أشرنا فى المقال السابق لكون تحرير القيمة الايجارية أمراً لا خلاف حوله، خاصة بعد حكم المحكمة الدستورية، الذى ألغى ثبات الأجرة السنوية للأماكن السكنية المؤجرة وفقًا للقانون رقم 136 لسنة 1981، وربما يعيد ذلك جزءاً من الحقوق لأصحابها، مع ضرورة مراعاة الأبعاد الاجتماعية للمستأجرين، وعلى الحكومة الاضطلاع بدورها فى توفير مساكن بديلة حال الانتهاء لوجود متضررين، وليس فقط منحهم الاولوية.
كشفت الأيام الاخيرة، أن لدينا 10،5 ألف صيدلية بنظام الايجار القديم- وفق تصريح ممثل نقابة الصيادلة، ورفضت النقابة القانون المقدم بمجلس النواب، وعلق نقيب المهندسين على ذات القانون بانه- قنبلة موقوتة- وهو نفس وصف نقيب الأطباء للقانون، بل وزاد بأن قال إن العيادات الطبية غير مخاطبة بحكم الدستورية.
زادت المناقشات عبر شبكات التواصل الاجتماعى بدعوى «ادفع قيمة ما تنتفع به وخليك قاعد»، وأكد المستأجر أنه دفع هو وأباه وربما جده أيضا .. ومازال يدفع، وتصدر الحوار حول تعديلات القانون اهتمام الاحزاب السياسية والمهتمين بالشأن العام، والمواطن البسيط، ولم يتبق امام البرلمان سوى 3 شهور لإجراء التعديلات المطلوبة، وسط مخاوف من دعاوى طرد حال عدم تنفيذ التعديلات فى الوقت المحدد.
ولعل الحل الأمثل هو المرور بمرحلتين، الأولى تهدف لعبور الأزمة الحالية، من خلال تنفيذ حقيقى لحكم المحكمة الدستورية العليا، عبر إنفاذ تعديل مؤقت قبل انتهاء مدة البرلمان الحالى، يشمل تعديل القيمة الايجارية وربطها بمعدلات التضخم، ويراعى الأمان الاجتماعى للمستأجرين وفق التوزيع الجغرافى للشقق، فيتحقق بذلك ما نص عليه حكم الدستورية، دون ظلم لأى من أطراف الأزمة سواء المالك أو المستأجر.
المرحلة الثانية- وهى لاحقة على إنفاذ ما سبق الأشارة اليه بمدة زمنية مقبولة- وتشمل اعداد مشروع قانون متكامل ومدروس بعناية، بعد حوار وطنى حقيقى يؤخذ بتوصياته فى عين الاعتبار، ويستوعب القانون كل الحالات بشكل عادل ومنصف للمؤجرين و المستأجرين مع إلزام البرلمان بوقت محدد من خلال الدورة البرلمانية اللاحقة.
فأى قانون سوف ينتج فى هذا الوقت الضيق جدا سيخرج معيباً وغير متوازن وسيكون من السهل الطعن عليه ولن يخفف من حالة الاحتقان الاجتماعى بل سيأتى بما لا تحمد عقباه، ولنا فيما يحدث من تراشق الأطراف الحالية عبرة.