هنا القاهرة.. جملة من كلمتين.. أوقفت الأنفاس وطارت القلوب من الصدور.. وتسارعت نبضاتها وعلت علامات الخوف والقلق والإستفهام الوجوه وتاهت العقول خوفا من المجهول وتسآلت الألسنة.. فمصر مازالت تعيش آثار نكسة 67.. تسمرت الأقدام أمام المقاهى والمحلات للإنصات إلى الراديو الذى لا يتوافر فى الكثير من بيوت المصريين ولم يكن لأجهزة التليفزيون انتشار.. حتى قال المذيع جاءنا البيان التالى من القيادة العامة للقوات المسلحة.. قام العدو فى الواحدة والنصف من بعد ظهر اليوم بمهاجمة قواتنا فى منطقتى الزعفرانة والسخنة بواسطة عدة تشكيلات من قواته الجوية من الساحل الغربى من الخليج.. تقوم قواتنا حاليا بالتصدى للقوات المغيرة.. هنا القاهرة.. ويزداد القلق والخوف والريبة وترتفع أكف الضراعة تدعو فى نهار السادس من أكتوبر.. العاشر من رمضان لمصر ولجنودنا البواسل بالنصر.. إلى أن توالت البيانات التى تؤكد أنها حرب الخلاص وإزاحة الإنكسار.. فتهللت الوجوه واكتستها الفرحة والفخر والعزة والكرامة والزهو.. وامتلأت الميادين بالشعب وازدحمت الشوارع والحوارى والأزقة وارتفعت الهتافات «الله أكبر».. وتناول معظم أهل مصر طعام الإفطار فى الشوارع فرحا وزهوا.
وتظهر بوادر النصر العظيم وتتوالى البيانات العسكرية لتؤكد أنه العبور الى الخلاص.. وتم تدمير خط بارليف المنيع ودك حصون العدو الذى لايقهر.. إنه يوم النصر الذى مر عليه عام بعد النصف قرن.. إنها حرب أكتوبر التى كانت وستظل ملحمة وطنية أظهرت القيم السامية والمباديء الوطنية والأخلاقية حينما تلاحم الشعب مع قيادته السياسية.. والجبهة الداخلية مع الجيش.. وتكاتف الجميع وتناغم وانصهر ليكون الجميع رجلا واحدا أمام العدو فكان النصر المستحق.. ويؤكد أنه إذا كانت إسرائيل قد هزمتنا فى 67 فى ستة أيام.. فقد دمرناها فى ست ساعات.. إنها روح التحدى والإرادة المصرية التى نحتاجها اليوم أكثر من أى وقت مضى والمخاطر تحيط بنا شمالا وجنوبا.. وشرقا وغربا.. فى وقت لانعلم فيه من ضد من ومن مع من.. وقت علت فيه المصالح على الأخلاق.. والنفاق على الوطنية.. نريد الآن روح أكتوبر ليكون لنا عبور جديد وإنتصار فى كافة المجالات عسكريا وإقتصاديا وإجتماعيا وأخلاقيا للإرتقاء بمصرنا حبيبة والعبور نحو مستقبل مشرق فى ظل التنمية الشاملة التى يقودها الرئيس عبدالفتاح السيسى برؤية ثاقبة لكى تكون مصرنا الحبية قادرة على مواجهة التحديات.
ما أحوجنا اليوم لروح حرب أكتوبر حتى يكون لدينا وعى ودراية ومعرفة وإدراك بما يدور حولنا من إشكاليات ومغالطات وتدخلات وتزييف للحقائق وتحريف للواقع والترويج للغامض والمبهم والناقص والمزيف.. ما أحوجنا اليوم لروح أكتوبر ونتناغم جميعا ونلتف حول قائدنا الذى حمل على عاتقه حملا ثقيلا لعودة الريادة لمصرنا الحبيبة ومجابهة كل التحديات.. ما أحوجنا لروح أكتوبر لتظهر وتعلو وتسموا الأخلاق الرفيعة بين المصريين فلم نسمع اثناء الحرب عن حادث سرقة أو إغتصاب أو ما شابه ذلك.. ماأحوجنا اليوم لعبورا جديد حتى نكون قادرين على التصدى لمحاولات تزييف الوعى وتشويشه.. وحتى تكون مصرنا الغالية «أد الدنيا».