تناولت رسالة الماجستير التي قدمها الباحث محمد أحمد حلمي محمد عبده إلى القسم الأكاديمي بالمعهد القومي للملكية الفكرية جامعة حلوان، إشكالية معقدة تتمثل في تحديد حدود الاقتباس المسموح بها في الإنتاج الفكري، وذلك في ظل التطور التكنولوجي المتسارع وتعدد مصادر المعلومات.
وقد سعى الباحث إلى مقارنة التشريعات المختلفة في التعامل مع هذه المسألة الحساسة، والتي تتطلب تحقيق توازن دقيق بين حماية حقوق الملكية الفكرية وتشجيع الإبداع والابتكار.
تشكلت لجنة الحكم والمناقشة من كل من:
- الأستاذ الدكتور محمود سيد عبد المعطي خيال أستاذ القانون المدني كلية الحقوق جامعة حلوان رئيسًا للجنة
- الأستاذ الدكتور ياسر محمد جاد الله عميد المعهد القومي للملكية الفكرية عضو اللجنة
- الأستاذ الدكتور فرج محمد البوشي أستاذ فلسفة القانون وتاريخه كلية الحقوق جامعة حلوان عضو اللجنة
استعرضت الرسالة أهمية الملكية الفكرية من منظور تاريخي، وأهمية حق المؤلف باعتباره أهم عنصر من عناصر الملكية الفكرية، وقد أشارت الرسالة إلى القاعدة العامة المتمثلة في أحقية المؤلف في الاستئثار باستغلال نتاج ثمار فكره الإبداعي مادياً ومعنوياً والقاعدة الخاصة التي تحرمه من استغلال هذا الحق في حالات محددة تحقيقاً للمصلحة العامة، وهي تمثل قيود واردة على حقوقه الاستئثارية.
وتمثل القيود الواردة على حقوق المؤلف عقبة في سبيل تحقيق أعلى قدر استغلال مادي للمؤلف على نتاج فكره الإبداعي وهو ما قد يؤدي إلى حجوم المبدعين وتقليص نشر إبداعاتهم خشية تعرضها للتقييد بفعل التشريعات التي تُغلّب المصلحة العامة على مصلحة المبدعين.
ويتجلى دور الدولة في حماية المبدعين من خلال إحكام الرقابة على منتهكي حقوقه بدون وجه حق، ومراقبة تفعيل القيود الواردة على حقوق المؤلف للحد من الجور على حقوقه.
ضرورة تدخل الدولة لحماية حقوق المؤلف وتفعيل دورها الرقابي
وقد حثَّت الرسالة الدولة على إمكانية خلق فكرة اتفاق مجتمعي بين المبدعين والدولة لتحقيق مصلحة المجتمع والاهتمام بحقوق المؤلف، من خلال تحصين حقوق المؤلف من أية انتهاكات والتحري عنها ورصدها أول بأول ومعاقبة فاعلها وعدم الانتظار لشكوى المؤلف، كنوع من تعويض المؤلف عن القيود الواردة عليه للمصلحة العامة.
وحسناً شرعت الدولة المصرية القانون رقم 163 لسنة 2023 بإنشاء الجهاز المصري للملكية الفكرية ضمن الاستراتيجية الوطنية لحماية حقوق الملكية الفكرية، وقد أفردت الرسالة العديد من الاقتراحات التي قد تكون نواة لإنشاء هذا الجهاز الوطني ومنها توحيد الجهة مصدرة تراخيص استغلال وحماية الابداعات الناشئة عن عناصر الملكية الفكرية، وإنشاء مركز تسوية وتحكيم متخصص في منازعات الملكية الفكرية، و تمثيل مصر في المحافل الدولية المتعلقة بالملكية الفكرية، وتعديل قانون الملكية الفكرية لمواكبة التطور، مراقبة القرارات المتعلقة بفرض قيود على حقوق المؤلف للمصلحة العامة، والرقابة على الأسواق لرصد الانتهاكات وأعمال القرصنة، وتوفير صفة الضبطية القضائية لأعضاء الجهاز، وتوفير أحدث الأساليب والطرق والأجهزة لكشف الانتهاكات وما يستجد من تطورات للوصول بالدولة المصرية إلى مكانة متقدمة ضمن الدول المهتمة بالملكية الفكرية.
الاقتباس: سيف ذو حدين بين الإبداع والانتحال
وقد سلطت الرسالة الضوء على عنصر من عناصر القيود الواردة على حقوق المؤلف وهو الاقتباس، وأوردت الرسالة تعريف للاقتباس وأنواعه وشروطه وقواعده ودور الاقتباس في تطور المجتمعات.
وسلطت الرسالة الضوء على الاقتباس في البحث العلمي واختلاف نسبة الاقتباس بين المؤسسات العلمية وقامت الدراسة بعمل مقارنة بين عدد من المؤسسات العلمية مثل جامعة حلوان وجامعة طنطا وجامعة أروى بدولة اليمن وجامعة مانشستر بالمملكة المتحدة، كما سلطت الرسالة الضوء على الاقتباس من الأعمال الأدبية المكتوبة، و الاقتباس من الأعمال السمعية والبصرية والسمعية بصرية
كما سلطت الرسالة الضوء على التفرقة بين الاقتباس المجرم والاقتباس المتاح والمقارنة بين عدد من التشريعات في شأن مواجهة الاقتباس المجرم مثل التشريع المصري والجزائري والسعودي والإماراتي وكذلك من منظور الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المنظمة للاقتباس.
وقد توصلت الرسالة إلى توصيات هامة تتمثل في وضع تعريفات لبعض المصطلحات وتقديم مشورة لتعديل بعض القوانين وإلغاء بعض القوانين.