المبدأ العام الذى يحكم السياسة الخارجية المصرية كان ولا يزال عدم الانحياز مع أو الانضمام الى أى أحلاف عسكرية أو أمنية أو حتى سياسية، وانطلاقا من هذا المبدأ التاريخى الذى تتبناه وترعاه وتحافظ عليه الدولة المصرية وتتخذه سبيلا وحيدا لإدارة علاقاتها الدولية، بيد أن تفعيل هذا المبدأ الإستراتيجى القاطع فى ظل هذه التحديات الدولية والتعقيدات الإقليمية التى خلقت حالة غير مسبوقة من الاستقطاب الحاد، من هذه النقطة تحديدا أراقب عن قرب مسارات وتحركات السياسة الخارجية المصرية على كافة الأصعدة، لقد حافظت مصر على علاقاتها الإستراتيجية مع كافة الأطراف رغم ما بينها من تناقضات وتباينات وربما صراعات، فالعلاقات مع أمريكا والاتحاد الأوروبى وبريطانيا تتميز بالإستراتيجية والنموذجية رغم بعض التباينات فى بعض القضايا، كذلك تأتى العلاقات بين مصر وكل من روسيا والصين فى نفس سياقات الصداقة الإستراتيجية رفيعة المستوى وعلى كافة المستويات، كما ان العلاقات المصرية مع الهند واليابان واستراليا والأرجنتين والبرازيل وكوريا وكل الدول الآسيوية يحيطها جميعا الدفء والاستقرار والتعاون، ومن نافلة القول ان العلاقات المصرية- الأفريقية علاقات عضوية فأفريقِية الدولة المصرية لا تخطئها عين، وتعتبر الدولة المصرية دائما ان القارة الأفريقية هى الحضن الإستراتيجى الدافئ للدولة المصرية على مر التاريخ، أما العلاقات المصرية- العربية فهى علاقة الشقيقة الكبرى بأشقائها وشقيقاتها دون زيادة او نقصان، تبقى الإشارة إلى النقاط التالية:
اولاً: تعتبر مصر دولة محورية مؤثرة فى النظام العالمي.
ثانياً: تعتبر مصر الدولة المركزية الأهم والأكبر فى الإقليم فلا سلام ولا استقرار بدونها.
ثالثاً: مصر بموقعها الجغرافى هى الضمانة الأساسية للحفاظ على الأمن ليس فى الإقليم فقط وإنما فى أوروبا خاصة فى قضايا الإرهاب والهجرة غير الشرعية.
رابعاً: مصر هى الراعى الصادق الواعى للقضية الفلسطينية عبر تاريخها وتحملت حروبا ودفعت العديد من الفواتير ومازالت هى الخاسر الأكبر فى تحمل تداعيات ونتائج تلك الحروب المتتالية.
خامساً: تتحمل مصر دون غيرها تداعيات ونتائج الصراعات فى كل من ليبيا والسودان وما تحمله هذه الصراعات من مخاطر انهيار الدولة الوطنية والجيوش الوطنية ومخاطر تقسيم ما هو مقسم وتفتيت ما هو مفتت.
سادساً: ترى مصر ان المليشيات والجماعات المسلحة من دون الدول هى اخطر ما يواجه المنطقة والإقليم برمته.
سابعاً: ترى مصر التعاون والتكامل من أجل حق الشعوب فى الحياة ودفع حركة النمو والتنمية المستدامة إلى المكانة التى تستحقها.
ثامناً: ترى مصر ان الحروب لا تحل المشاكل والصراعات، لكن الحوار وإدارة الأزمات بحكمة بالغة هو السبيل الوحيد للاستقرار، هذه لمحة سريعة عن الدبلوماسية المصرية والمبدأ العام الذى يحكمها وهو «الاتزان الاستراتيجي».