فى كثير من الأحيان يخرج علينا البعض وخاصة على السوشيال ميديا متنمرين على بعض الوزراء أو المحافظين، كأن يتنمرون على وزير لم يحصل على دكتوراه أو وزير آخر يتولى حقيبة وزارية فى غير تخصصه شاغلين أنفسهم وأوقاتهم فى مثل هذه التراهات التى لا تسمن ولا تغنى من جوع فى حين أن هؤلاء الوزراء قد يكون لديهم «كاريزما» فى الادارة والحسم من خلال الاستعانة بمساعدين متخصصين فى مجال الوزارة التى يترأسها هذا العضو قد يكون فى الاقتصاد أو التعليم أو الصحة وغير ذلك من المناصب القيادية.
لماذا ينشغل المجتمع بمثل هذه الأمور تاركين انجاز من يتنمرون عليهم، هل هذا شغل لفراغ، أم أن هذا تثبيط للهمم أم ماذا.. أظن أن الانشغال بالعمل وزيادة الانتاج أهم من التنمر على خلق الله.
ليس من الضرورى أن يكون المؤهل الدراسى عاملاً من عوامل التفوق فى التخصص أو الادارة.. وكم من أشخاص لم يلتحقوا بالتعليم أو نالوا منه قسطاً يسيراً وحصلوا على أعلى المناصب بل والجوائز التى لم يحصل عليها كثير ممن حصلوا على الرتب والشهادات العلمية.
الحكومة الألمانية الجديدة نصفها من السيدات.. ومن الطرافة أن جزاراً يحمل حقيبة وزارة الزراعة، وكيميائية للاقتصاد، ومحامية للصحة، وباحث فى علم الاجتماع للداخلية، ورجل أعمال يحمل دكتوراة للرقمنة وتحديث الدولة، ولاجئة عراقية وزيرة للتعاون الاقتصادى.. من يفتش ويقرأ يجد أن عشر سيدات حملن حقائب وزارات مهمة فى بلادهن مثل الهند وهولندا وسيريلانكا وجنوب إفريقيا وكينيا وألبانيا والنرويج وألمانيا وإيطاليا وفرنسا.
غالباً ما ترتبط الثقافة والابداع بالتعليم الجيد فى كل مجالات الحياة.. ومعنى أن قلة قليلة لم تنل حظها الوافر من التعليم وقد حققت إبداعاً وانتاجاً وفيراً فى الآداب والفنون وغير ذلك ، وعلينا أن ننفق على التعليم أعلى الميزانيات ومعه الصحة لأنهما أساس التقدم والرقى للشعب وها نحن فى الطريق.
كثير منا يعتقد أن من لم يتلق تعليمه بالمدارس هو شخص فاشل إلا أن هناك نماذج واقعية أثبتت ضيق أفق هذا الاعتقاد فبيننا الكثيرمن المبدعين والكتاب والشعراء العظام الذين تركوا التعليم طواعية أو لظروف قهرية إلا أنهم أثبتوا لأنفسهم وللعالم أن الدراسة النظامية ليست حاجزاً يقف بينهم وبين الابداع فعلى سبيل المثال لا الحصر.. عباس العقاد.. مؤهلاته الابتدائية ومع ذلك تجاوزت مؤلفاته 100 كتاب إضافة إلى آلاف المقالات فى مختلف الصحف والمجلات وله 9 دواوين ويعد أشهر من أسس مدرسة الديوان ومنحه الرئيس عبدالناصر جائزة الدولة التقديرية ولم يتسلمها كما رفض الدكتوراه الفخرية من جامعة القاهرة.
مصطفى صادق الرافعى حصل على الابتدائية ورغم مرضه الذى أفقده سمعه إلا أنه حمل لواء الأصالة فى الأدب، أحمد فؤاد نجم لم يحصل على شهادات وأصبح من أبرز شعراء العامية وفاز بجائزة «الأمير كلاوس» الهولاندية وهى من أرقى الجوائز فى العالم وإبراهيم أصلان من بوسطجى إلى جائزة الدولة التقديرية وخيرى شلبى من عامل تراحيل إلى رائد الفانتازيا التاريخية فى الرواية المعاصرة.
وجمال الغيطانى الحاصل على دبلوم صنايع ولكن عبقريته أوصلته إلى الدولة التقديرية وتدرج فى جريدة أخبار اليوم من مراسل حربى ورئيس للقسم الأدبى ثم رئيساً للتحرير ثم حصل على جائزة الدولة التشجيعية فى الرواية.