مع كل مرحلة جديدة من التفاوض حول الهدنة فى غزة للوصول الى وقف لإطلاق النار، تشعل إسرائيل جبهة جديدة للقتال، إما بمجزرة أوحادث أمنى لصرف الأنظار عن الحدث الرئيسى وهوالعدوان الغاشم على قطاع غزة، كل تلك الأحداث – بحسب محللين – غرضها التصعيد لمد أمد الحرب فتارة مع ايران وأخرى مع الحوثيين فى اليمن وأخيرا الحادث الذى وقع فى مجدل شمس فى الجولان السورى المحتل وتسبب بمقتل 12 شخصا بينهم أطفال.
منذ ذلك التصعيد والساحة السياسية الدولية لم تهدأ وتوالت التحذيرات من خطر احتمال اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل من جهة وجماعة حزب الله وسط دعوات متصاعدة لضبط النفس وتجنب اتساع رقعة الصراع.
لكن الأمر فى اسرائيل مختلف، فقد دعا سياسيون إسرائيليون، من بينهم معارضون،إلى «رد إسرائيلى شديد» لهجوم مجدل شمس بالجولان المحتل والذى اتهم حزب الله بتنفيذه. وذكرت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» أن الوزراء الإسرائيليين المنتمين لليمين المتطرف كانوا أكثر «تشددا» فى ردود أفعالهم. وكتب وزير المالية الإسرائيلى، بتسلئيل سموتريتش، على إكس: «يجب أن يدفع زعيم حزب الله ثمن مقتل الأطفال»، مؤكداً أنه «الوقت قد حان للتصرّف» وأن «لبنان ككل يجب أن يدفع الثمن.
كما قال وزير الأمن القومى الإسرائيلى، إيتمار بن غفير: «منذ الثامن من أكتوبر، قلتُ إننا فى حالة حرب فى الشمال ويجب هزيمة العدو»، لكن صناع القرار الإسرائيليين «تجنبوا الاعتراف بأننا فى معركة ضد حزب الله، داعيا إلى «حرب فى الشمال.وطالب وزير الثقافة، ميكى زوهار، بلاده «بالتوقف عن المماطلة وتوجيه ضربة قاتلة لحزب الله»، بحجة أنه «كلما أرجأنا الحملة، كانت الأثمان التى ندفعها أكثر إيلاما.
فى الوقت نفسه اتفقت المعارضة الإسرائيلية مع الأحزاب الأخرى على ضرورة الرد على الهجوم. وذكرت صحيفة «تايمز اوف إسرائيل» أن المعارضة دفعت «بقوة» للرد على حزب الله، حيث أكد عضو الكنيست عن حزب «الأمل الجديد» ميشيل بوسكيلا، أن على إسرائيل أن «تمزق بيروت إربا»، وأعلن رئيس حزب «إسرائيل بيتنا»، أفيجدور ليبرمان، أن نصر الله يجب أن «يدفع ثمن» أفعاله.
وفى بيان له، طالب زعيم المعارضة يائير لابيد الحكومة «بوضع حد للتخلى عن الشمال وأكد رئيس حزب يش عتيد أن الأحداث «لا يمكن أن تستمر على هذا النحو»، واتهم رئيس الوزراء بالتنصل من مسئولياته.
كما شدد وزير الدفاع يواف جالانت على أن الحزب هوالمسئول عن الهجوم، متوعداً إياه بدفع الثمن. كما أكد فى زيارة له لمكان الهجوم، أن كل المؤشرات تدل على أن الهجوم من تنفيذ حزب الله، ثم عاد وذكر بمواصفات الصاروخ المستهدف.
اتساقًا مع تصريحات الساسة الاسرائيليين، أعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلى هيرتسى هاليفى، الدخول بما أسماها المرحلة التالية من الحرب شمالاً وأضاف أثناء زيارته لمكان الهجوم أن قواته باتت ترفع جاهزيتها إلى المرحلة التالية من القتال فى الشمال، موضحاً أنها تعرف تحديدا من أين أطلقت القذيفة الصاروخية على مجدل شمس.
شدد على أن جيشه يعرف كيف يشن الغارات بعيدا جدا عن إسرائيل، معلناً العمل بكل الوسائل لإعادة سكان كل الشمال فى الجليل والجولان، فى إشارة منه إلى آلاف النازحين ممن تركومناطق شمال إسرائيل هرباً من التصعيد مع حزب الله منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة قبل 9 أشهر.
كما زعم المتحدث باسم الجيش الإسرائيلى دانيال هاجارى خلال مؤتمر صحفى فى مجدل شمس، أن الصاروخ الذى سقط على ملعب كرة القدم فى البلدة، «إيرانى الصنع من طراز فلق1-» صاروخ برأس حربى يزيد وزنه على 50 كيلو جراماً من المتفجرات.
فى المقابل، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعانى أن بلاده تحذر إسرائيل من أى مغامرات عسكرية جديدة فى لبنان مما قد يؤدى إلى «تداعيات غير متوقعة.
وتابع أن أى خطوة تنمّ عن «جهل إسرائيلى» قد تؤدى إلى توسيع عدم الاستقرار وعدم الأمن والحرب فى المنطقة، وفق قوله وشدد على أن إسرائيل ستتحمل مسئولية التداعيات غير المتوقعة وردود الفعل على تصرف «أحمق كهذا»، بحسب تعبيره.
جاء ذلك بينما انهالت التحذيرات الدولية من خطورة التصعيد وإمكانية تحوّله إلى حرب شاملة شديدة الخطورة، وسط دعوات لضبط النفس.
فى بيروت، قالت وزارة الخارجية اللبنانية، إن أى ضربة إسرائيلية كبيرة على لبنان ستقود لحرب إقليمية، مضيفا انهم طلبوا من الولايات المتحدة حث إسرائيل على ضبط النفس وسط التوترات الأخيرة.
كماحذّر الزعيم الدرزى فى لبنان، وليد جنبلاط، مما وصفه بـ»مشروع إسرائيل التدميرى فى المنطقة».
فى دمشق، أدانت الخارجية السورية استمرار الاحتلال الإسرائيلى ارتكاب المجازر يوميا واستنكرت محاولاته لاختلاق الذرائع لتوسيع دائرة عدوانه وأضافت أن الاحتلال ارتكب جريمة بشعة فى مدينة مجدل شمس بالجولان ثم حمل مسئوليتها لحزب الله. وتابعت الخارجية السورية: نحمل الاحتلال الإسرائيلى المسئولية الكاملة عن التصعيد الخطير للوضع فى المنطقة دوليًا، ودعت منسقة الأمم المتحدة الخاصة إلى لبنان «جينين هينيس بلاسخارت» وقائد قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة فى لبنان الجنرال «أرولدولاثارو» على التحلى بأقصى درجات ضبط النفس على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية.
من جانبه، قال وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن إنه لا يريد رؤية تصعيد فى الصراع بعد اتهام إسرائيل حزب الله اللبنانى بقتل 12 طفلاً وفتى فى هجوم صاروخى على هضبة الجولان وقال بلينكن: إن واشنطن تجرى محادثات مع إسرائيل حول هجوم الجولان.
كما ندد البيت الأبيض بالهجوم الصاروخى على قرية مجدل شمس التى تسيطر عليها إسرائيل، ووصف الهجوم الذى استهدف ملعبا لكرة القدم بأنه «مروع. وقال متحدث باسم الأمن القومى بالبيت الأبيض فى بيان «دعمنا لأمن إسرائيل قوى ولا يتزعزع ضد جميع الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران، بما فى ذلك حزب الله اللبنانى».
وحذرت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، من خطورة التصعيد بين إسرائيل وحزب الله اللبنانى، إذ تشتد حدة القتال على طول الحدود بينهما، ما يدفع الجانبين إلى حرب شاملة واسعة النطاق.وأوضحت أن الاحتلال أعلن منذ ساعات أنه ضرب سلسلة من أهداف حزب الله فى عمق لبنان، بعد الهجوم الصاروخى فى مجدل شمس فى مرتفعات الجولان، وبينما اتهمت إسرائيل حزب الله بالوقوف وراء الضربة الصاروخية على مجدل شمس، نفت الأخير مسئوليته عن الهجوم.