العنصر البشرى هو أغلى ما تمتلكه الأمم والشعوب من ثروات. فالبشر هم أدوات التنمية ووسائلها وغاياتها.. إنهم السواعد المحققة لأهداف المنظمات، وبفكرهم وعطائهم العملى تنهض الأمم . وعلى ذلك فإن الاهتمام بالإنسان وبناء البشر فى هذه الآونة والذى يمثل هدفا استراتيجيا للدولة، يتطلب البحث عن كل السبل المؤدية إلى تحقيق هذا الهدف الاسمى . فالإدارة بالحب تقوم على أساس التعامل مع الآخرين وفق روح إيجابية تتسم بالتراحم والمودة، مع النظر الى التعاون المنشود بين أعضاء فريق العمل كى يكمل بعضهم بعضا وبما يشكل فى النهاية اكتمال منظومة العمل المستهدفة. وللإدارة بالحب فوائد كثيرة تضمن الألفة بين الآخرين، ونبذ الاختلافات والتركيز على الإيجابيات وتثمين الإنجازات، مع احتواء السلبيات والتجاوز عنها، والنظر فى كل الأحوال إلى النتائج المحققة على أرض الواقع إن الإدارة بالحب هى فن من فنون الإدارة.. ومن أهمها ضرورة التواصل الدائم والمستمر بين القيادات والعاملين من خلال كل ادوات وقنوات الاتصال الفعال.
ولا شك أن حجر الزاوية فى نجاح نظام الإدارة بالحب.. هو بناء منظومة القيم من خلال نشر مبادئ أخلاقيات العمل والتعامل على أساس من الود والتعاون وإدراك المصلحة العامة للمؤسسات والدفاع عنها.. مع استنهاض همم الأفراد وما لديهم من استعدادات طيبة للعمل والبناء والعطاء ودون التفرقة بينهم إلا وفقا لإسهاماتهم فى العمل.
إن الواقع الحالى يحتاج الى بناء سلام اجتماعى وظيفى داخل المؤسسات والمنظمات حتى يمكن تحجيم الصراعات ومواجهة الانقسامات ودرء الخلافات والصدامات بين شركاء العمل والمسئولين ويمكن تحقيق ذلك من خلال أسلوب الإدارة بالحب الذى يحقق الانتماء للمنظمة باعتباره أبرز حوافز الأداء الجيد.
وتقوم فلسفة الإدارة بالحب على مجموعة من المعايير والقيم التى تتكامل فيما بينها لتشكل معايير الأداء وضبط السلوك المؤسسى وحل المشكلات وكيفية اتخاذ القرارات على أن تكون رسالة المؤسسة محددة الأهداف والغايات فتسعى للعمل على تلبية كافة احتياجات الأفراد العاملين بها لتحقيق التكيف والرضا.
والقيادة بالحب هى مزيج من التأثير والمقدرة على الإقناع والتواصل الفعّال مع العاملين لتنسيق جهودهم، وإثارة دافعيتهم، وشحن طاقاتهم باستمرار لتحقيق أهداف المنظمة بطواعية ومحبة ولا يمكن القول بإن القيادة ينبغى أن تكون بالقوة ومصدرها سلطة القائد الرسمية لان هذا النوع من القيادة لا يلبّى الحاجات والمتطلبات فى ظل التقدم المعرفى والتكنولوجى ولكن القيادة تنبع من مرونة الشخصية وقوتها فى أن واحد إن السمة الأساسية للعصر الحالى هى التغيير المستمر والتطور المستمر فى المناحى الحياتية المختلفة، والإدارة الناجحة والمعاصرة لا تمارس الركون إلى أساليب جامدة وسياسات ثابتة ونظم أعمال نمطية، وإنما تنتقل إلى الأنماط التنظيمية المرنة والمتطورة والمتفاعلة . وهذه الطبيعة الجديدة للإدارة المعاصرة تؤكد حقيقة واضحة وهى أن إدارة اليوم أصبحت فى المقام الأول أداة لإحداث التغيير فى المؤسسات المختلفة سواء الحكومية أم الخاصة أم الاهلية.
وبما إن القيادة بالحب تشبه فطرة الأمومة، والتى تركز على أهمية تعزيز الأبعاد الاجتماعية والقيم الثقافية للمؤسسات من أجل صيانة رأس المال الاجتماعى فإنها تمثّل النمط القيادى المنشود والمنتظر فى جميع المؤسسات التى تحمل راية التغيير والتطوير بهدف إصلاح وتطوير باقى المؤسسات فى المجتمع . إن جوهر القيادة بالحب ما هو إلا العطاء المستمر غير المشروط، والذى يشبه عطاء الأم الحنون التى لا تكلّ ولا تمل من العطاء لأطفالها من نعومة أظافرهم حتى المشيب دون أن تأمل بالمقابل منهم لأن القائد الذى يمارس قيادته بالحب لا يتوقف عن العطاء والدعم للعاملين لديهم فيكسب حبهم وثقتهم وولائهم وطاقاتهم ، كما أن القائد الرائد هو من يستطيع أن يضبط إيقاع الحب فى منظمته، ويترجمه إلى سلوك أخلاقى ليصبح قدوة حقيقية يحتذى بها فى منظمته ومجتمعه.
كما أن القيادة بالحب تشبه الأمومة، فى انها لا تخلو من المرارة والألم، فنبل الرسالة وعظمة النتائج تدفعان الأم إلى المزيد من التضحية وإنكار الذات دون يأس أو كلل فرغم أن الأم تفيض بالدفء والعاطفة، إلا أنّ فطرة الأمومة تمتلئ بالحكمة والعدل والمساواة، فهى تقيم توازن ا دقيق ا بين العقل والعاطفة، لأن هذا التوازن هو السبيل الوحيد لترشيد القرارات.
ومن هنا فإننى اؤكد ان الإدارة بالحب فلسفة عمل ونموذج أداء نحتاج إليه فى كل مجالات الحياة بدءاً من إدارة العلاقات داخل الاسرة الواحدة والقدرة على التعامل مع الآخرين فى المجتمع فى ضوء التناقضات المجتمعية المختلفة ثم إدارة المنظمات والكيانات الحكومية والخاصة والأهلية فى إطار من الود والحب والتعاون الذى يعود فى النهاية بمردود إيجابى واسع المدى على كافة مناحى الحياة المجتمعية.. وحسنا ما فعلته الحكومة مؤخراً من استحداث منصب نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية متمنيا ان يكون لذلك دور فاعل فى الارتقاء بالاداء.
حفظ الله مصرنا الحبيبة
حما شعبها العظيم وقائدها الحكيم