هل استطاعت الاذاعة المصرية ان تساهم فى صناعة تاريخنا ؟ نعم ،استطاعت بعد ثورة يوليو،وبعدها من خلال احداث مهمة جعلت البث الاذاعى هو الشفرة التى ينتظرها الناس فى مصر والعالم العربى لمعرفة ما يدور حولهم ،وما ينتظرهم ،وكيف يتخلصون من إرث استعمارى مقيت ،عن تاريخ الاذاعة المصرية ،وأسرار لم تذكر فيه وان عرفها الكل بعد ذلك ،صدر كتاب الاذاعة المصرية،حكايات واسرار وصناعة التاريخ للكاتبة الصحفية سها سعيد صاحبة مشروع الحفاظ على تراث ماسبيروالكبير،والتى صدر لهاضمنه اربعة كتب عن نجوم التليفزيون المصرى ،وفيها حاورت اغلب نجوم الإعلام التليفزيونى الكبار فى التقديم والإخراج والإعداد والإدارة ،وابقت على منجزاتهم وإبداعاتهم للتاريخ وهو ما استحقت عنه جائزة الدولة التشجيعية فى العام الماضى ،واتجهت الى تاريخ الاذاعة لتقدم هذا الكتاب الذى يطرح علينا بعد صفحات المقدمة وكيف أنشأت الاذاعة المصرية عام1934بعد سنوات من ظهور إذاعات أهلية ،اصحابها كانوا غالبا تجارا يروجون لبضاعتهم عن طريقها ، ومع تزايد تجاوزاتها الأخلاقية والأمنية عام 1926،صدر مرسوم ملكى يحدد شروط وضوابط العمل الاذاعى ،ومنها الحصول على ترخيص لاول مرة ! ،وبعدها اعطت الحكومة لشركة ماركونى مهمة تشغيل الاذاعة عام 1934،وان تكون الحكومة هى المحتكرة للاذاعة ،وألغيت الاذاعات الخاصة ،وشهدت هذه المرحلة انتقال الأشراف على الاذاعة بين وزارات متعددة كالمواصلات والشؤون الاجتماعية والداخلية ،الى ان اصبحت تحت إشراف وزارة الإرشاد القومى فى نهايةعام1952 ،وبعد ستة سنوات كاملة (فبراير1958) اصبحت الاذاعة مستقلة ،اى مؤسسة عامة ذات شخصية اعتبارية ،والحقت برئاسة الجمهورية،لتتغيرتبعيتها،واسمها ،بعد ثلاث سنوات فقط (عام 1961) وتصبح المؤسسة المصرية العامة للإذاعة والتليفزيون ،وذلك بعد ان بدأ التليفزيون فى مصر عام 1960 .
ماذا تقول الحكومة ؟
كانت مفاجأة الاذاعى فهمى عمر كبيرة حين وصل الى مقر الاذاعة صباحا ليجد العربات المصفحة والدبابات تحاصرها،وحين صعد الى الاستديو ليبدأ البرنامج اليومى بنشرة اخبار الصباح وجد مجموعة ضباط وجنود يتوسطهم انور السادات الذى استقبله ببسمة هادئة طالبا الإدلاء ببيانات حين يبدأ الإرسال فى السابعة والنصف ،فوافق ،وبدأ فهمى عمر النشرة هكذا هذه اولى نشرات اخبار اليوم نستهلّها ببيان من القيادة العامة للقواتالمسلحة،يلقيها مندوب القيادة،وبناء على رغبته ،لا يقول اسمه وخرج صوت السادات يلقى البيان الاول لثورة 23يوليو فى يوم أربعاء من خلال الاذاعة المصرية ،،والتى تعتبر من اكثر الاذاعات الشاهدة على احداث كبري،ومنها النضال ضد الاستعمار وقتها فى اليمن وليبيا والجزائر،وللدرجة التى استدعت وجود محطة خاصة لاجل مساندة الكفاح العربى من خلال دراسة قدمتها جهات عربية. تطالب بهذا وهو سبب إنشاء إذاعة صوت العرب ) عام١٩٥٣) والتى اصبحت إذاعة كل العرب وفاق تأثيرها كل الحدود ومن اهم مايذكره الكتاب هنا قصة الاذاعى الشهير احمد سعيد ،رئيس صوت العرب ،والذى ظلم ،واتهم بأنه كان سببا فى نكسةيونيو بسبب البيانات التى كان يقدمها ،والتى اتضح كذبها ،وهوما أهال التراب على كل ما قدمه ،وحمله مسئولية الهزيمة ، وهذا الجزء تحديدا يستحق كل التقدير للكاتبة ،وايضاً يقدم الكتاب صفحات هامة عن احداث مايو 1971 ،وما سمى (ثورة التصحيح ) تعرض مجموعة من العاملين بالإذاعة والتليفزيون بالتوقيف ،والنقل الى مؤسسات اخرى فى الدولة،اسماء مهمة مثل جلال معوض ومحمد عروق وعبد الوهاب قتاية وعباس متولى وغيرهم ،واحداث اخرى طالت إذاعيين غيرهم بعد تولى السادات الحكم ،واحداث قبلها تخص تغطيات الاذاعة لمواكب استقبال الرئيس عبد الناصر لرؤساء الدول القادمين لزيارة مصر ،او مواكب الاحتفالات القومية ، وكان عبد الناصر حريصا على ان تكون سيارة الاذاعة الخارجية قريبة جدا من سيارته حتى تنقل الجو العام للهتافات وكانت المشكلة هى صعوبة متابعة حركة سيارة الرئيس باجهزة ومعدات وعربة محدودة الحركة ،وايضا عدد محدود من المذيعين القادرين على تغطية هذه المواكبً،ويتعرض الكتاب ايضا لذكريات المذيعين الذين كأنو شهودا على بعض الاحداث الهامة مثل الاذاعى محمد مرعى الذى غطى الزيارة الوحيدة للرئيس ناصر لليمن ،وكان هناك لتدريب الإذاعيين اليمنيين،وتغطيات الهجوم الاسرائيلى على مصنع ابو زعبل وقتل 70عاملا مصريا ،وتغطيات رحيل عبد الناصر ،وقبل أثناء حرب وانتصارات اكتوبر بدأت التغطيات مبكرا وقادها رئيس الاذاعة وقتها محمد محمود شعبان ومعه صالح مهران وعبد الوهاب محمود،وساهم حمدى الكنيسى كمحرر عسكرى فى تقديم صور مهمة عن المعركة كمراسل حربى ،كما أنتجت الاذاعة عددكبير من الاغانى والأناشيد الوطنية بداية من وصباح الخير يا سينا الى وانا على الربابة بغنى وتبقى للإذاعة وتاريخها صفحات اخرى نكملها فى الإسبوع القادم .