هو رئيس وزراء المجر «هنجاريا» الذى استطاع أن يدير شئون بلاده بمهارة فائقة وسط الأعاصير والأنواء التى غيَّرت كل المعادلات الجيوسياسية التقليدية، ويقود تحالفاً سياسياً قد يعيد رسم الخريطة السياسية فى القارة العجوز، فى الثلاثين من يونيه وقف الرجل وسط العاصمة النمساوية فيينا ليعلن عن تشكيل تجمع سياسى يمينى متشدد فى البرلمان الأوروبى اسماه «الوطنيين من أجل أوروبا» كان الحضور من الشعبويين اليمينيين من النمسا وجمهورية التشيك، حيث أعلن أوربان عن مكونات وأهداف التحالف السياسى الجديد الذى يضم معظم أراضى امبراطورية هابسبورج السابقة والتى كانت تضم النمسا والتشيك والمجر وسلوفاكيا وسلوفينيا وغيرها، قال الزعيم المجرى «نحن ننشئ تشكيلاً سياسياً سينطلق بأقصى سرعة والسماء هى الحد الأقصى لطموحاتنا» فى مطلع هدا الشهر تسلمت المجر الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبى مما آثار حفيظة ومخاوف الأوروبيين من توجهات أوربان اليمينية المتشددة فى قضايا المهاجرين والتى يتعامل معها بشدة ولا يقبل فيها الجدل، وفى الأسبوع الأول من رئاسة أوربان للاتحاد الأوربى انطلق بطائراته الرئاسية التى تحمل علم الاتحاد الأوروبى إلى أوكرانيا لإجراء مباحثات مع زيلينسكى حول خطة سلام مقترحة من أوربان شخصيا ولا يعرف احد تفاصيلها، غادر الرجل كييف وفوجئ العالم بأن طائرته التى حملت علم هنجاريا هذه المرة حطت فى موسكو واستقبله حليفه المقرب بوتين وأجريت مباحثات لا يعلم أحد ما دار فيها، غادر مجدداً موسكو وحطت طائرته فى الصين حيث استقبال حافل اجرى له واستقبله الرئيس شى ودارت مباحثات معمقة حول أوكرانيا وخطة السبانخ التى لا يعلم تفاصيلها وفحواها إلا أوربان فقط، كنت أتابع هذه التحركات من واشنطن العاصمة الأمريكية والتى ذهبت إليها لحضور وتغطية اجتماعات حلف الناتو، لفت انتباهى هذا الاهتمام الذى بدأ أمامى مفرطاً بتحركات وتصريحات الزعيم المجرى، فعلى مستوى وسائل الإعلام الغربية وكذلك المستويات السياسية باتت تحركات الرجل موضع اهتمام مشوب بالشكوك العميقة، يتساءل البعض ماذا حدث بينه وبين كل من بوتين وشى وماذا حمل معه من أفكار منذ خرج من بودابست إلى أوكرانيا ثم روسيا ثم الصين ثم بماذا عاد من ردود على أفكاره؟ وأخيراً وصل الزعيم المجرى إلى واشنطن للمشاركة فى اجتماعات الناتو التى صممت ونفذت لدعم أوكرانيا والهجوم على الصين وشيطنة بوتين وترقب نتيجة الانتخابات الأمريكية خوفاً من عودة ترامب مجدداً، لكن أوربان كان له رأى ورؤية مختلفة، فقد انتهت مشاركته فى واشنطن وانطلق بطائرته الرئاسية إلى كاليفورنيا للقاء حليفه ترامب، وهنا اتضحت الدائرة التى رسمها فيكتور أوربان، حيث صرح لى مسئول كبير فى الولايات المتحدة بأن أوربان يحمل خطة سلام لإيقاف الحرب وإجراء تسوية بين موسكو وكييف برعاية وشراكة صينية وعرضها على ترامب ليتم إعلانها عقب وصول الأخير إلى البيت الأبيض فى يناير من العام القادم، بيد أن متابعة تحركات وتصريحات الزعيم المجرى يمكن أن تقودنا إلى قراءة دقيقة لمستقبل القارة الأوروبية وسط هذه الكتل الضبابية غير المسبوقة.