نواصل الحديث اليوم عن قضية التصنيع الزراعى او تحديدا الاستراتيجية الوطنية للتصنيع الزراعي، والحقيقة ان هناك اهتماما كبيرا من الدولة المصرية لهذه القضية، لأنها تمس بالدرجة الأولى انشاء العديد من المشروعات الصغيرة أو المتناهية الصغر فى الريف المصرى والتى لها عائد كبير على دخل المواطن. فالمادة 152ولائحته التنفيذية من قانون الاستثمار تضمن تعريفاً موحداً للمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر،اضافة الى ان المادة 127 من الدستور تقضى بتوفير الحياة الكريمة لكل مواطن، ولأن هدف الدولة المصرية بعد ثوره 30 يونيو هو توفير هذه الحياة الكريمة لكل مواطن مصرى فانها حريصه كل الحرص على فكرة التصنيع الزراعي، ووضعت لها استراتيجية غاية فى الأهمية. ومعروف أن الفترة الماضية قد تأثرت البلاد تأثيرا كبيرا بسبب الحرب الروسية ــ الاوكرانية وبسبب الحرب الاسرائيلية البشعة على غزه وكذلك ارتفاع معدلات التضخم العالمية، كل هذه الأمور كان لها أكبر الأثر فى ضرورة ان تضع الدولة استراتيجية وطنية للتصنيع الزراعي. ومعروف ان هناك دورا مهما لصغار المزارعين فى هذا الشأن. فمثلا هناك من الأهمية بمكان أن يقوم الفلاح بتربية عدد من المواشى تدر عليه الألبان ومن خلالها يتم عملية تصنيع الزبد، اضافة إلى كل أنواع الجبن المختلفة التى تكفى احتياجات هذا الفلاح.
الاهتمام بالتصنيع الزراعي. اضافة إلى التوسع فى زراعة القمح لدرجة أن هناك أنواعا من القمح باتت تدر الآن ما يزيد على 25 اردب للفدان الواحد. إضافة الى ما قامت به الدولة خلال المرحلة الماضية من زراعات القمح التى تعتمد على السقيا من خلال تحلية مياه البحر والتوسع فى زراعة الصحراء. كل هذه الأمور باتت لها دور مهم فى عملية التصنيع الزراعى التى تهتم بها الدولة اهتماما بالغا وواسعا. وفى ظل هذه الاستراتيجية الوطنية للتصنيع الزراعى لابد ان يكون هناك فكر جديد وهو كيف نستغل الصحراء فى زراعة مثلا الزيتون والصبار و اشجار النخيل كما حدث فى توشكي. كل هذه الأمور باتت مهمة جدا فى أن يتم من خلالها صناعات سواء متوسطة أو صغيرة أو متناهية الصغر. ولذلك حرصت الدولة المصرية على اتباع سياسة زراعية رشيدة من خلال التوسع فى زراعة النخيل وعلى هذه الزراعة يتم تعبئة كل انواع التمور للاحتياجات المحلية.
ثم كانت هناك ضمن استراتيجيه تطوير الزراعة المصرية القيام بزراعة القطن قصير التيلة حتى تستفيد منه المصانع ويتم تقليل الاستيراد من الغزول التى تحتاجها هذه المصانع، اضافة إلى ان ذلك يدر عائدا وفيرا من العملات الأجنبية التى تحتاجها البلاد بشدة خلال هذه المرحلة. أيضا ضمن هذه الاستراتيجية الاهتمام بالتصنيع الزراعى القائم على الفواكة والخضراوات الطازجة من خلال انشاء الثلاجات المطلوبة فمثلا يتم القيام بانشاء مصانع لانتاج الصلصة من الطماطم والكمبوند من الفواكة وتصنيع وتكثيف البصل. ومعروف ان البصل هو من اجود انواع البصل عالميا وتقوم الدولة المصرية بتصدير هذه المنتجات .
المعروف أن التصنيع المستدام يقوم بدور أساسى فى تسريع وتيرة النمو الاقتصادى والتنمية الاجتماعية.. كما إن التصنيع يعيد توزيع العمالة والموارد الأخرى من أنشطة كثيفة العمالة وأقل إنتاجا إلى أنشطة كثيفة التكنولوجيا وبرأس مال أكبر، كما يقدم فرصاً كبيرة لإضافة قيمة أكبر محلياً من خلال إدخال أنشطة المرحلة النهائية من سلاسل القيمة العالمية.
وغالباً ما تعزى الفروقات فى مستويات المعيشة بين البلدان المختلفة إلى واقع أن البلدان النامية توظف نسبة كبيرة من القوى العاملة لديها فى قطاع الزراعة.
وقد ثبت أهمية زيادة نسبة الأعمال الزراعية فى إجمالى الناتج المحلي. وعليه، فمع ارتفاع الدخل تصبح الأعمال الزراعية أكثر أهمية فى الاقتصاد الوطني. كما أن توسيع نطاق الصناعات الزراعية والخدمات ذات الصلة قد يكون أفضل سيناريو للزراعة لتساهم على نحو أفضل فى تنمية البلاد وتوفير الأمن الغذائي.
إضافة إلى جهود إبراز أهمية الصناعات الزراعية كمحرك مهم للتنمية الزراعية والاقتصادية، التى تضمن بيئة أعمال مشجعة على نحو أكبر وطلب متزايد على الأغذية المُصنعة محلياً ابراز دور القطاع الخاص الذى يستثمر فى الصناعات الزراعية ومشروعات أخري؛ والتحسينات التكنولوجية. من المعتاد فى أغلب الأحيان أن يستغل رواد الأعمال الذين يعملون على نطاق متوسط أو كبير فرص الأعمال الزراعية، مما يبرز أهمية السياسات التى تناقش قضايا الاستدامة والشمولية.