أواصل الحديث حول الإستراتيجية الوطنية للتصنيع والدور الكبير الذى تقوم به الدولة المصرية فى هذا الشأن، ولا يخفى على أحد ما يقوم به حاليا الفريق كامل الوزير نائب رئيس الوزراء ووزير الصناعة والنقل فى هذا الإطار.. فقد شهد قطاعًا الصناعة والنقل على يديه منذ توليه هذه الحقيبة انجازات ضخمة بتوجيهات من الرئيس عبدالفتاح السيسي.. وأتحدث اليوم عن النهضة فى تحديث خطوط المترو وانشاء المونوريل..نعم
تشهد مصر نهضة صناعية متسارعة فى قطاعى مترو الأنفاق والقطارات المعلقة (المونوريل)، تمثل نقلة نوعية فى إستراتيجيتها التنموية الشاملة، فبعد عقود من الاعتماد شبه الكامل على الخبرات والمنتجات الأجنبية فى إنشاء وتشغيل هذه الأنظمة الحيوية، تتبنى الدولة المصرية رؤية طموحة تهدف إلى تعميق التصنيع المحلى وتوطين التكنولوجيا فى هذا القطاع الإستراتيجي، مدفوعة بإدراك متزايد لأهمية امتلاك القدرة الصناعية الذاتية لضمان استدامة مشروعات النقل الحضرى وتقليل الاعتماد على الخارج وتوفير العملة الصعبة وتعزيز النمو الاقتصادى وخلق فرص العمل النوعية، وقد تجسدت هذه الرؤية فى سلسلة من المبادرات والسياسات التى تشجع الاستثمار المحلى والأجنبى المباشر فى إنشاء المصانع وتطوير القدرات التصنيعية والبشرية اللازمة لتلبية احتياجات المشروعات الحالية والمستقبلية من مكونات وأنظمة مترو الأنفاق والمونوريل، بدءًا من تصنيع الوحدات المتحركة وعربات الركاب، مرورًا بتوريد وتركيب أنظمة الإشارات والاتصالات والتحكم، ووصولًا إلى إنتاج المكونات الكهربائية والميكانيكية وأعمال البنية التحتية، ولم يعد الأمر مقتصرًا على مجرد التجميع أو التصنيع الجزئي، بل يتجه نحو تعميق سلاسل الإمداد المحلية ونقل المعرفة والتكنولوجيا المتقدمة، وهو ما يتضح فى الشراكات الإستراتيجية التى تعقدها الحكومة المصرية مع كبرى الشركات العالمية المتخصصة، والتى لا تقتصر على تنفيذ المشروعات بل تمتد لتشمل نقل الخبرات وتدريب الكوادر المصرية وتأسيس صناعات مغذية تساهم فى تلبية احتياجات هذه المشروعات من الداخل.. وتعد المشروعات الضخمة الجارى تنفيذها فى مجال مترو الأنفاق والمونوريل فى القاهرة الكبرى والإسكندرية وغيرها من المدن المصرية، بمثابة محفز قوى لهذه النهضة الصناعية، حيث تخلق طلبًا متزايدًا على مختلف أنواع المعدات والمكونات والخدمات المرتبطة بهذه الأنظمة، مما يشجع الشركات المحلية والأجنبية على الاستثمار فى إقامة وتوسيع المصانع والورش المتخصصة.. كما أن التوجه نحو التصنيع المحلى يساهم بشكل كبير فى خفض التكاليف الإجمالية للمشروعات وتقليل الاعتماد على تقلبات أسعار الصرف وتأمين الإمدادات فى الوقت المناسب.. بالإضافة إلى تعزيز القدرة التنافسية للصناعة المصرية فى هذا القطاع إقليميًا ودوليًا على المدى الطويل، ولا يقتصر الأثر الإيجابى لهذه النهضة الصناعية على الجانب الاقتصادى فحسب، بل يمتد ليشمل الجانب الاجتماعى من خلال توفير فرص عمل جديدة للشباب المصرى فى مجالات التصنيع والهندسة والصيانة والتشغيل، واكتساب مهارات وخبرات متقدمة تساهم فى رفع مستوى الكفاءة والإنتاجية.. كما أن تطوير صناعة محلية قوية لمترو الأنفاق والمونوريل يعزز من قدرة الدولة على التخطيط وتنفيذ مشروعات النقل الحضرى المستقبلية بشكل أكثر استقلالية ومرونة، بما يتناسب مع الاحتياجات المتزايدة للمدن المصرية والتوسع العمرانى المطرد، ويقلل من المخاطر المرتبطة بالاعتماد على موردين خارجيين أو تقلبات الأوضاع الجيوسياسية العالمية. وتجدر الإشارة إلى أن هذه النهضة الصناعية لا تقتصر على الجوانب المادية فحسب، بل تشمل أيضًا تطوير القدرات البحثية والتطويرية فى هذا المجال، وتشجيع الابتكار وتبنى أحدث التقنيات العالمية لتصميم وتصنيع وتشغيل أنظمة مترو الأنفاق والمونوريل بكفاءة وأمان عاليين، وهو ما يساهم فى بناء قاعدة صناعية متينة ومستدامة فى هذا القطاع الحيوي، ويجعل مصر مركزًا إقليميًا واعدًا فى صناعة النقل الحضرى الحديث.. وبذلك تشهد مصر تحولاً صناعياً بارزًا يرتكز على تطوير وتوطين صناعة عربات مترو الأنفاق والقطارات المعلقة، وهو ما يمثل قفزة نوعية فى مسيرة التنمية الشاملة للدولة، فبعد سنوات طويلة من استيراد هذه الوحدات المتحركة بشكل كامل من الخارج، اتجهت الحكومة المصرية نحو تبنى إستراتيجية طموحة تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتى تدريجيًا فى هذا القطاع الحيوي، وتقليل الاعتماد على العملة الصعبة، وتعزيز القدرات الصناعية المحلية، وتوفير فرص عمل مستدامة للشباب المصري.