بعد الانتهاء من كتابة الإستراتيحية الوطنية للريف بحلقاتها المختلفة كان لابد من الحديث عن الإستراتيحية الوطنية للزراعة، وهى السياسة المصرية التى انتهجتها مصر من بعد ثورة 30 يونيو 2013، طبقا للمشروع الوطنى الذى وضعته القيادة السياسية فى هذا الإطار.
تشكل الزراعة ركيزة أساسية للاقتصاد المصري، وتلعب دوراً حيوياً فى توفير الأمن الغذائى وتوليد فرص العمل وتحقيق التنمية الريفية. فى ظل التحديات المتزايدة التى تواجه القطاع الزراعي، مثل محدودية الموارد المائية والتغيرات المناخية والنمو السكاني، أطلقت الحكومة المصرية استراتيجية وطنية شاملة للزراعة ترمى إلى رفع كفاءة الإنتاج الزراعى وتحسين جودة المنتجات الزراعية وتعزيز تنافسية القطاع فى الأسواق المحلية والعالمية.
وتستند هذه الاستراتيجية إلى مجموعة من الأهداف الرئيسية، من بينها زيادة الإنتاج الزراعى من المحاصيل الإستراتيجية مثل القمح والأرز والذرة، وتنويع المحاصيل الزراعية لزيادة القيمة المضافة للمنتجات الزراعية، وتحسين كفاءة استخدام المياه من خلال تطبيق أنظمة الرى الحديثة، وتطوير البنية التحتية الزراعية بما يشمل شبكات الطرق والصرف وتحسين نظم التخزين والتسويق.
ولتحقيق هذه الأهداف، تتضمن الاستراتيجية مجموعة من المحاور الرئيسية، منها الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة فى الزراعة الذكية، مثل أنظمة الاستشعار عن بعد وأجهزة الاستشعار فى التربة، لتحسين إدارة الموارد الزراعية واتخاذ قرارات زراعية أكثر دقة. ودعم البحث العلمى فى مجال الزراعة وتطوير أصناف جديدة من المحاصيل ذات إنتاجية عالية ومقاومة للأمراض والآفات، وتطوير تقنيات زراعية جديدة.
إضافة إلى تمكين المزارعين من خلال توفير الدعم الفنى والمالى للمزارعين الصغار، وتدريبهم على أحدث التقنيات الزراعية، وتوفير التمويل الزراعى بأسعار فائدة مخفضة.
وكذلك تشجيع الاستثمار الخاص فى القطاع الزراعي، وتطوير سلاسل القيمة الزراعية، وتعزيز التعاون بين المزارعين والمؤسسات البحثية والشركات الزراعية.
وتواجه الإستراتيجية الوطنية للزراعة فى مصر بعض التحديات، منها محدودية الموارد المائية حيث تعتمد الزراعة المصرية بشكل كبير على مياه نهر النيل، والتى تواجه ضغوطاً متزايدة بسبب النمو السكانى والتغيرات المناخية.
وكذلك تدهور الأراضى الزراعية نتيجة للممارسات الزراعية غير المستدامة، مثل الإفراط فى استخدام الأسمدة والمبيدات. إضافة إلى التغيرات المناخية والتى تؤثر بشكل كبير على الإنتاج الزراعى من خلال ارتفاع درجات الحرارة.
والحقيقة أن الحكومة تولى اهتمامًا بالغًا بالقطاع الزراعي، باعتباره ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني، وتعمل جاهدة على تحقيق الأمن الغذائى وتنمية الريف المصري. وقد تجسد هذا الاهتمام فى إطلاق الإستراتيجية الوطنية للزراعة، والتى تهدف إلى رفع كفاءة الإنتاج الزراعى وتحسين جودة المنتجات الزراعية وتعزيز تنافسية القطاع فى الأسواق المحلية والعالمية.
وفى إطار هذه الإستراتيجية، تبذل الحكومة المصرية جهودًا كبيرة من خلال توفير الدعم المالى والفنى للمزارعين، وتطوير البنية التحتية الزراعية، وتشجيع البحث العلمى والتطوير الزراعي، وتبنى سياسات مائية فعالة لإدارة الموارد المائية الشحيحة. كما تعمل على تسهيل الإجراءات والقوانين التى تحكم القطاع الزراعي، وتوفير بيئة جاذبة للاستثمار.
ويلعب القطاع الخاص دورًا حيويًا فى تنفيذ هذه الاستراتيجية، حيث يساهم فى تمويل المشروعات الزراعية، وتطبيق التقنيات الحديثة فى الزراعة، وتسويق المنتجات الزراعية محليًا وعالميًا. كما يعمل القطاع الخاص على تطوير سلاسل الإمداد الزراعية، وتحسين جودة المنتجات الزراعية لتلبية متطلبات الأسواق العالمية.
وتشمل أبرز الجهود المشتركة بين الحكومة والقطاع الخاص فى هذا الصدد الاستثمار فى الزراعة التعاقدية حيث يقوم المزارعون بزراعة محاصيل محددة بكميات وجودة محددة مسبقًا، وذلك بناءً على عقود مع شركات التصنيع أو التصدير، مما يضمن للمزارعين أسواقًا ثابتة لمنتجاتهم. وكذلك تطوير سلاسل القيمة الزراعية من خلال إنشاء وحدات لتعبئة وتغليف وتجهيز المنتجات الزراعية، مما يزيد من قيمتها المضافة ويجعلها أكثر تنافسية فى الأسواق. كما يتم تطبيق الزراعة الذكية من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة فى الزراعة، مثل أنظمة الرى بالتنقيط وأجهزة الاستشعار عن بعد، لتحسين كفاءة استخدام المياه والموارد الزراعية الأخري. وتدريب وتأهيل المزارعين من خلال تنظيم دورات تدريبية للمزارعين على أحدث التقنيات الزراعية، وإدارة المزارع، وتحسين جودة المنتجات. ولم يتم إغفال تطوير البنية التحتية الزراعية من خلال بناء الطرق الزراعية والصرف الصحي، وتوفير مخازن حديثة لتخزين المنتجات الزراعية.
وتواجه هذه الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص بعض التحديات، مثل محدودية الموارد المائية، وتدهور الأراضى الزراعية، والتغيرات المناخية، ولكن من خلال العمل المشترك والتخطيط الاستراتيجي، يمكن التغلب على هذه التحديات وتحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للزراعة.
وللحديث بقية