الاصطفاف العربى مع مصر بات ضرورة إستراتيجية لمواجهة أزمات المنطقة، لوجود تحديات جيوسياسية متزايدة، وتغيرات إقليمية ودولية متسارعة.. والأمر يتطلب تكاتفًا وتنسيقًا غير مسبوق لضمان الأمن والاستقرار فى بيئة مضطربة.. فمصر بفضل موقعها الجغرافى الفريد، وثقلها التاريخى والحضاري، وقدراتها العسكرية والدبلوماسية، تشكل ركيزة أساسية فى أى منظومة أمنية عربية فعالة، وهى قادرة على الاضطلاع بدور قيادى فى توحيد الجهود لمواجهة الأخطار المشتركة.. إنّ الأزمات المتشابكة التى تعصف بالمنطقة، من صراعات مسلحة وتمدد للإرهاب، إلى تدخلات خارجية وانتشار للجريمة المنظمة، تتطلب رؤية عربية موحدة واستجابة جماعية، لا يمكن تحقيقها إلا من خلال تضافر القوى وتوحيد الصفوف.. ومصر بما لديها من خبرة واسعة فى إدارة الأزمات والتعامل مع التهديدات الأمنية، تقدم نموذجًا للقدرة على الصمود والمواجهة، وهو ما يجعلها شريكًا أساسيًا لا غنى عنه فى بناء جبهة عربية متراصة.
إنّ التحديات الاقتصادية، مثل تقلبات أسعار الطاقة وتأثيرات التغير المناخي، تضاف إلى قائمة الأزمات التى تتطلب تنسيقًا عربيًا أوسع، لاسيما فى ظل تداعياتها على الأمن الغذائى والمائي.. ومصر بسعيها الدءوب لتحقيق الاكتفاء الذاتى فى العديد من القطاعات، وبمشاريعها التنموية الضخمة، تظهر قدرة على التعامل مع هذه التحديات، وتقدم فرصا للتعاون الاقتصادى الذى يمكن أن يعزز من صمود الدول العربية.. ولا يمكن إغفال التحديات الثقافية والفكرية، التى تستهدف النسيج الاجتماعى للمنطقة، وتحاول بث الفرقة والتطرف، مما يستدعى إستراتيجية عربية موحدة لمواجهة هذه الحملات، وتعزيز قيم التسامح والاعتدال.. إنّ الحاجة إلى الاصطفاف العربى مع مصر لا تقتصر على الجانب الأمنى أو الاقتصادي، بل تمتد لتشمل الجانب الدبلوماسى والسياسي، لتعزيز الموقف العربى الموحد فى المحافل الدولية، والدفاع عن المصالح العربية المشتركة، فى عالم يشهد استقطابًا حادًا وتغيرات فى موازين القوي.. فمصر بفضل علاقاتها المتوازنة مع القوى الكبري، وقدرتها على بناء جسور الحوار، تقدم نموذجًا للفاعلية الدبلوماسية التى يمكن أن تُعزز من التأثير العربى على الساحة الدولية.
إنّ أى تراجع عن هذا الاصطفاف، أو تفكك للصف العربي، سيعرض المنطقة لمزيد من التدهور والفوضي، ويمكن القوى الخارجية من استغلال هذه الانقسامات لتحقيق مصالحها الخاصة على حساب الشعوب العربية.. لذلك فإنّ العمل المشترك، وتبادل المعلومات والخبرات، وتنسيق المواقف، وتوحيد الرؤي، تعدّ ضرورة حتمية للحفاظ على استقرار المنطقة ومستقبلها.. إنّ مصر، بتاريخها العريق فى الدفاع عن القضايا العربية، وتضحياتها الجسيمة فى سبيل الأمن القومى العربي، تقدم دليلًا قاطعًا على التزامها الثابت بوحدة الصف العربي، وهى مستعدة دائمًا للتعاون مع أشقائها العرب لمواجهة أى تحدٍ يواجه المنطقة.. ولا شك أن تعزيز التعاون الأمنى بين الدول العربية، وتشكيل قوة عربية مشتركة، أو على الأقل تنسيق الجهود، أصبح أكثر إلحاحا من أى وقت مضي، لمواجهة التهديدات الإرهابية والجماعات المتطرفة التى لا تعترف بحدود.
مصر بفضل قيادتها الحكيمة وإرادتها السياسية القوية، تُقدم نموذجًا للقدرة على بناء الجسور وتعزيز التعاون، وهى مستعدة دائمًا للاضطلاع بدورها الريادى فى حماية المصالح العربية المشتركة.