ساقنى القدر لأن اتتلمذ على يد أحد عشاق الوطن، تعلمت منه الكثير، ثم سمح لى بأن أرافقه أثناء تعليمه للأجيال، قيم الولاء والانتماء للوطن الغالى، جبت معه العديد من الجامعات والمعاهد، وتحدثت إلى جواره لآلاف الطلبة والطالبات، ورغم حزنى الشديد على فراقه لدنيانا، إلا أن ذكرى المعلم الكبير اللواء ا.ح. ناجى شهود ستظل باقية لتقتدى بها الأجيال القادمة، طالما بقى الوطن العظيم.
عاد القدر ليزيدنى خيرا، فاستمرت ندوات ومحاضرات الولاء والانتماء بمختلف المحافظات، أوقات اتشرف فيها بمشاركة العظماء من القادة، ومرات أخرى أتحدث وحدى لشباب الوطن، ويعود الفضل الأول لاستمرار اللقاءات لتلك الهيئة الرائدة، التى تعمل على نشر الوعى الوطنى بمختلف المحافظات، تارة نتحدث عن سياسة الدولة فى المجالات المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية على الصعيدين الداخلى والخارجى ومواقفها إزاء مختلف القضايا، ونوضح الصورة الذهنية للدولة، وتارة عن المشروعات القومية فى كافة المجالات، فضلاً عن تنمية وعى المواطن ومشاركته الفعالة فى بناء مجتمعه.
سنوات مرت جبت فيها محافظات «الاسكندرية ــ البحيرة ــ الغربية ــ كفر الشيخ والقاهرة وغيرها» عبر مراكز الإعلام بالتعاون مع الجامعات وعدد كبير من جهات الدولة، حتى أيقنت أن الرسالة المستهدفة تتحقق بالارتقاء بوعى الأجيال، فمن خلال هيئة الاستعلامات يدرك الشباب معنى الولاء والانتماء وتحديات اليوم والغد.
فجأة ــ بين عشية وضحاها ــ أصبح يلوح فى الأفق، ضم مراكز النيل والإعلام، لوزارة المحليات، ليصبح مسئولو المراكز والعاملون بها، موظقون بالمحليات ــ وكلنا نعلم ما هى المحليات، ولعلها شهدت طفرات فى السنوات الأخيرة، سواء فى انتشار المراكز الذكية والعمل الجاد على تسهيل استخراج المواطن للتصاريح، ولكن ما علاقة ذلك بالإعلام واستهداف وعى المواطن وغرس قيم الولاء والانتماء داخله، إننى أخشى كثيرا من عدم تحقيق المستهدف حال نقل التبعية الإدارية لمراكز الإعلام إلى المحليات.
لا أجد إجابة عمن سيسهم فى التثقيف السياسى وشرح السياسات الوطنية والتوعية الاجتماعية للمواطنين فى أنحاء مصر بكافة القضايا والمشكلات المحلية؟ ومن سيعمل على ترسيخ وعى المواطنين بأحكام الدستور والقانون، ورفع حالة الوعى المجتمعى والمعرفى ذات التأثير؟ ومن سيقوم بتوفير قاعدة معلوماتية تساعد صانع القرار، وقادة الرأى والفكر، ومختلف شرائح المجتمع على استبيان العديد من القضايا الداخلية والخارجية التى تهم الرأى العام؟ ومن سيدير ذلك وينظمه ويضع له خططا قابلة للتنفيذ؟ إذا تحول مسئولو هذا القطاع المهم لموظفى محليات.. لعلنا نحتاج لمزيد من التوريث.. خاصة أننا بحاجة ماسة لدعم دور مراكز الإعلام، ولتوسعة انتشارها، حفاظا على الأجيال المقبلة، فالوطن يستحق.. حتى وإن زادت التكاليف، فبناء الأوطان يستحق الكثير.