مازلت أواصل الحديث عن الإستراتيحية الوطنية للتصنيع التى تنتهجها الدولة المصرية وحرص الرئيس عبد الفتاح السيسى على تنميتها من خلال التوجيهات إلى الفريق كامل الوزير نائب رئيس الوزراء ووزير الصناعة والنقل ،الذى قام بدور بالغ الأهمية خلال الفترة الماضية فى هذا الصدد.واليوم أتحدث عن تنمية الصناعات الصغيرة والمتوسطة.
إن اهتمام مصر بهذه الصناعات ليس مجرد خيار اقتصادي، بل هو ضرورة استراتيجية تهدف إلى تحقيق تنمية شاملة ومستدامة. وفى ظل التحديات الاقتصادية العالمية والمحلية، أدركت الحكومة الأهمية القصوى لدور هذه الصناعات فى دفع عجلة الاقتصاد الوطنى وتوفير فرص العمل وتعزيز الابتكار. وعلى مدار السنوات الماضية شهدت مصر تحولًا ملحوظًا فى سياساتها تجاه دعم وتطوير هذا القطاع الحيوي، حيث لم يعد يُنظر إليه فقط كمكمل للاقتصاد الكبير، بل كقوة دافعة أساسية قادرة على إحداث نقلة نوعية فى مختلف القطاعات. هذا الاهتمام المتزايد يأتى مدفوعًا بعدة عوامل أساسية
أولًا: تساهم الصناعات الصغيرة والمتوسطة بشكل كبير فى الناتج المحلى الإجمالي، وتوفر الغالبية العظمى من فرص العمل فى البلاد، مما يساعد فى تقليل معدلات البطالة وتحسين مستويات المعيشة للعديد من الأسر.
ثانيًا: تتمتع هذه الصناعات بمرونة عالية وقدرة على التكيف مع التغيرات الاقتصادية، مما يجعلها أقل عرضة للصدمات مقارنة بالشركات الكبري.
ثالثًا: تلعب دورًا محوريًا فى تعزيز الابتكار وتطوير المنتجات والخدمات الجديدة، حيث تكون بيئة خصبة للأفكار الإبداعية والمشاريع الناشئة. وقد تجلى هذا الاهتمام فى مجموعة من الإجراءات والتشريعات التى اتخذتها الحكومة المصرية، بدءًا من إصدار قوانين تسهل إجراءات تأسيس الشركات وتراخيصها، ووصولًا إلى توفير حزم تحفيزية ودعم مالى من خلال البنوك وصناديق التمويل المتخصصة. على سبيل المثال قدم البنك المركزى المصرى مبادرات لتقديم قروض ميسرة للصناعات الصغيرة والمتوسطة بأسعار فائدة تفضيلية، وهو ما شجع العديد من رواد الأعمال على الدخول فى هذا المجال أو توسيع أعمالهم القائمة. كما تم إنشاء عدد من الهيئات والجهات المعنية بدعم هذه الصناعات، مثل جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، والذى يقدم خدمات متنوعة تشمل التدريب والاستشارات الفنية والمالية. بالإضافة إلى تنظيم المعارض والفعاليات التى تهدف إلى تسويق منتجات هذه الصناعات وفتح أسواق جديدة لها. ولا يقتصر الدعم الحكومى على الجانب المالى والإجرائى فحسب، بل يمتد ليشمل الجوانب الفنية والتقنية، حيث يتم توفير برامج تدريب متخصصة لرفع كفاءة العمالة وتأهيلها للتعامل مع أحدث التقنيات وأساليب الإنتاج. كما تعمل الحكومة على تعزيز مفهوم الشمول المالي، وتشجيع رواد الأعمال على الاستفادة من الخدمات المصرفية والرقمية، مما يساهم فى دمجهم بشكل أكبر فى الاقتصاد الرسمى ويقلل من حجم الاقتصاد غير الرسمي. ومع ذلك لا تزال هناك تحديات تواجه الصناعات الصغيرة والمتوسطة فى مصر، مثل صعوبة الحصول على التمويل الكافى لبعض المشاريع، وتحديات التسويق والوصول إلى الأسواق العالمية.. ولكن على الرغم من هذه التحديات، فإن الاهتمام الحكومى المتزايد، والدعم المستمر من المؤسسات المالية والدولية، بالإضافة إلى الوعى المتزايد بأهمية هذا القطاع، يبشر بمستقبل واعد للصناعات الصغيرة والمتوسطة فى مصر، ويجعلها ركيزة أساسية لتحقيق النمو الاقتصادى الشامل والعدالة الاجتماعية. إن استمرارية هذا الدعم وتطويره بما يتماشى مع المستجدات الاقتصادية والتكنولوجية سيكون له أثر بالغ فى تحقيق رؤية مصر للتنمية المستدامة 2030، وبناء اقتصاد قوى ومتنوع قادر على المنافسة عالميًا.
وللحديث بقية