سأفقد الثقة الكبيرة التى يولينى إياها جمال عبدالناصر، وظل كذلك فى حيرة من أمره واضطراب إلى أن وصل إلى منزله وصعد إلى شقته ثم دخل حجرته ووضع الحقيبة بجانب سريره ونبه على من بالمنزل، بعدم المساس بها حيث إن بها وثائق ومستندات سيسلمها للرئيس غدا، وبات عقله شارد الفكر متوتر الأعصاب يعد الثوانى قبل الدقائق حتى بدت بوادر بزوغ فجر يوم جديد.
لا يعلم أحد ما سيكون عليه الحال هل سيلومه عبدالناصر؟، هل سيقدمه للمحاكمة العلنية فى هذا الشأن؟، هل سيكلفه بإعادة الحقيبة لصاحبها مرة أخري؟