للتهنئة بعيد الميلاد المجيد
الطيب وتواضروس : روح المحبة المصرية تجمع المسلمين والمسيحيين
صورة تنطق بألف رسالة، وكلمات تعبر عن شعب مصرى مترابط متماسك.. هكذا كانت زيارة الإمام د.أحمد الطيب شيخ الأزهر على رأس وفد ضم قامات وقيادات الأزهر والأوقاف ودار الأفتاء الكاتدرائية لتهنئة البابا تواضروس بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية بعيد ميلاد السيد المسيح عليه السلام، وما إن رأى الإمام الأكبر أخاه البابا تواضروس فى استقباله مع الوفد المرافق له حتى ابتدره قائلا: جئنا هنا لنجدد حبل المودة والصداقة والتآلف والتعارف، ولنعبر عما فى قلوبنا من محبة وأخوة، جئنا مدفوعين بما تعلمناه فى القرآن الكريم ومن سنة نبينا صلى الله عليه وسلم، من تكريم للتوراة والإنجيل وللمسيح عيسى ابن مريم، وما تربينا عليه فى الأزهر وتأسس فى وجداننا من ثناء القرآن الكريم ورسول الإنسانية والسلام بإخواننا المسيحيين، مرددا على أسماع البابا تواضروس ومعه القساوسة قول رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم (أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم فى الدنيا والآخرة، قالوا يا رسول الله كيف؟ قال الأنبياء إخوة من علات وأمهاتهم شتى ودينهم واحد)»، بل إن القرآن الكريم لا توجد فيه كلمة الأديان وإنما هو دين واحد متعدد الرسالات التى يبعث بها الأنبياء، وأوضح الإمام الأكبر أن مصر كلمتها واحدة وشعبها على قلب رجل واحد، يقفون صفا أمام التحديات والمواجهات وسيظلون فى رباط حتى يقوم الناس لرب العالمين.
التقط طرف الحديث منه قداسة البابا تواضروس قائلا: إن هذه الزيارة تعكس الروح الأخوية التى تجمع المصريين؛ مسيحيين ومسلمين، معربا عن أنه يشعر بمقدار الود والمحبة والمشاعر الطيبة التى تربطنى بشيخ الأزهر، حيث نتبادل الأحاديث والنقاشات حول مختلف القضايا، بما يكشف قدر الوحدة والأخوة الموجودة على أرض مصر.
ولأن مصر قلب العروبة فقد كانت مأساة غزة حاضرة فى اللقاء حيث دعا شيخ الأزهر الحضور جميعا إلى ضرورة تسخير هذه المناسبات للمطالبة بوقف المأساة والعدوان الذى يتعرض له الأبرياء فى غزة منذ أكثر مما يزيد على خمسة عشر شهرا، مصرحا: أن فرحتنا منقوصة ولنا إخوة لا يملكون الطعام والشراب، وإنما يطعمون الموت ويتذوقون مرارة الفقد، ويعانون إبادة جماعية وتطهيراً عرقياً فى ظل صمت وخزى لم يسبق لهما مثيل»، مشيرا إلى أن منع وصول المساعدات الإنسانية فى ظل المطر الشديد والظروف المناخية الصعبة سلوك معاد للإنسانية، متسائلا : «لماذا هذه القسوة المدعومة بهيئات عالمية صورت نفسها بأنها وجدت لحفظ السلام وحقن دماء الأبرياء، ولكن الواقع كشف عن ضعف هذه الهيئات وعدم قدرتها على اتخاذ موقف جاد لوقف شلالات دماء الأبرياء من الأطفال والنساء، الذين لم يقترفوا ذنبا إلا أنهم حاولوا التشبث بأرضهم والبقاء فيها».
وأشار قداسة البابا تواضروس إلى أنه لا يمكن صناعة السلام والقلوب مملوءة بالخطايا والشر، وفى ظل غياب الإخلاص والأمانة، مؤكدا أن عملية صناعة السلام صناعة ثقيلة، ونحن مأمورون بها من قبل التعاليم الدينية، مؤكدا دور علماء الدين ورجالاته فى حفظ إنسانية الإنسان وسعادته، وفقا للتعاليم الدينية، وتوجيه سلوكه ليكون فاعلا أساسيا فى صناعة هذا الكون وتسخيره فيما ارتضاه الخالق، ومجابهة الاتجاه السائد لإنكار الخالق، وارتفاع نبرات الإلحاد والقتل والصراعات، وما نعانيه من شر ينزع إنسانية الإنسان، وهو ما أدى إلى زيادة حدة الصراعات والعنف فى العالم.
عقب انتهاء اللقاء حرص الإمام الأكبر على أن يصطحب أخاه البابا تواضروس ومعهما قيادات الأزهر والكنيسة لالتقاط صورة جماعية فى ساحة الكنيسة الكاتدرائية لتكون رسالة لمن فى نفوسهم مرض أو غرض بأن مصر أقوى من الفتن وأن وحدة شعبها تترجمه تلك الصورة.
رافق شيخ الأزهر الدكتور أسامة الأزهرى وزير الأوقاف والدكتور نظير عياد مفتى الديار المصرية والدكتور محمد الضوينى وكيل الأزهر والدكتور محمد أبوزيد الأمير المنسق العام لبيت العائلة المصرية والدكتور سلامة داود رئيس جامعة الأزهر وعدد من قيادات الأزهر.