محافظ أسيوط : العُرس الثقافى دليل على اهتمام الدولة المصرية بالثقافة والتراث
د. إيمان خلف : التجريب هو نقطة إنطلاق المبدع
د. أسماء عبد الحميد: الإصلاح من جانب المفكرين يفتقر الى رؤية تطبيقية قابلة للتنفيذ
يختتم ظهر اليوم فى أسيوط مؤتمر أدباء وسط الصعيد الذى يضم محافظات سوهاج واسيوط والمنيا والوادى الجديد الذى اقيم على مدى 3 أيام حول مرجعية التراث الثقافى وإشكالية التجريب من خلال مجموعة من المحاور والجلسات النقدية والأمسيات الشعرية والقصصية.
كان اللواء هشام ابو النصر محافظ أسيوط قد عبر عن سعادته فى الجلسة الافتتاحية للمؤتمر بالتواجد فى هذا العُرس الثقافى الجميل الذى يدل على اهتمام الدولة المصرية بالثقافة وبالتراث ومن ثم اهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسى بدعمها ونشرها، وهى الأساس الذى نبنى عليه ثقافتنا فى ظل الجمهورية الجديدة ولا يوجد أعرق من مصر فى العالم بما تملك من التراث الثقافى والحضارى موجها تحية لقصور الثقافة التى تنشر الفكر الثقافى المستنير فى صعيد مصر.
ووجه محمد عبد الحافظ ناصف المشرف على قصور الثقافة التحية والتقدير لمحافظ اسيوط لدعمه الحراك الثقافى والادبى بصعيد مصر مؤكدا ان الدورة التى تحمل اسم الشاعر الراحل سعد عبدالرحمن متميزة لانها تمثل عمق التراث العربى الذى عشقه الراحل ؛ بالاضافة الى دوره الكبير والمؤثر أثناء رئاسته لهيئة قصور الثقافة وإنجازه الإبداعى والفكرى المتميز، «وعبر عن سعادته لعنوان المؤتمر «مرجعية التراث الثقافى واشكالية التجريب فى اقليم وسط الصعيد الثقافي» الذى يؤكد على ان اشكالية التجريب من تراثنا والذى يحمل على عاتقه ترسيخ الهوية بصعيد مصر.
قال الكاتب الصحفى د.محمود مسلم رئيس المؤتمر ان اسيوط أيقونة الصعيد تجلى فيها حضارة التاريخ وعراقة الأجداد واشار الى دور الثقافة فى اسيوط وتصديها للارهاب فى السبعينيات والثمانينيات.
ووصف أهمية المؤتمر باعتباره فرصة لاكتشاف أعماق الثقافة وتأثيرات الثقافة الشعبية وتأثير الادب مؤكدا ان هناك علاقة وثيقة بين الثقافة والأدب والصعيد والتى افرزت العديد من القدرات والمواهب والكتاب.
أشار إلى أهمية المؤتمر فى مواجهة التحديات التى فرضتها الظروف وكذلك أننا نواجه هجوما على القيم والانتماء واحتياجنا لمواجهة ذلك موجها بأهمية التأثير المتبادل بين الثقافة والإبداع والتراث وانها حلقة ذات أهمية لوضع وتعزيز دور الأدباء فى صعيد مصر.
قدم الشاعر والباحث مسعود شومان رئيس الادارة المركزية للشئون الثقافية تحية محبة وتقدير لأدباء الاقليم فى تظاهرة حضارية لمرجعيات ثقافية متنوعة ليقيموا حوارا حول مرجعية التراث الثقافى واشكالية التجريب مؤكداً ان فصيلة الدم الثقافية تتسم بالعراقة والانتماء ورؤية ثقافية وحضارية تمثل هويتنا وثقافتنا.
ورحب الشاعر مدثر الخياط امين عام المؤتمر بالاهتمام بالتراث والحفاظ عليه، والتجريب فى الفكر والابداع والذى يشكل الهوية القومية والبعد الحضاري؛ ومن هنا تم اختيار عنوان للمؤتمر ليشكل واجهة ثقافية حضارية تعبر عن التراث الادبي.
كانت فاعليات المؤتمر قد بدأت بتفقد معرض ومنفذ بيع اصدارات قصور الثقافة ومعرض الفنون التشكيلية لمبدعى الفن التشكيلى المشاركين فى مراسم ملتقى أبنوب الاول للرسم والتصوير بصعيد مصر ونخبة من أساتذة وطلاب كليتى الفنون الجميلة وتربية نوعية أسيوط بقاعة المعارض بأسيوط
وقدمت فرقة قصر ثقافة اسيوط للفنون الشعبية باقة من الفقرات الفنية للاستعراضات التراثية بقيادة الفنان محمود يحيى تابلوهاً استعراضياً لفنون «العصا والتحميلة والتنورة» اعقب ذلك عرض فيلم تسجيلى عن ذاكرة المؤتمر الإقليمى إعداد وتوثيق الاديب فراج فتح الله.
حيث شهد المؤتمر مناقشة محور الثقافة والأدب.. التأثير والتأثر» ناقش د. أحمد الليثى المشهد الأدبى فى الصعيد بين التأثير والتأثر من خلال ديوان «يقامر شعره» للشاعر سيد عبد الرازق.
وفى محاولة للكشف عن ماهية التأثير والتأثر وعلاقتهما بالأدب، حاول الباحث الوقوف على القضية فى الأدب عامة، والشعر خاصة، من خلال توضيح مفهوم التأثير والتأثر، وما لهما من أهمية خاصة، و علاقته بالأدب.
ويرى الباحث ان ديوان «يقامر شعره» للدكتور سيد عبد الرازق توضح كتاباته صورة حية لقضية التأثر من مختلف المفردات حوله، ثقافية كانت أو أدبية أو اجتماعية.
.وهناك خمسة رهانات متنوعة، كل منها يفضى إلى تأثير بعينه، ما بين تأثر بقراءات غربية، وعربية قديمة وحديثة، وبين تأثر ببيئة حقيقية، يحيا فيها ويرسم لنا ما تراه عينه، وما تنطوى عليه ثقافته الأدبية، وما يحاول أن يجسده نصه من دلالات، وعلامات سينمائية خاصة، تحتاج لقراءات عميقة، تقرأ ما وراء النصوص، وما تنطوى عليه من تجارب، وما تحاكيه من واقع مرير فى أغلبه، مفعم بالأوجاع فى عمق كلماته، مشحون بعواطف حزينة، تحاول الوصول للخلاص فى كل شيء.
الثقافة والإنسان
* وترى د. اسماء محمد عبد الحميد فى محور الثقافة والأدب.. صدى التكوين والتفاعل أن المفهوم الشامل للمثقف يقتضى أن يحمل بداخله بنية متكاملة من المفاهيم؛ التى هى أدواته المعينة على القضايا التى يتبناها ، ويهدف منها إلى الإصلاح والتحسين المستمر، إلا أن الإصلاح من جانب المفكرين، يظل طول الوقت مفتقرًا إلى رؤية تطبيقية، مقبولة، وواقعية، وقابلة للتنفيذ ، والأهم أن تكون ذات جدوى ، لا مجموعة من الشعارات النظرية الجوفاء؛ التى تشوه الفكر الإصلاحى وتمسخه، فـ» الذين يقومون بوظيفة المثقف، أو المفكر فى المجتمع، و يمكن تقسيمهم إلى نوعين: الأول يضم المثقفين التقليديين؛ مثل: المعلمين، والكهنة، والإداريين ، وهم الذين يستمرون فى أداء ذلك العمل نفسه جيلًا بعد جيل ، والثانى يضم من يسميهم المثقفين المنسقين …يرتبطون مباشرة بالطبقات أو المشروعات؛ التى تستخدم المثقفين فى تنظيم مصالحها، واكتساب المزيد من السلطة، والمزيد من الرقابة» ، وهذا يحتم عدم اقتصار الثقافة على النخبة المثقفة؛ التى تتعالى على بقية المجتمع، بل تعريف المثقف السابق، يحمله عبء توجيه وإرشاد طبقته الاجتماعية، والفكرية التى ينتمى إليها، وهذا أساس الأزمة ؛ لأنه يجب على ذلك أن»لا يعنى بأن الفرد من سواد الناس، أو من الجمهور الأعظم ، أو ممن لا يعملون فى حقول الإنتاج الثقافي، أو فى ميادين العمل الفكرى ، يعرى من صفة الثقافة؛ إذ الثقافة بمعناها الأشمل هى صناعة الحياة ، والاشتغال على الطبيعة ، وشكل من أشكال التواصل والتبادل .
وبهذا المعنى لا إنسان بلا ثقافة ، أكان من أهل العمل الفكري، أم من أصحاب العمل اليدوى ؛ لأنه لا إنسان أصلاً بلا فكر . وربما لا يكون التواصل بين المثقفين، أحسن حالًا من التواصل بين غير المثقفين ، وتلك هى المفارقة؛ فادعاء الثقافة؛ أى الانتماء إلى النخبة المثقفة، قد يكون على حسابها ، ويشكل وجهًا من وجوه أزمتها « ؛ لأن المثقف أوالأديب، أوالمفكر على النمط المعياري، أغلق الدائرة على نفسه، وظل يتبع تصنيفات نظرية، تضعه وجماعته داخل صناديق مبطنة بالمخمل، تجعل الأفكار والرؤى والنظريات، ومبادئ الإصلاح والقضايا؛ التى يتبنونها نوعًا من الترف النظرى ؛ الذى يبعد عن الواقع المعاش ويفصل المثقف عن طبقته؛ التى استمد ثقافته وأيديولوجيته منها، وهذا لا يفرق بين المثقف الملتزم أو المثقف التقليدى ، فقد صاروا جميعًا سواء.
الثقافة الشعبية
وناقش عمرو السيد مصطفى بدوى أثر الثقافة الشعبية فى كتابات أدباء إقليم وسط الصعيد…رواية « ليالى السيد» لأحمد جاد الكريم نموذجًا.
والأدب الشعبى نتاج تأثر الأديب ببيئته، ونتاج تأثيرها و رواية «ليالى السيد» نموذجًا، نبين من خلاله مدى تأثير الثقافة الشعبية لتلك البيئة على إبداع أبنائها، فقد كانت الرواية نتاج إبداع أحمد جاد الكريم، أحد أبناء مركز طهطا، محافظة سوهاج، تلك البيئة مولعة بحكاية الأولياء والكرامات، وغنية بما فى أرضها من آثار مصرية قديمة،
وتتميز الثقافة الشعبية هنا بالتصوف وبالحكاية الشعبية و الأغانى والأهازيج، والعدودة، والمعتقدات الشعبية والثقافة الشعبية أو الفلكلور أو الموروث الثقافى وغالبًا ما يُستخدم مصطلح الثقافة الشعبية كمصطلح مضاد، ومخالف للثقافة العليا أو النخبوية.
القصيدة من التَّجريب إلى الرَّقمنة
* ناقشت د. إيمان عصام خلف القصيدة العربية من التَّجريب إلى الرَّقمنة من خلال قصيدة «كونشيرتو الحرب» للشاعر رأفت السنوسي.
وترى الباحثة ان قضية التجريب فى العمل الأدبى – وخاصة القصيدة أثارت الكثير من الجدل والتساؤلات، فعمد المُجَرِب «المبدع» على إثراء الحركة الأدبية، والإبداعية بشكل جديد، ومغاير لما قبل، واستخدم فى إطار التجريب، الانفتاح على القصيدة وتحولها من المنطوق إلى المكتوب، وتطورها إلى قصيدة حوسبة الرقمية؛ التى تحمل خاصية التفاعل عبر الوسائط الرَّقمية، ومن ثم تجاوز المبدع الشكل المتوارث عليه، إلى تجريب إبداعي، يحمل الفنيات الأدبية والجماليات اللفظية المتحركة، والتقنيات المعلوماتية المرقمنة.
وتوصلت الدراسة ان التَّجريب هو الديناميكية المستمرة للوصول إلى الجديد المبتكروالإبداع هو الأساس فى التجريب، ونقطة انطلاق المبدع من الصفر، إلى منهج قائم على أسس، ونسق متكامل وواضح، ففتح الطريق إلى واقع مغاير، ومستقبل متلاشى الحدود.
وأبحر المبدع بأفكاره التعبيرية عبر التجريب، إلى برمجة الفنيات النصية، وجعلها نصوصًا رقميةً، تحمل سمة التَّشعب والروابط التفاعلية والوسائط الرقمية، بالإضافة إلى منح المتلقى مساحة كبيرة من التفاعل مع النص.
– وأعتمدت قصيدة كونشيرتو الحرب على عنصر التجريب الرقمي، باستخدام تقنيات الوسائط المتعددة فى قصائدها الرقمية، كما أنها أفادت من تقنيات التكنولوجيا، عبر أيقونات التقدم والرجوع داخل النص، ومثّلت تلك القصيدة اتجاهًا تجريبيًا مغايرًا، من اتجاهات الشعر الرقمى فى عصر التكنولوجيا، ودللت عما يمكن استشرافه من تطورات، يمكن أن تصيب القصيدة فى المستقبل.
التَّجريب فى القصيدة العمودية
وحول التَّجريب فى الفضاء البصرى للقصيدة العمودية الحديثة من بداية الألفية الثالثة يقدم د . سيد محمد عبد الرازق بحثه الذى يبدأ بذكر معاناة القصيدة العمودية زمنًا طويلًا من اتهامها بالجمود؛ نظرًا لكون البيت الشعري، يرتكز على الشكل الشطرى أو العمودي، وهى علامات شكلية ترتكز على أساس وحدة البيت، وهو بدوره يحتم التطابق على مساحات الطباعة، ويتحكم فى لعبة البياض والسواد على الورقة؛ وذلك لأنه يتوقف موسيقيًا فى نهاية البيت، وفى نهاية شطره الأول، ومن هنا ظل الشكل قائمًا، وخاضعاً للثبات على الصفحة.
وفى محاولة شعراء القصيدة العمودية الجديدة، لكسر هذا النمط الشكلى البصري، عمدوا إلى قصائدهم؛ فأعادوا تشكيلها بصريًا، مستفيدين من قصيدتى التفعيلة والنثر، والكتابات النثرية الأخري، والتداخل الأجناسى بين الفنون المختلفة.
وخلص الباحث أن ثمة أشكال عديدة للتجريب فى الفضاء البصرى الخاص بالقصيدة العمودية الحديثة منذ بداية الألفية الثالثة.
وظهرت هذه المحاولات فى كسر نمطية وجود البيت فى شكله الثابت المتوارث، وتغيير قواعد لعبة البياض والسواد على الورقة.
وكان الدافع وراء التشكيل البصرى الحديث للقصيدة العمودية، هو المنظومة النقدية التى تعرضت لها تلك القصيدة، من خلال منظرى قصائد التفعيلة والنثر؛ فحاولت الاستفادة منهما جميعًا، ومن التداخل الأجناسي، فى محاولة لكسر النمط البصرى السائد، وإعطاء دلالات جددة للغة، ومن ثم الوزن.
وأسهم هذا الشكل الجديد للقصيدة العمودية الحديثة فى عملية التلقي؛ مما ساعد على انتشاره بين أوساط الشعراء.
المكان وأثره على الإبداع
وفى المحور الثالث للمؤتمر عن المكان وأثره على الإبداع قدم الباحث د. محمد عبيد دراسة عن تجليات المكان فى الشعر السوهاجى المعاصر، أكد فيه أهمية المكان البالغة للعمل الشرعي، والعلاقة بين المكان والشعر.
وأظهرت الدراسة أن الشاعر السوهاجى المعاصر تفاعل مع المكان على كافة المستويات، وبكل الأبعاد، وقد توصلت الدراسة إلى عدة نتائج منها : سيطرة القرية على روح الشعراء باعتبارها موطن الذكريات الجميلة، والمخلص والمنقذ من براثن المدينة . ورصدت الدراسة طبيعة المدن القاسية والمدن الصامدة والمدن الخراب التى ضاعت معالمها بعد سنين العز والرخاء.
كما رصدت الشاعر وطبيعة المدن الصامدة فى وجه الظلم والطغيان وحالة الخراب التى عمت بعض المدن العربية ..وفسر الباحث لجوء الشعراء إلى المدينة الحلم أو المدينة الذكرى التى ترتبط فى نفوسهم بفيوض المحبة والأنوار حيث الصدق والإخلاص والوفاء المتمثل فى هذه المدينة .وتفاعل الشعراء مع الأماكن المغلقة ، وتحول بعضها فى نظرهم إلى أماكن مفتوحة …كما أظهرت الدراسة مدى تأثير المكان على اللغة الفنية والصورة الشعرية .
عبد الرحمن شخصية المؤتمر
اختار أدباء وسط الصعيد اسم الشاعر الراحل سعد عبد الرحمن ابن اسيوط ورئيس هيئة قصور الثقافة الأ سبق ليكون شخصية المؤتمر بعد اطلاق اسمه على قاعة المؤتمرات والندوات بقصر ثقافة أسيوط…
..وتكريم الشافعى والزاكي
كما تم تكريم الشاعر أحمد الشافعى «عن أدباء أسيوط والشاعر محمد فتحى زاكى «عن أدباء الوادى الجديد.
احتفالية بمئوية المنفلوطي
اقيمت احتفالية بمئوية الأديب مصطفى لطفى المنفلوطى على هامش المؤتمر فى مدرسة الإعدادية الجديدة بنات بمنفلوط.
معارض للكتاب والحرف البيئية
كما اقيمت على هامش المؤتمر معارض لمنتجات الحرف البيئية لأبناء محافظة اسيوط ومعرض كتاب لإصدارات قصور الثقافة مع حفل للموسيقى العربية ومعرض للفن التشكيلى وفيلم تسجيلى
جلسة للشهادات الإبداعية
من ضمن جلسات المؤتمر كانت جلسة للشهادات الابدعية ..بعنوان «أنا والشعر»للشاعر / رمضان عبد اللاه إبراهيم و»العزلة وإيقاع بطعم الكتابة» للشاعر أحمد دياب
أمسيات شعريه وقصصية.
اقيم على هامش المؤتمر 7 امسيات شعرية وقصصية بمختلف مراكز اسيوط بالقوصية وديروط وأسيوط الجديدة و ابوتيج والغنايم.