الشائعات تغذى الانقسامات الداخلية فى سوريا
فى خضم الاضطرابات التى اجتاحت منطقتنا العربية خلال العقد الأخير، برزت سوريا كمثال حى على النتائج الكارثية التى يمكن أن تنجم عن انهيار التماسك الوطني، وتراجع الدور المسئول للإعلام.. هذه التجربة المؤلمة أثبتت أن الإعلام لا يمكن أن يظل محايداً أو متفرجاً فى أوقات الأزمات، بل هو ركيزة أساسية لحماية الأوطان من السقوط، ولتعزيز الوحدة فى وجه التحديات.
عندما تتعرض الأوطان لأزمات تهدد وجودها، يصبح الإعلام خط الدفاع الأول وليس مجرد وسيط لنقل الأخبار ، ففى سوريا لعب الإعلام الخارجى دوراً خطيراً فى إذكاء الفتنة من خلال تضليل الرأى العام، ونشر شائعات غذّت الانقسامات الداخلية ، حيث كان بالإمكان أن يكون الإعلام المحلى منصة لتوحيد الصفوف وكشف المؤامرات، لكن غياب المهنية عن بعض المنابر الإعلامية أتاح المجال للفوضى الإعلامية أن تعمّ.
وهذا يؤكد أن الشائعات أحد أخطر الأسلحة التى تهدد استقرار الأوطان خاصة فى ظل الأزمات ، فمن خلال نشر الأخبار الكاذبة والمعلومات المغلوطة، يمكن تفكيك الروابط الاجتماعية وإضعاف الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة..هنا يظهر دور الإعلام المسئول الذى يعتمد على التحقق من الحقائق، وتقديم المعلومة الدقيقة للمجتمع، مما يحصّن المواطنين ضد محاولات التلاعب بعقولهم.
فالإعلام ليس مجرد أداة لنقل الأحداث، بل هو شريك فى بناء الوعى الوطني، فمن خلال برامج الحوار والمحتوى التثقيفي، يمكن للإعلام أن يعزز الانتماء والولاء للوطن، ويكرس قيم الوحدة والتعاون والتجربة السورية أكدت أهمية الإعلام فى توجيه الشعب نحو رؤية مشتركة، بعيداً عن النزاعات الطائفية أو الأيديولوجية.
وفى مصر، لعب الإعلام دوراً مهماً خلال السنوات العصيبة التى شهدتها المنطقة فى بناء الوعي، حيث كان جداراً صلباً فى مواجهة الشائعات وحملات التشكيك التى استهدفت أمن واستقرار البلاد ، فمن خلال تقديم محتوى يعزز القيم الوطنية، وتسليط الضوء على التحديات والإنجازات، استطاع الإعلام المصرى أن يكون شريكاً فى الحفاظ على الدولة ومؤسساتها، فالإعلام المصرى خلال السنوات الماضية قدم نموذجا لإعلام يدافع عن الوطن وأثبت ان الإعلام ليس مجرد وسيط لنقل الأخبار، بل هو سلاح حيوى يمكن أن يساهم فى حماية الأوطان من السقوط، أو يسهم فى انهيارها إذا أسيء استخدامه ، واليوم وأكثر من أى وقت مضي، تحتاج أمتنا العربية إلى إعلام مسئول يدافع عن قيم الاستقرار والوحدة، ويضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، علينا أن نتعلم من تجارب الآخرين، وألا نسمح أبداً بأن يصبح الإعلام ساحة لصراعات تُضعف الأوطان بدل أن تحميها.