تثير قضية الحبس الاحتياطى جدلاً واسعاً منذ سنوات وسط نشاط مكثف للحكومة لمناقشة 65 قانوناً جديداً من بينهما 34 قانوناً سيتم ارسالها لمجلس النواب خلال الأسابيع المقبلة، فى مقدمتها قانون الإجراءات الجنائية، عقب الانتهاء من تعديلاته خصوصاً مواد «الحبس الاحتياطي» التى انتهى الحوار الوطنى من التوافق عليها، إذ إن قانون الإجراءات الجنائية الحالى صدر عام 1950 ولم يتم تعديله أو تغييره منذ 74 عاماً رغم الصعوبات والتحديات التى شهدتها مصر خلال هذه السنوات الصعبة والتى ألقت بظلالها على أبناء مصر التى واجهت حرباً ضروساً من التنظيمات الإرهابية الساعية لإسقاط الدولة ونشر الفوضي، ولذا حان الوقت لصياغة قانون جديد يليق بكفاح المصريين خلال هذه السنوات وجاءت مسودة القانون الجديد فى 540 مادة من ضمنها باب الحبس الاحتياطى الذى نال اهتمام الجميع خصوصاً الساعين إلى إقامة مجتمع يحترم حقوق الإنسان، إذ جرى إدخال عدة تعديلات بالقانون، منها خفض مدد الحبس الاحتياطى وإقرار تعويض للحبس الاحتياطي، ونوقش الأمر بالحوار الوطنى وتم إصدار عدة توصيات وأحيلت إلى الحكومة ومجلس النواب للعمل بها فى مشروع القانون الجديد الذى يستعد مجلس النواب لمناقشته فور انعقاده المقبل.
وأرى أن سرعة تنفيذ الإجراءات اللازمة لتفعيل توصيات الحوار الوطنى بشأن ملف الحبس الاحتياطى والعدالة الجنائية، يؤكد أهمية اقرار نظام قضائى ناجز وعادل من شأنه تفعيل الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان من خلال إقرار قانون جديد يقلل مدد الحبس الاحتياطى وتنظيم التعويض عنه، وإلغاء الباب الخاص بالإكراه البدنى واستبداله بإلزام المحكوم عليه بأداء أعمال بالمنفعة العامة بما يتفق مع مواد الدستور المصرى والاتفاقيات الدولية، خصوصاً أن «الإجراءات الجنائية الجديد» جاء استجابة لمطالب القوى السياسية فى مصر، من بينها أحزاب دعت إلى تعديل التشريع لذى لم يتم تغييره منذ قرابة 74 عاماً.
ويعتبر أهم ما تضمنته مواد القانون الجديد خفض مدد الحبس الاحتياطى وتنظيم التعويض عنه، وتأتى أهمية إعداد تشريع جديد لقانون الإجراءات الجنائية، إنه يعد بمثابة دستور ثان منظم للحقوق والحريات العامة فى مصر، إذ إن القانون الحالى صدرخلال النظام الملكى لمصر وفقاً لدستور 1923، فى حين أن مصر أقرت دستوراً جديداً عام 2014 منح العديد من الامتيازات والحقوق للمواطنين كان يجب تنظيمها فى قانون الإجراءات الجنائية، ويتسق مع المواثيق الدولية والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.
وأقول لكم، إن مواد القانون الجديد دعت إلى حماية حقوق المرأة من خلال عدم تنفيذ أحكام الإعدام على المرضعة أو الحامل حتى يبلغ الصغير عامين، علاوة على تنظيم حقوق ذوى الهمم خلال مراحل التحقيق أو المحاكمة، سواء إذا كان متهماً أو مجنياً عليه، إضافة إلى إلغاء باب الإكراه البدنى واستبداله بأداء أعمال للمنفعة العامة، كما تم استحداث باب كامل متعلق بالتعاون القضائى الدولى فى الأمور الجنائية، وإقرار مبدأ لا محاكمة من غير محام فى جميع مراحل التحقيق والمحاكمة، وهو ما اتفق عليه المشاركون فى الحوار من حقوقيين وسياسيين حريصين على وضع نهاية لهذا الملف.